42/04/15
الموضوع: كتاب الطلاق، الغائب عنها زوجها.
1. تقسيم الروايات الواردة في طلاق الغائب.
2. الطائفة الأولى: صحة الطلاق مطلقا.
3. الطائفة الثانية: صحة الطلاق بشرط مضي شهر واحد.
4. الطائفة الثالثة: صحة الطلاق بشرط مضي ثلاثة أشهر.
5. الطائفة الرابعة: صحة الطلاق بشرط مضي خمسة أو ستة أشهر.
6. وجوه الجمع بين هذه الطوائف.
7. الوجه الأول تقديم صحة الطلاق مطلقا على غيرها وجوابه.
الغائب عنها زوجها:
تحرير محلّ النزاع: كيف يتحقق طلاق الغائب زوجها التي يتعذّر أو يتعسّر معرفة حالها من حيث كونها في الحيض، أو في طهر المواقعة، بعد ما تمّ الإجماع ووردت النصوص بعدم صحّة طلاق الحائض المدخول بها غير الحامل، وكذا التي تكون في طهر المواقعة.
وقد وردت في ذلك آراء:وقبل ذلك فلنستعرض النصوص الواردة في الغائب عنها زوجها، وهي على طوائف:
الأولى: صحة طلاق الغائب عنها زوجها مطلقا من دون تقييد بعدم كونها في الحيض أم في طهر المواقعة. نذكر منها:
1. ما في الوسائل باب 25 - جواز طلاق زوجة الغائب والصغيرة وغير المدخول بها والحامل واليائسة على كل حال وإن كان في الحيض أو في طهر الجماع.
ح 1 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن جميل بن دراج (ثقة)، عن إسماعيل بن جابر الجعفي (ثقة)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خمس يطلقن على كل حال: الحامل المتبين حملها، والتي لم يدخل بها زوجها، والغائب عنها زوجها، والتي لم تحض، والتي قد جلست عن المحيض. [1]
ذكرنا اسناد محمد بن علي بن الحسين في شرح المشيخة الذي سيصدر قريبا، وهو التالي: أبوه (ثقة)، عن سعد بن عبد الله (ثقة)، عن يعقوب بن يزيد (ثقة) عن ابن ابي عمير (ثقة) عن جميل بن دراج. فالسند صحيح.
ومنها ما ورد الإطلاق بتعبير متى شاؤوا.
نفس المصدر الحديث 4: محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن حماد بن عيسى (ثقة) عن عمر بن أذينة (ثقة)، عن محمد بن مسلم (ثقة) وزرارة (ثقة) وغيرهما، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: خمس يطلقهن أزواجهن متى شاؤوا: الحامل المستبين حملها، والجارية التي لم تحض، والمرأة التي قد قعدت من المحيض، والغائب عنها زوجها، والتي لم يدخل بها. [2]
ومنها ما ورد في خصوص الغائب:
في الوسائل: ح 1 - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن علي بن الحكم (ثقة)، عن العلا بن رزين (ثقة)، عن محمد بن مسلم (ثقة)، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته وهو غائب، قال: يجوز طلاقه على كل حال، وتعتد امرأته من يوم طلقها.[3]
فمن حيث السند: فالروايات المذكورة جميعها معتبرة السند.
ومن حيث الدلالة: فهي ظاهرة بإطلاقها لتشمل الحائض ومن كانت في طهر المواقعة.
الطائفة الثانية: عدم صحة الطلاق إلا بعد تركها لمدّة شهر.
