الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

وأما الرأي الثاني: - وهو ما ذهب إليه شيخ الشريعة(قده) حيث قال إنَّ المقصود من لا ضرر النهي أي لا تضر[1] .

ولو فسّرنا جملة ( لا ضرار ) بالنهي يعني لا تضر نفسك ولا تضر غيرك وسوف يحصل اتحاد بين لا ضرر وبين لا ضرار ويصير لا ضرار من باب التأكيد، نعم إذا فسّرنا لا ضرار بفعل الاثنين فسوف يصير المعنى أنه لا ضرر يعني لا تضر نفسك ومعنى لا ضرار لا يضر أحدكما الآخر وبالعكس ولا تصير الجملة الثانية تأكيداً للجملة الأولى وإنما يصير لكل واحدةٍ منهما معنىً مستقل.

وحينما فسّر شيخ الشريعة(قده) لا ضرر بالنهي فما هو مقصوده، فهل هو النهي الإلهي؟ الظاهر أنَّ هذا الاحتمال هو مقصوده، فهو نهيٌ ربّاني، فلا ضرر يعني لا تضر، فهو حكم شرعي إلهي، ويوجد احتمال ثانٍ وهو أنَّ لا ضرر هو حكم ولائي سلطاني، يعني هو صادر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس حكما إلهياً فإنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم له سلطة على الأحكام فأصدر هذا الحكم، ويوجد احتمال ثالث وهو أنَّ هذا حكم تكليفي وارشادي كما يظهر من الشيخ الخراساني(قده) في الرسائل حيث يقول إنَّ ذلك مثل ﴿ أوفوا بالعقود﴾ فإنه يجب الوفاء وهذا حكم تكليفي وفي نفس الوقت هو ارشاد إلى اللزوم وهذا حكم وضعي، فهو تكليفي وارشادي معاً، وهنا يحتمل أن يكون الأمر كذلك، يعني يحتمل أنَّ لا ضرر على رأي شيخ الشريعة(قده) هو نهيٌ تكليفي إلهي وقد يكون إرشادياً أيضاً، فهو إرشاد إلى البطلان كما لو كان معاملة مثلاً أو شيء آخر قابل للفساد فهو قابل للبطلان، والأظهر أنَّ مقصوده هو الاحتمال الأول وهو أنه نهي رباني، ولو كان يقصد غير ذلك لبيّنه، فإذاً مقصوده أنَّ معنى لا ضرر هو النهي الرباني التكليفي، فيقصد من لا ضرر يعني لا تضر سواء بالآخرين أو لا تضر بنفسك.


[1] وذكره قبله السيد مير فتّاح الحسيني المراغي صاحب العناوين تلميذ الشيخ موسى آل كاشف الغطاء والشيخ علي كاشف الغطاء.