42/03/27
الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
وأما الحسن بن زياد الصيقل: - فلا يوجد توثيق في حقة ولكن يمكن التغلب على مشكلته من ناحية بطريقتين: -
الطريقة الأولى: - ما أشرنا إليه سابقاً، وهو أنه يوجد عندنا ثمانية عشر شخصاً يعبر عنهم بأنهم من أصحاب الاجماع، حيث أجعت الطائفة على تصحيح ما يصح عنهم، وقد ادّعى ذلك الكشي في رجاله، وهم ستة من أصحاب الامام الصادق والباقر عليهما السلام، وستة من أصحاب الامام الصادق عيه السلام، وستة من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام، قال الكشي:- ( أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر أبي عبد الله وانقادوا لهم بالفقه فقالوا أفقه الأولين[1] ستة زرارة ومعروف بن خربوذ وبريد وأبو بصير السدي والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم الطائفي )[2] ، ومعروف بن خربوذ ليس معروفاً بالروايات، أما بريد فله روايات، فهو قال إنَّ الشيعة أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنهم يعني ما يروى عنهم وينسب إليهم مبني على صحته، فإذا كان يبنى على صحته فهذا يدل على كونهم من أصحاب المقام السامي جداً، وأما الستة الثانية فقد ذكرها في رجاله أيضاً، وعلى منوالها ستة من أصحاب أبي عبد الله وأبي الحسن الرضا عليهما السلام[3] ، فستة من أصحاب الاجماع هؤلاء رووا عن الصيقل وهذا معناه وثاقة الصيقل، لأنَّ العصابة أجمعت على تصحيح ما يصح عن هؤلاء، فإذا جاءت الرواية عن أحد هؤلاء الستة كان يروي عن الصيقل فسوف تثبت بذلك وثاقة الصيقل وهو المطلوب.
وهل هذه الكبرى الرجالية تامة؟والجواب: - إنه يرد عليها أمران: -
الأول: - يمكن أن يقال إنَّ المقصود من قول النجاشي ( أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء ) يعني أننا نغمض العين من زاويتهم وبلحاهم ونأخذ بالرواية من زاويتهم وليس من باقي الزوايا، ولا تقل:- إذاً كيف صارت هذه ميزة لهم؟ قلنا: - نعم إنَّ هذه ميزة لهم، فمجرد أن نرى اسم واحدٍ منهم فلا ندقق فيه أما غيره فنتأمل فيه، فمن زاويتهم أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، لا أن العصابة أجمعت على تصحيح كل من يرد في السند عنهم بلحاظهم وبلحاظ غيرهم من أفراد السند الذين يعقون قبلهم إلى الامام عليه السلام، وإنما المقصود هو بلحاظهم هم، وهذا الاحتمال موجود، فتصير العبارة مجملة فيقتصر فيها على القدر المتيقن وهم هؤلاء، لا بالنسبة إلى الوسائط التي تقع بينهم وبين الامام عليه السلام.
ثانياً: - لعل التصحيح لا يقصد منه الحكم بالوثاقة، وإنما يقصد منه أنَّ الرواية إذا جاءت عن طريق هؤلاء فسوف نحكم باعتبارها، ولكن لا نريد أن نقول إنَّ هؤلاء الوسائط الذين يقعون بينهم وبين الامام هم من الثقات فأنَّ الصحة لا تلازم التوثيق، فلعل الرواية صحيحة ولكن لا نحكم بوثاقتهم.
إن قلت: - إذا حكمنا بالصحة واعتبارها بلحاظهم فلا تبقى قيمة لإثبات وثاقتهم؟
قلت: - كلا، بل تظهر الثمرة فيما إذا ورد أحد هؤلاء الوسائط في روايةٍ ليس فيها هؤلاء الستة أو الثمانية عشر، كما هو الحال في روايتنا، ففي روايتنا لم يروِ عن الحسن الصيقل أحد هؤلاء الستة حتى نقول إنَّ هذه الرواية مشمولة لذلك الاجماع، فإنَّ الرواية المشمولة لذلك الاجتماع هي التي يوجد فيها أحد هؤلاء الستة أو الثمانية عشر فنحكم بصحتها بلحاظ هؤلاء الستة وبلحاظ الذين يقعون بينهم وبين الامام عليه السلام، وقد قلنا إنَّ الحكم بالصحة لا يلازم الوثاقة، ولو قلت إذا حكمت بالصحة فلا معنى لإثبات الوثاقة، قلنا إنَّ الثمرة تظهر في المورد الذي يفترض فيه ورود رواية فيها أحد هؤلاء الوسائط ولكن من دون هؤلاء الستة كما هو الحال في روايتنا، فإنه في روايتنا الصيقل الذي هو أحد الوسائط بين هؤلاء الستة وبين الامام عليه السلام ولكن في ورايتنا لا يوجد أحد هؤلاء الستة، فلا تكون هذه الرواية مشمولة للإجماع، فلو كان التصحيح بمعنى التوثيق لصارت الوسائط من الثقات فنحكم بوثاقة الصيقل، وبالتالي إذا وقع الصيقل وحده من دون هؤلاء الستة فسوف يحكم باعتبار السند ووثاقته أيضاً، ولكن قلنا المفروض إنَّ التصحيح لا يلازم الوثاقة، وتظهر الثمرة فيما إذا ورد أحد هؤلاء الوسائط مثل الصيقل في رواية من دون أن يروي عنه أحد هؤلاء الستة كما في روايتنا، لأنَّه في روايتنا افترضنا إنَّ الصدوق روى عن الصيقل بسندٍ وكان السند ( هو محمد بن موسى المتوكل عن السعد آبادي عن البرقي عن أبيه عن الصيقل )، والصيقل لم تثبت وثاقته، ولا تقل يوجد اجماع على تصحيح ما يصح عن هؤلاء الستة أو الثمانية عشر، فنقول إنَّ التصحيح لا يزم الوثاقة، نعم ينفعنا ذلك الاجماع في التصحيح بالنسبة إلى الروايات التي فيها أحد أولئك الستة أو الثمانية عشر، أما الروايات التي ليس فيها أحد الستة أو الثمانية عشر فلا ينفعنا.
الطريقة الثانية: - أن يقال روى عنه جعفر بن بشير، حيث ذكر النجاشي في ترجمة جعفر بن بشير إنَّ جعفر بن بشير كان ثقة وقد بنى مسجداً في الكوفة وكنت أحضر للصلاة فيه، ثم قال:- ( وروى عن الثقات ورووا عنه ) والصيقل هو أحد الذين روى عنهم جعفر بن بشير، وحيث إنَّ جعفر بن بشير يروي عن الثقات فيثبت بذلك وثاقة الصيقل، قال النجاشي:- ( جعفر بن بشير أبو محمد البجلي الوشاء من زهّاد أصحابنا وعبّادهم ونسّاكهم وكان ثقةً وله مسجدٌ بالكوفة باقٍ في بجيلة إلى اليوم وأنا وكثير من أصحابنا إذا وردنا الكوفة نصلي فيه مع المساجد التي يرغب في الصلاة فيها وروى عن الثقات ورووا عنه )[4] ، فعلى هذا الأساس جعفر بن بشير لا يروي إلا عن الثقات، وحيث إنه روى عن الصيقل فيثبت بذلك وثاقة الصيقل بشهادة النجاشي.