الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

البيان الرابع: - ما ذكره السيد الخميني(قده) في ردّ الشيخ النائيني(قده) وحاصله إنَّ الزيادة لها منشآن إما من الغفلة أو الكذب وكلاهما يمكن نفيه بالأصل، فإنه إذا كشككنا في الغفلة فالأصل في كل إنسان عدم الغفلة ،وإذا شككنا أنه كذب أو فالأصل في المسلم أنه لا يكذب، وهذا بخلافه بالنسبة إلى النقيصة فإنَّ لها مناشئ أربعة اثنان منها الغفلة والكذب، وإذا كان المنشأ هو الغفلة أو الكذب فيمكن نفيه بالأصل أيضاً، ولكن المنشأين الآخرين المنشأ الثالث هو النقل بالمعنى، فحينما ينقل الراوي بالمعنى فمن لوازم النقل بالمعنى حذف بعض الكلمات أو زيادتها من باب أنه يتصور أنها لا تؤثر على المعنى حذفاً أو ذِكراً، والمنشأ الرابع هو أنه توهم تصوّر أنَّ هذه الزيادة ليست مؤثرة على المعنى فحذفها من باب تصوّره أنها ليست مهمة لا من باب النقل بالمعنى، بل هو واضب على النقل بالألفاظ ولكنه ظن أنها لا مدخلية لها في المعنى فحذفها، فالمنشآن الأوّلان يمكن نفيهما بالأصل بخلاف الأخيرين فإنه لا يمكن نفيهما بالأصل، فيبقى احتمال النقيصة من دون نافٍ له بخلاف الزيادة فإنَّ النافي له ثابت.

وفي التعليق نقول: -

أولاً:- إنه ذكر أنَّ مناشئ الزيادة منحصرة في اثنين الغفلة والكذب وكلاهما يمكن نفية بالأصل، ونحن نقول:- إذا انحصر منشأ الزيادة في هذين المنشأين فالأمر كما تقول، ولكن لماذا لا تقول هناك منشأ ثالث وهو النقل بالمعنى، لأنَّ النقل بالمعنى قد يصير سبباً للنقصان ويصير سبباً للزيادة أيضاً، فإنَّ من ينقل بالمعنى قد ينقص وقد يزيد، والنقل بالمعنى لا يمكن نفيه بالأصل، فهذا منشأ ثالث ولا يمكن نفيه، مضافاً إلى أنه يمكن أن نقول إنَّ هذا الراوي تصوَّر أنَّ وجود هذا اللفظ وعدمه سيّان فذكره، وهذه ليست غفلة وإنما هي تصوّر ٌبهذا الشكل، فنفس المنشآن الآخران اللذان ذكرهما في مناشئ النقيصة نأتي بهما في مورد الزيادة ونقول لعله نقل بالمعنى فذكر هذه الزيادة أو لعله تصوَّر أنَّ ذكر هذه الكلمة وعدم ذكرها سيّان فذكرها، وعلى هذا الأساس تكون مناشئ الزيادة أربعة أيضاً كمناشئ النقيصة، فالنقل بالمعنى موجود وتصوّر أنَّ الزيادة والنقيصة سيّان موجود أيضاً.

ثانياً:- إنَّ هذا الكلام[1] وحده لا يسمن ولا يغني من جوع، لأنه كلام فنّي علمي لا يفع ما لم يدعم بالسيرة، فلابد أن تقول توجد سيرة على ذلك، فإن كانت السيرة موجودة فهي المدرك، وإذا لم تكن السيرة موجودة فهذه الأصول ليست نافعة، فإذاً نحن نحتاج إلى السيرة، وإذا ضممنا السيرة فلعلّ السيرة تلحظ بعض الأمور الأخرى، فمثلاً هي تلحظ أنه صحيح أنَّ قيد ( على مؤمن ) موجودة في رواية ابن مسكان وليست موجودة في بقية الروايات ومقتضى هذه الأصول التي بينها السيد الخميني(قده) هي ترجيح وجود الزيادة، ولكن هذا من دون ضمّ السيرة، أما لو ضممنا السيرة فلعلّه تنقلب المعادلة، فإنَّ السيرة تأخذ في الحساب شيئاً آخر، فمثلاً صحيح أنَّ قيد ( على مؤمن ) موجود في رواية ابن سمكان وليس موجوداً في بقية الروايات ولكن رغم ذلك لا نأخذ برواية ابن مسكان لأنَّ النقل الثاني الفاقد لقيد ( على مؤمن ) ليس موجوداً في بقية الروايات التي هي ثلاث روايات، فهي ليست موجودة في رواية زرارة، وليست موجودة في رواية عقبة الواردة في باب الشفعة، وليس موجودة في رواية عقبة في باب منع فضل الماء، فهنا تكرر النقل من دون هذه الزيادة، وإنما هذه الزيادة موجودة في رواية ابن مسكان فقط، فتكون رواية واحدة في مقابل ثلاث روايات، فإذا أخذنا بالسيرة ولم نقتصر على هذه الأصول فسوف تتغير المعادلة هنا فنقول إنَّ السيرة ترجّح هذه الروايات الثلاث، أو نقول يصير تساوٍ فيصير فيه تردد وإشكال، فإذاً السيرة لابد من إدخالها في الحساب، وإذا أدخلناها في الحساب فقد تتغير نتيجة الموقف كما أوضحنا.

هذه وجوه أربعة لتقديم أصالة عدم الزيادة وقد اتضحت مناقشتها جميعاً.

والمناسب: - هو عدم وجود أصلٍ عندنا باسم أصالة عدم الزيادة، بل المناسب أن ندور مدار السيرة، فنلاحظ هذا المورد هل توجد فيه مرجّحات للزيادة فإن وجدت فنقول الأصل عدم الزيادة - يعني أنها في موقعها المناسب -، وإن كانت هناك مرجّحات للنقيصة فنقول الأصل عدم النقيصة - بمعنى أنَّ هذه المقدار من النقل هو المناسب -، وإذا تساويا ولا يوجد مرجّح لأحد الجانبين على الآخر فنتوقّف ونستخرج النتائج الفقهية حسب التوقّف.

وأما جواب السؤال الثالث[2] فنقول: - إنه رغم أنَّ الأصل هو عدم الزيادة ولكن توجد بعض الخصوصيات تقف أمام جريان أصالة عدم الزيادة، وقد تذكر ثلاثة وجوه في هذا المجال وجهان للشيخ النائيني(قده) ونحن نذكر وجهاً ثالثاً:-


[1] بأن تقول إنَّ المناشئ للزيادة اثنان والأصل فيهما العدم ومناشئ النقيصة أربعة ويمكن نفي اثنين منهما ولا يمكنك نفي الاثنين الآخرين.
[2] وهو أنه بعد البناء على اصلة عدم الزيادة حسب رأي الأعلام هل يوجد في خصوص مقامنا – الذي هي قضية سمرة – ما يقف أما اصالة عدم الزايادة؟.