42/03/21
الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
ونذكر قضية جانبية: - وهي أنَّ قيد ( في الإسلام ) اشتملت عليه بعض الروايات، وقد وقع كلام في أنَّ هذا القيد موجود أو غير موجود، وقد قيل في مقام الجواب إنَّ هذا القيد سواء كان موجوداً أو ليس موجوداً فماذا يؤثر؟ قيل إذا كان هذا القيد موجوداً فسوف يبطل بذلك قول شيخ الشريعة الشيخ فتح الله الأصفهاني حيث توجد عنده رسالة في لا ضرر ذكر فيها أنَّ المقصود من ( لا ) في لا ضرر هو النهي دون النفي، يعني الانشاء لا الإخبار، فيكون المقصود من (لا ضرر ) يعني لا تضر، وقد ردَّ عليه البعض وقال إنَّ قيد ( في الإسلام ) موجود والنهي مع قيد ( في الإسلام ) لا يجتمعان، فمن هذه الناحية وقع كلام في أنَّ قيد ( في الإسلام ) موجود أو ليس بموجود، ويظهر أنَّ شيخ الشريعة ملتفت إلى ذلك فقال إنَّ قيد ( في الإسلام ) جاء به ابن الأثير فقط ولا نعلم من أين أتى به، قال ما نصّه:- ( إن الثابت في روايات العامة هو لا ضرر ولا ضرار من غير تعقب قوله " في الإسلام " ....... ولا أدري من اين جاء ابن الأثير في النهاية بهذه الزيادة )[1] ، فهو أنكر ثبوت هذا قيد وقال إنَّ ابن الأثير هو الذي ذكره حتى يكون الاحتمال الذي أبرزه وهو أنَّ المقصود من النفي هو النهي سالماً من هذه المناقشة.
ولكن نقول:- إنَّ الشيخ الصدوق ذكر قيد ( في الإسلام )، نصّ عبارته:- ( فأما المسلم فأيّ جرم وعقوبة يحرم الميراث وكيف صار الإسلام يزيده شراً مع قول النبي صلى الله عليه وآله " الإسلام يزيد ولا ينقص ومع قوله عليه السلام لا ضرر ولا إضرار في الإسلام فالاسلام يزيد المسلم خيراً ولا يزيده شراً ")[2] ، كما ذكرها ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللآلي، وكذلك ذكرها الشيخ الطوسي في الخلاف حيث قال في كتاب الشفعة:- ( وأيضاً قول النبي صلى الله عليه وآله " لا ضرر ولا ضرار في الاسلام " يدل على ذلك )، فإذاً قيد ( في الاسلام ) قد ذكره عدّة أعلام من أعلامنا لا أنه ذكره ابن الأثير فقط.
وأما السيد الخميني فتوجد عنده رسالة في لا ضرر حيث قال إنَّ قيد ( في الإسلام ) الموجودة في كتاب من لا حضره الفقيه هو اشتباه من قبل الناسخ، فهو بهذا يريد نصرة شيخ الشريعة، يعني أنَّ المقصود من لا ناهية، فلا ضرر يعني لا تضر ولكن يقف أمامه قيد ( في الإسلام ) فأراد التخلّص منه فقال إنَّ هذا تصحيف من الكاتب أو الناسخ، حيث قال لو قرأت عبارة الصدوق تجهده يقول:- ( ومع قوله عليه السلام " لا ضرر فالإسلام فالاسلام يزيد المسلم خيراً ")، فالناسخ اشتبه وكتب كلمة ( فالاسلام ) مرتين، ثم جاء المحققون من بعده وقالوا إنَّ ذكر كلمة ( فالاسلام ) الأولى هو اشتباه لأنه لا يصح ذكرها مرتين وإنما الأولى منهما هي ( في الإسلام )، فتصير العبارة ( .... في الإسلام فالاسلام ..... ) فكتبوها فيما بعد ( في الإسلام ) فصارت ( لا ضرر في الإسلام ) ثم بعد ذلك ذكروا ( فالاسلام يزيد ولا ينقص )، قال:- ( فمن المحتمل أن الناسخ قد كتب كلمة فالاسلام مرتين لغفلته عن كونه كتبها أولاً ثم تصور بعض من تأخر عنه أنَّ فالاسلام الأولى تحريفُ في الإسلام فصحّحه مبدلاً للفاء بفي )[3] .
ويرد عليه: -أولاً: - إنَّ نفس ترتيب هذا الكلام وأنَّ الناسخ قد اشتبه في عبارة ( فالإسلام ) وكتبها مرتين ثم جاء محقق آخر وغيّر عبارة ( فالاسلام ) الأولى إلى عبارة ( في الإسلام ) هو كله مجرد ابداء احتمالات لا مدرك لها، والاحتمال الذي يكون من دون سندٍ لا قيمة له.
ثانياً: - إذا قرأنا عبارة الصدوق فهي تساعد على أنَّ الصحيح هو وجود عبارة ( في الإسلام )، إنها ضرورية وليست تصحيفاً، والوجه في ذلك أنَّ الكافر عندنا لا يرث المسلم أما المسلم فهو يرث الكافر، وصار بناء الشيخ الصدوق الدفاع فيقول لماذا تمنع السلم من إرث الكافر لأنَّ الإسلام زاد المسلم عزاً وشرفاً ومكانةً وقدراً لا أنه ينقص من حظه، فإذاً من المناسب وجود عبارة ( في الإسلام )، فلاحظ عبارته حيث قال ما نصه:- ( فأما المسلم فلأيَّ جرم وعقوبة يحرم الميراث[4] ؟ وكيف صار الإسلام يزيده شراً لقول النبي صلى الله عليه وآله:- "الإسلام يزيد لا ينقص ومع قوله عليه السلام لا ضرر ولا إضرار في الإسلام" )[5] ، فمن المهم وجود تعبير ( في الإسلام )، يعني مادام هذا الشخص مسلماً فلا يوجد عليه ضرر وإضرار، فإذا كان المسلم لا يرث الكفار صار الإسلام سبباً للضرر عليه، لأنَّ الكافر يرث من قريبه الكافر أما حينما صار الشخص مسلماً فلا يرث ولكن هذا ليس مقبولاً لأنَّ الإسلام لا ضرر ولا إضرار فيه، ففي دار الإسلام لا يوجد الضرر، فإذاً عبارة ( في الإسلام ) وجودها ضروري.
وقيد ( في الإسلام ) سيأتي البحث عن فيما بعد، ولكن هنا أردنا بيان تشكيك البعض في وجود هذا القيد كشيخ الشريعة والسيد الخميني، ولكن لا مجال لمسألة الاشتباه.
الأمر الثاني: - البحث السندي حيث نقول إذا رجعا إلى رواية زرارة وجدناها تامة السند بالطريق الأول الذي فيه عبد الله بن بكير، غايته تصير موثقة، لأنَّ عبد بن بكير فطحي، أما بقية السند لا إشكال فيه، ولكن الرواية الثانية التي رواها عبد بن مسكان عن زرارة فيها إرسال، وبالتالي تكون رواية واحدة منهما معتبرة وحجة وهي التي رواها عبد الله بن بكير عن زرارة وأما الثانية فهي مرسلة.