42/04/20
الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
وأما جواب السؤال الثالث: - ففي مقامنا - وهي قاعدة لا ضرر - قد يقال إننا نبني على أصالة عدم الزيادة كما هو المعروف بين الأعلام ولكن لخصوصية في المورد لا نأخذ بها هنا، وذكر الشيخ النائيني(قده) مانعين يمنعان من الأخذ بها في موردنا، وإذا ضممنا إليهما مانعاً آخر تصير الموانع ثلاثة: -
المانع الأول: - نحن وإن بنينا على أصالة عدم الزيادة - من باب أنه من البعيد أنَّ الانسان يغفل فيزيد بخلاف ذلك في النقيصة فإنه يغفل فينقص، لهذا أو لغيره فإن هذا ليس بمهم - ولكن في خصوص مقامنا - وهي قضية سمرة - يوجد ما يحول دون الأخذ بها، وهو أنَّ النقل في جانب النقيصة أكثر من النقل في جانب الزيادة، فإنَّ النقل في جانب الزيادة هو رواية واحدة وهي رواية ابن مسكان، أما في جانب النقيصة فتوجد ثلاث ورايات موثقة ابن بكير عن زرارة ورواية عقبة في باب الشفعة وكذلك رواية عقبة في منع فضل الماء لمنع الكلاء، فيصير النقل من دون ذكر قيد ( على مؤمن ) أرجح لأنه توجد ثلاث نقول في مقابل نقلٍ واحد، فإذاً أصالة عدم الزيادة وإن كنّا نبني عليها ولكن في خصوص المقام لا نبني عليها لوجود المرجّح في جانب النقيصة وهو كثرة النقل بالشكل الذي أوضحناه، قال:- ( وهذا البناء لا يجري فيما إذا تعدد الراوي من جانب مع وحدة الآخر كما في المقام لأنَّ غفلة المتعدد عن سماع كلمة " على مؤمن " في غاية البعد )[1] .
وقد يقال كما قال السيد الشهيد(قده)[2] في ردّ الشيخ النائيني(قده):- نحن لابد أن نلاحظ قصة سمرة، ولا تأتي لنا بروايات أخرى غير قصة سمرة، لأنَّ الناقل لها وهو عبد الله بن مسكان عن زرارة الذي ذكر في روايته قيد ( على مؤمن )، وأنت من ذلك الجانب عليك أن تلاحظ أيضاً الروايات الناقلة لقضية سمرة ولا يوجد عندنا إلا رواية واحدة فاقدة لقيد ( على مؤمن ) وهي موثقة عبد الله بن بكير عن زرارة ، ولا تقل توجد رواية ثانية ناقلة لقضية سمرة وهي رواية الصيقل عن أبي عبيدة الحذّاء فإنَّ هذه الرواية نحذفها من الحساب لأنها لم تذكر عبارة ( لا ضرر ) من الأساس، فصحيح أنها تنقل قضية سمرة ولكنها لم تذكر عبارة ( لا ضرر )، فنحن ننظر إلى الروايتين اللتين ذكرتا قضية سمرة أحدهما رواية ابن مسكان عن زرارة وهي ذكرت قيد ( على مؤمن ) وموثقة ابن بكير عن زرارة وهي لم تذكر قيد ( على مؤمن )، فتكون رواية واحدة في مقابل رواية واحدة ولا توجد زيادة في عدد الروايات من جانب النقيصة؟!!
ويظهر أنَّ السيد الشهيد(قده) قبل بالكبرى التي ذكرها الشيخ النائيني(قده) ولكنه ناقش في الصغرى.
وما أفاده السيد الشهيد(قده) صحيح ولكن ما أفاده الشيخ النائيني(قده) صحيح أيضاً حيث نقول: - صحيح إنَّ روايتي عقبة الواردتين في الشفعة وفي منع فضل الماء لم تردا في قضية سمرة ولكن فقدان قيد ( على مؤمن ) فيهما يعزز من عدم وجوده وهذا شيء عقلائي وألا لكان المناسب ذكره أيضاً، فإنَّ قضية سمرة لا خصوصية لها، وإنما الخصوصية هي إلى ( لا ضرر ولا ضرار )، فعدم ذكر القيد هنا يعزز ما قاله الشيخ النائيني(قده) وإن كانت روايتا عقبة ليستا واردتين في قضية سمرة، ولكن ورود عبارة ( لا ضرر ولا ضرار ) من دون قيد ( على مؤمن ) يعزز ويؤيد ويدعم نقل عبد الله بن مسكان عن زرارة، نعم إذا كانتا واردتين في قضية سمرة فدعمهما سوف يكون قوياً، أما بعد ورودهما في غير قضية سمرة فدعمهما يكون أقل ولكن الدعم موجود، لأنَّ الوارد فهيما هو عبارة ( لا ضرر ولا ضرار ) فقط، فعدم ذكر قيد ( على مؤمن ) فيهما يعزز عدم ذكره حتي في رواية ابن مسكان الواردة في قضية سمرة. هذا ما يمكن أن يذكر كمساعدة للشيخ النائيني(قده).
المانع الثاني:- أن يقال إنَّ الزيادة على قسمين، الأولى زيادة مأنوس بها الذهن العقلائي والسليقة العقلائية، فالسليقة العقلائية تقتضي هذه الزيادة، والثانية زيادة لا يقتضيها الذوق والسليقة العقلائية الاتيان بها، ونحن إنما نقدّم أصالة عدم الزيادة - يعني أنَّ قيد ( على مؤمن ) قد وقع في موقعه المناسب فهو لم يذكر حشواً وإنما هو ذكر في محلّه المناسب - فيما إذا فرض أنَّ قيد ( على مؤمن ) لم يكن مطابقاً للأنس والعرف العقلائي والحال أنه مطابق له ، لأنَّ العاقل بذوقه العقلائي حينما يقول ( لا ضرر ولا ضرار ) فهو على سليقته يقول ( على مؤمن )، فهذا القيد هو قيد يقتضيه الطبع والأنس العقلائي، وهنا سوف لا نرجّح أصالة عدم الزيادة، لأنَّ هذا القيد من القيود التي يقتضيها الأنس العقلائي، ونحن نقدم أصالة عدم الزيادة إذا لم يكن القيد من هذا القبيل مثل ( لا ضرر ولا ضرار على أهل المدينة أو على أهل مكة أو على طلبة العلم ) فهذه القيود وما شاكلها لا يقتضيها الأنس العقلائي فهنا تأتي أصالة عدم الزيادة، أما إذا كان الأنس العقلائي يقتضي مثل قيد ( على مؤمن ) فأصالة عدم الزياد لا تأتي هنا، وللشيخ النائيني(قده) عبارتان في هذا المجال، فقال :- ( فيختص بالزيادات البعيدة عن الأذهان دون المعاني المأنوسة والأمور المألوفة )[3] ، وقال أيضاً:- ( هذا مع أنه يحتمل أن يكون الراوي الواحد زادها من جهة المناسبة بين الحكم والموضوع وأن المؤمن هو الذي تشمله العناية الإلهية وستحق أن ينفى عنه الضرر امتناناً )، فإذاً هذا القيد مأنوس عقلائياً فأصالة عدم الزيادة لا تجري هنا.