منها ما في الوسائل الباب 26 ح 3: وعنه (أي محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم)، عن أبيه (ثقة)، عن ابن أبي عمير (ثقة)، عن محمد بن أبي حمزة (ثقة) وحسين بن عثمان (الظاهر انه الثقات)، عن إسحاق بن عمار (ثقة فطحي)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهرا. ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن أبي حمزة (ثقة) مثله. وعن محمد بن يحيى (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن علي بن الحكم (ثقة)، عن الحسين بن عثمان عن إسحاق بن عمار (ثقة) مثله. [4]
ومنها ح5: و( أي محمد بن يعقوب) عن حميد بن زياد (ثقة)، عن ابن سماعة (ثقة واقفي) قال: سألت محمد بن أبي حمزة متى يطلق الغائب؟ فقال: حدثني إسحاق بن عمار أو روى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أو أبي الحسن عليه السلام قال: إذا مضى له شهر. محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله وكذا كل ما قبله. [5]
هذه الروايات معتبرة ومقيّدة بالشهر.
الطائفة الثالثة: المدّة المشترطة ثلاثة أشهر:
في الوسائل باب 26، ح 7: وبإسناده (محمد بن الحسن)، عن الحسين بن سعيد (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن جميل بن دراج (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلق حتى تمضي ثلاثة أشهر. [6]
الطائفة الرابعة: المدّة المشروطة خمسة أشهر ستة أشهر.
في الوسائل باب 26، ح 8: وبإسناده (محمد بن الحسن الطوسي) عن محمد بن علي بن محبوب (ثقة)، عن أحمد بن محمد (ثقة)، عن الحسين، عن صفوان (ثقة)، عن إسحاق بن عمار (ثقة فطحي) قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الغائب الذي يطلق أهله كم غيبته؟ قال: خمسة أشهر ستة أشهر قال: حد دون ذا، قال: ثلاثة أشهر. ورواه الصدوق بإسناده عن صفوان.[7]
من حيث السند: فالرواية معتبرة.
ومن حيث الدلالة: هذه الرواية التي فيها ترديد بين الخمسة والستة ثم التخفيض، ستنفعنا في رفع الإطلاق كما سيأتي.
وجوه الجمع: اختلف الفقهاء في الجمع بين هذه الروايات:
الوجه الأول: أن يبقى إطلاق الطائفة الأولى على ما هو عليه، والروايات المقيّدة بالشهر والثلاثة تحمل على أفضل الأفراد، فيصح طلاقها حتى مع العلم بكونها حائضا حال الطلاق، تماما مثل غير المدخول بها.
والجواب: إن روايات صحة طلاق الغائب لزوجته المدخول بها مقيّدة بالاشتراط بعدم كونها حائضا حين الطلاق، ولا شك في شموله لحالة العلم بحالها، فمع العلم بحيضها حال الطلاق يبطل طلاق الغائب، أما مع الشك فلا يجوز طلاقها؟
وبيانه: العام: كل طلاق الغائب للمدخول بها صحيح.
الخاص: طلاق المعلوم حيضها باطل.
وهنا أشك في صحة طلاق الحائض حال الطلاق ولكن العلم بالحيض حصل بعد الطلاق. فأحكم بصحة المشكوكة حين الطلاق المعلوم حيضها بعد الطلاق.
هناك حالتان: تارة حال الطلاق اعلم بحالها انها حائض فالطلاق صحيح، وإذا لم نجوز فالطلاق باطل. فالدليل اللفظي لا يدل عليه فنصل إلى الاصل العملي وهو اصالة فساد الطلاق. هذا من جهّة.
ومن جهّة أخرى فقد ورد النص في صحة طلاق الحائض إذا كانت مشكوكة الحيض حال الطلاق ثم تبيّن حالها.
ففي الوسائل ب 26، ح 6: وبإسناده (محمد بن الحسن) عن علي بن الحسن (ثقة فطحي)، عن أحمد بن الحسن (ثقة فطحي)، عن أبيه (ثقة فطحي)، عن جعفر بن محمد (الظاهر انه ابن رباط، ثقة)، عن علي بن الحسن بن رباط (ثقة)، عن هاشم بن حيان أبي سعيد المكاري (ثقة وجه واقفي)، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يطلق امرأته وهو غائب فيعلم أنه يوم طلقها كانت طامثا، قال: يجوز. [8]
الجواز هنا وضعي وليس تكليفيا، ويعني الصحة.