42/05/04
الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
ثانياً: - سلَّمنا أنَّ حديث لا ضرر حديث نفي لا حديث جبران لكن مع ذلك بإمكاننا الإجابة وذلك بأن نقول إنَّ حق الشفعة حق عقلائي، فإذا كان هناك بيت مشترك بينك وبين شخصٍ آخر وأراد الشريك أن يبيع نصفه فهنا يقول العقلاء إنَّ الشرك الآخر أحق به من غيره، نعم إذا أراد الشريك أن يشتري بسعر أقل فهنا لا حق له أما بالسعر الذي يدفعه الأجنبي لمالكه فالعقلاء هنا يرون أنَّ الشريك أحق به، فإذا أراد أن يبيع للأجنبي أن يبيع للأجنبي ولا يبيع للشريك فالعقلاء يرون أنَّ لصاحب النصف الأول حق الشفعة لأنَّ عدم ثبوت حق الشفعة له فيه ضرر عليه وسلباً لحقه فعلل ثبوت حق الشفعة بلا ضرر، لأن عدم ثبوت حق الشفعة يلزم منه الضرر و( لا ضرر ولا ضرار ).
بقي شيء آخر نعده جواباً ثالثاً ولكن نذكره بعنوان تنبيه على واقع: - وهو أنَّ السيد الخوئي(قده) ذكر ثلاثة احتمالات في حديث عقبة حيث قال إن لا ضرر إما أن يكون راجعاً إلى البيع أو إلى لزوم البيع، ولكن نقول:- إنه لا داعي إلى ذكر هذين الاحتمالين، لأنَّ البيع لم يذكر إلى جنب لا ضرر وكذلك لزوم البيع لم يذكر إلى جنب لا ضرر وإنما ذكر القضاء بالشفعة، فأنت عليك فقط أن تبين أنَّ لا ضرر لا يصلح أن يكون علّة للحكم بالشفعة فإنَّ لا ضرر حديث نفي بينما حق الشفعة هو حق جابر يجبر الضرر، فإذاً لابد أن تذكر هذا الاحتمال ولا داعي إلى ذكر الاحتمالين الأولين.
البيان الثاني[1] : - إنَّ النسبة بين الشفعة وبين لا ضرر هي نسبة العموم والخصوص من وجه ومادام الأمر كذلك فلا يصح تعليل أحدهما بالآخر، فقد يفترض أنه في موردٍ يتضرر الشريك ببيع شريكه حصته ولا تثبت شفعة لشريكه الآخر، وقد تثبت الشفعة من دون تضرر الشريك، وقد يجتمعان، أما الأول فهو يحصل في حالة تعد الشركاء لأنَّ شرط ثبوت الشفعة اثنينية الشركاء أما إذا زاد الشركاء عن اثنين فلا يثبت حق الشفعة، يعني أنَّ الملك أمره دائر بين شريكين لا أكثر، فإذا افترضنا تعدد الشركاء وكان بعضهم يتضرر ببيع الشريك البائع ولكن حق الشفعة ليس موجوداً لفرض تعدد الشركاء، وقد لا يوجد ضرر ولكن مع ذلك حق الشفعة ثابت، كما إذا فرض أنَّ الشخص الجديد الذي يشتري حصة الشريك هو من أحد الأتقياء المؤمنين، وقد يجتمعان كما هي الصورة الغالبة حيث يتضرر الشريك ويثبت حق الشفعة، كما لو كان الشريك الجديد مؤذياً فهنا الضرر موجود من الشريك الجديد وكذلك حق الشفعة موجود أيضاً، فإذاً النسبة هي الخصوص والعموم من وجه، ومعه كيف يعلَّل ثبوت حق الشفعة بـ( لا ضرر ) فإنه لا وجه لتعليله به بعد كون النسبة هي العموم والخصوص من وجه، فإنه في موارد انفكاك الضرر عن الشفعة أو انفكاك الشفعة لا يصلح أن يكون ( لا ضرر ) تعليلاً ومع ذلك الشفعة ثابتة والضرر ليس بثابت، فإذاً لا تستطيع أن تقول إنَّ لا ضرر هي العلَّة لثبوت حق الشفعة.
والجواب: - يمكن أن تكون النكتة ما أشرنا إليه - ويكفينا الاحتمال - من أنَّ نفس بيع الشريك على غير شريكه يولّد حقاً عرفياً اجتماعياً للشريك الآخر في الشفعة، فإذا أرد أحد الشركاء بيع حصته فلابد أن يقول لشريكه إذا أردت حصتي فأنت أولى بشرائها وهذا حق عقلائي أو حق اجتماعي، فإذا باع الشريك حصته إلى الأجنبي ولم يبعها إلى شريكه فقد سلب حقه ونفس سلب الحق هو ضرر، فإذاً يمكن أن تكون النكتة هي هذه ولا معنى للذهاب إلى كون النسبة هي العموم والخصوص من وجه فإنَّ ذلك الكلام لا يأتي بل المهم أنَّ الشريك متى ما أراد أن يبيع حصته فإنَّ العقلاء والمجتمع يرون أن للشريك الآخر الحق في الشفعة، وهذا حق اجتماعي عرفي، أما إذا أراد الشريك بيعه إلى الغير فقد سلب حق شريكه وتولد الضرر عليه، فهذا هو منشأ الضرر، وعليه فلا يأتي ما أفاده السيد الخوئي(قده).
هذا كله بلحاظ حديث لا ضرر مع حديث الشفعة.