الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

ثالثاً: - يرد عليه إنَّ كلمة ( ومع قوله صلى الله عليه وآله ) يمكن أن نشكك في دلالتها على النسبة الجزمية وأنه نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحوٍ جازم، وإنما حتى لو صرح وقال ( قال صلى الله عليه وآله وسلم لا ضرر ولا إضرار ) فهذا أيضاً لا يدل على النسبة الجزمية، وهذا يترتب عليه أنَّ المكلف إذا نقل أحاديث أخلاقية مثلاً في نهار شهر رمضان وقال ( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) أو ( قال الامام الصادق عليه السلام كذا وكذا ) فهنا نستطيع أن نقول لا يفطرّه ذلك حتى إذا لم يكن جازماً بالنسبة، لأنه يوجد شيء مقدّر، فإنَّ مقصوده من ( قال ) يعني قال صلى الله عليه وآله وسلم على ما هو الموجود في الكتب، وهذا التعبير معروف عندنا، فحينما نقول قال الصادق عليه السلام يعني على ما هو موجود في الكتب، وإنما لا يذكر ذلك لوضوح المطلب، فلا حاجة إلى أن نقول ( على ما هو الموجود في الكتب )، فهذه ليست نسبة جزمية بذاك المعنى وإنما المقصود ( قال على ما هو الموجود في الكتب )، فأنا لا أريد أن أجزم بأنه قال حتماً وإنما على ما هو الموجود في الكتب قال، فهذه ليست نسبة جزمية بذاك المعنى حتى تقول إذا دار أمرها بين الحس والحدس نبني على الحس.

وقد ذكرنا أنَّ بعض الأعلام على جواب السيد الخوئي(قده) في المصباح وقال إنَّ جزم الصدوق لا يكون حجة علينا:- فهنا قال بعض الأعلام إذا كان جزم الصدق ليس حجة علينا فحينئذٍ سوف يرد على السيد الخوئي(قده) إشكال واسع، وهو أنه لابد من سدّ باب التوثيقات، لأنَّ هذا التوثيق الذي صدر من النجاشي أو الشيخ الطوسي أقصى ما عنده هو الجزم به، فهو استفاد من كلمات الأصحاب الرجالية الجزم بأنَّ هذا الراوي ثقة، فعلى مقالتك في المصباح - من أنَّ جزم شخص لا يكون حجة على غيره - لابد أن نقول إنَّ جزم النجاشي أو الطوسي لا يكون حجة علينا في باب التوثيقات، وبذلك ينسد علينا باب التوثيقات.

يمكن في الجواب أنه نقول: - إنَّ هذا قياس مع الفارق، والوجه في ذلك إنه في باب الروايات حصول الجزم للشيخ الصدوق شيء ضعيف، بخلافه في باب التوثيقات فإنَّ حصول الجزم للنجاشي شيء مقبول، أما في بالروايات حصول الجزم بعيد، والوجه في ذلك هو أنه كيف يجزم الشيخ الصدوق بصدور هذه الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله؟ إنه يحصل إما من التواتر، فهناك تواتر في قضية لا ضرر ولا ضرار فلذلك جزم الشيخ الصدوق ولذلك نسب الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحوٍ جازم وقال ( ومع قوله صلى الله عليه وآله وسلم ) - هذا بقطع النظر عمّا علّقنا به ثالثاً -، أو أنه خبرُ واحدٍ ولكنه مقرون بقرائن توجب القطع بالصدور، أو يفترض أنها رواية كابرٍ عن كابر وثقة عن ثقة من دون قرائن توجب الجزم بالصدور، ولا يوجد منشأ رابع، وكل هذه المناشئ الثلاثة ضعيفة، وهذا بخلافه في باب التوثيقات، فإن منشأ الجزم بالوثاقة ليس منشأً ضعفاً.

أما لماذا منشأ الجزم في باب الروايات يكون ضعيفاً أما منشأ الجزم في باب التوثيقات ليس ضعيفاً؟