الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

ونحن نقول: - هناك ثلاث قضايا تنفع في مقام مناقشة شيخ الشريعة: -

القضية الأولى:- إذا رجعنا إلى وراية عقبة وجدنا فيها:- ( عن عقبة بن خالد عن ابي عبد الله قال:- قضى روسل الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وقال لا ضرر ولا ضرار )، و( قال ) الأولى فاعلها ضمير مستتر رجع إلى الامام الصادق عليه السلام، وأما ( قال ) الثانية ففاعلها فيه احتمالات أربع، الاحتمال الأول أن يكون الفاعل هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، يعني أنَّ فاعل ( قال ) الثانية كفاعل ( قضى )، فقضى رسول الله بالشفعة ين الشركاء وقال يعني رسول الله لا ضرر ولا ضرار، ففاعل قال هو نفس فاعل قضى - والظاهر أنَّ الأمر هكذا - ونفترض وحدة المجلس، يعني في مكان واحد قضى النبي بالشفعة ببين الشركاء وقال في نفس المجلس لا ضرر ولا ضرار، والاحتمال الثاني هو نفس الاحتمال الأول ولكن يوجد اختلاف فيه واحد وهو أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مجلسين ولكن جمع بينهما الامام الصادق عليه السلام من باب أنه أراد أن يستشهد بكلام جده صلى الله عليه وآله وسلم على الشفعة، لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى بالشفعة فأراد الصادق عليه السلام أن يبين من خلال كلام جدّه دليلاً على هذا القضاء بالشفعة فقال ( وقال ) يعني قال جدّي - أي في مجلسٍ آخر - لا ضرر ولا ضرار، والاحتمال الثالث أن يكون فاعل ( وقال لا ضرر ولا ضرار ) هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالاحتمالين الأولين ولكن في مجلسٍ ثانٍ كالاحتمال الثاني ولكن الذي جمع بينهما هم أهل مجامع الحديث كعبادة بن الصامت أو غيره ، والاحتمال الرابع أن يقال إنَّ الحديث الأول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأما الحديث الثاني فهو من الامام الصادق عليه السلام، وفرق هذا الاحتمال عن الاحتمال الثاني أنَّ كلا المقولتين من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الامام الصادق جمع بينهما أما في الاحتمال الرابع أنَّ ( قضى النبي بالشفعة ) هو للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أما ( لا ضرر ولا ضرار ) فقد أتى به الامام الصادق عليه السلام من باب بيان متسند قضاء جده صلّى الله عليه وآله وسلم، فهو ذكره من باب التعليل إلى حكم جده حينما قضى بالشفعة.

وهنا نسأل سؤالان: -

السؤال الأول: - أيّ هذه الاحتمالات ينفع شيخ الشريعة وأيها يضره؟

السؤال الثاني: - أيَّ الاحتمالات هو المناسب ويمكن اختياره؟

أما بالنسبة إلى جواب السؤال الأول: - فأما الاحتمال الأول فهو يضر شيخ الشريعة(قده)، يعني أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أنا أقضي بينكم بالشفعة فإنه لا ضرر ولا ضرار، فهذا قد صدر متصلاً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مجلسٍ واحد وسوف يصير تعليلاً إلى الحكم الأول، فلا يمكن أن نحمله على الحكم التكليفي، وهذا يضر شيخ الشرعية(قده)، وأما الاحتمال الثاني فهو يضر شيخ الشريعة(قده) أيضاً، لأنَّ لا ضرر هنا سوف يصير تعليلاً ولا يمكن حمله على الحكم التكليفي، إذ الحكم الوضعي كيف يعلّل بالحكم التكليفي، وأما الاحتمال الرابع فهو يضر شيخ الشريعة(قده) أيضاً، لأنَّ الامام عليه السلام ذكر ( لا ضرر ولا ضرار ) كشاهدٍ على القضاء بالشفعة ولا يمكن حمله على التكليفي وإلا لا يصلح أن يكون شاهداً ودليلياً على قضاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالشفعة، وأما الاحتمال الثالث فهو ينفع شيخ الشريعة(قده)، لأنَّ ( قضى النبي بالشفعة ) صدر مستقلاً و( وقال لا ضرر ولا ضرار ) صدر منه مستقلاً أيضاً، وسوف لا يلزم تعليل الحكم الوضعي - وهو الشفعة - بالحكم الوضعي حتى يقال لا يجوز ذلك وإنما هذا جمعٌ من قبل مجامع الحديث، وشيخ الشريعة أراد أن يثبت هذا الاحتمال ويؤكد عليه.

وأيّ واحدٍ من هذه الاحتمالات الأربعة هو الظاهر والمناسب؟

والجواب:- الظاهر أنَّ المناسب هو الاحتمال الأول، لأنَّ الاحتمال الثالث الذي ذهب إليه شخ الشريعة مخالف للظاهر - وهو أن نقول إن ( قال ) الثانية هي نفس قال الأولى يعني هي عن النبي ولكن حصل ذلك في مجلسين ولكن جاء أصحاب الحديث وجمعوا بينهما – لأنَّ هذا بحدّ نفسه بقطع النظر عمّا تمسك به شيخ الشريعة هو مخالف للظاهر لقرائن متعددة ستأتي، ولكن أظهر هذه الاحتمالات الأربعة هو الاحتمال الأول، لأنَّ الامام الصادق عليه السلام قال هكذا:- ( عن أبي عبد الله قال:- قضى رسول الله بالشفعة وقال لا ضرر )، فالظاهر أنَّ فاعل قال هو نفس فاعل قضى أي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي مجلس واحد، وإذا لم يكن الظاهر هو الاحتمال الأول فالاحتمال الثاني - يعني في هما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن في مجلسين - ولكن بالتالي الفاعل واحد والمناسب أن يكون في مجلس واحد، فالذي نريد ان ندعيه هو أنَّ دعوى شيخ الشيعة بأن صدور هذين القضاءين في مجلسين وجمع بينهما الرواة يحتاج إلى مثبت، أما أنَّ الامام الصادق عليه السلام هو الذي جمع بينهما فلا لا مشكلة فيه فإنَّ هذه وظيفة الامام الصادق عليه السلام، أما أنَّ الرواة جمعوا بنهما فهذا يحتاج إلى اثبات، والظاهر أنَّ شيخ الشريعة يعترف بذلك ولذلك هو تصدى للإثبات، يعني هو يعترف بأنَّ هذا الاحتمال يحتاج إلى إثبات ولذلك هو ذهب وراء الاثبات وتمسك بقضية مسند أحمد وحديث عُبادة حيث ذكرت الأقضية منفصلة فيما بينها.

والخلاصة التي استفدناها من القضية الأولى: - هي أنَّ الاحتمالات في فاعل ( قال ) الثانية أربعة الثالث منها هو في صالح شيخ الشريعة، وأما الثلاثة الأخرى فهي في صالح الاتجاه المقابل له، وهناك قرائن نثبت من خلالها بطلان الاحتمال الثالث وتمامية أحد الاحتمالات الثلاث الأخرى.