الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

المورد الرابع: - وهي الموارد المستقلة، وهي متعددة، منها: -

الأول: - مرسلة الفقيه:- ( فأما المسلم فلأيّ جرمٍ وعقوبةٍ يحرم الميراث وكيف صار الإسلام يزيده شراً مع قول النبي صلى اله عليه وآله الاسلام يزيد ولا ينقص ومع قوله عليه السلام لا ضرر ولا إضرار في الإسلام، فالاسلام يزيد المسلم خيراً ولا يزيده شرا )[1] ، وهذه الرواية ذكرت لا ضرر كما ذرت إضافة وهو تعبير ( في الإسلام )، وإذا رجعنا إلى الوسائل وجدناه ينقلها هكذا:- ( قال[2] :- وقال عليه السلام لا ضرر ولا ضرار في الاسلام )[3] ، فهو نقلها بلفظ ولا ضرار بينما الموجود في الفقيه هو تعبير ولا إضرار.

الثاني:- مرسلة الشيخ الطوسي في الخلاف حيث قال:- ( وأيضاً قول النبي صلى الله عليه وآله " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام " يدل على ذلك )[4] .

الثالث:- ما ورد في الغنية، حيث روها مرتين مرة مرسلة عن النبي بلسان ( لا ضرر لا اضرار )[5] ، وأخرى رواها بلسان ( لا ضرر ولا ضرار )[6] .

الرابع:- ما ورد في دعائم الإسلام حيث نقلها عنه صاحب المستدرك:- ( روينا[7] عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:- لا ضرر ولا ضرار )[8] .

الخامس:- وورد في النهاية لابن الأثير في غريب الحديث قال:- ( لا ضرر ولا ضرار في الاسلام )[9] .

السادس:- وورد في سنن ابن ماجة[10] بسند ينتهي إلى عبادة بن الصامت:- ( إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله قضى أن لا ضرر ولا ضرار ).

السابع:- وورد في عوالي اللآلي:- ( وقال عليه السلام:- لا ضرر ولا ضرار في الإسلام )[11] .[12]

الثامن:- وقال في التذكرة:- ( لقوله عليه السلام:- لا ضرر ولا ضرار في الاسلام )[13] .

فإذاً هذه الرواية نقلت في موارد مستقلة ثمانية إضافة إلى ما نقلناه من رواية زارة المسندة الواردة في قضية سمرة ورواية باب الشفعة ورواية واردة في منع فضل الماء، وهل يحصل بذلك التواتر؟

قد يقال:- إنه يحصل التواتر، وقد قال به جماعة منهم فخر الدين في إيضاحه حيث ادعّى لك حيث قال:- ( والضرر منفي بالحديث المتواتر )[14] ، كما ادعاه الشيخ الانصاري حيث قال:- ( وكثرتها تغني عن ملاحة سندها مضافاً إلى حكاة تواتر نفي الضرر والضرار عن فخر الدين في الايضاح )[15] ، وقال في الرسائل:- ( قد ادّعى فخر الدين في الايضاح في باب الرهن توتر الأخبار على نفي الضرر والضرار فلا نتعرض من الأخبار الواردة في ذلك إلا لما هو أصح ما في الباب سنداً وأوضحه دلالة وهي الرواية المتضمنة لقصة سمرة )[16] ، يعني أنَّ الشيخ الأعظم قبل التواتر، وممن بنى على ذلك الشيخ النائيني حيث قال:- ( وعلى أيّ حال وروده مستقلاً على الظاهر مما لا إشكال فيه فإن في نهاية ابن الأثير والتذكرة والعبارة التي نقلناها عن الوسائل ناقلاً عن الصدوق لم تذكر في ذيل قضية)[17] ، وممن بنى على ذلك السيد الخوئي حيث يظهر منه ذلك حيث قال:- ( أما السند فلا ينبغي التأمل في صحته لكونها من الروايات المستفيضة المشتهرة بين الفريقين حتى ادعى فخر المحققين في باب الرهن من الايضاح تواترها السند في بعض الطرق صحيح أو موثق فلو لم يكن متواتراً مقطوع الصدور فلا أقل من الاطمئنان بصدورها عن المعصوم فلا مجال للإشكال في سندها )[18] .

وهل ينفع ما ذكرناه في ثبوت التواتر؟

قد يقال:- إنه لا يحقق التواتر، والنكتة هي أنه صحيح أنَّ ابن ماجة وصاحب عوالي اللآلي وغيرهما قد نقلا الحديث ولكن هذا لا ينفع، لأننا لا تجزم بأنَّ الذي ينقل الحديث من هؤلاء هو ينقل غير تلك الرواية المسندة التي نقلناها في قضية سمرة وفي قضية الشفعة أو أنها نفسها ولكنه حذفت منها بعض الأمور، ونحن لا نريد الجزم بذلك ولكن نقول ألا يحتمل أنَّ هذه النقول المرسلة مثل نقل الشيخ الصدوق والطوسي وغيرهما هي نقل لتك الرواية المسندة؟، فهؤلاء حينما نقلوها بنحوٍ مرسل يوجد احتمال أنهم ناظرون إلى تلك الروايات المسندة، فلم يأتوا بشيءٍ جديد، فلا يتسجل ذلك رقماً مستقلاً، يعني أنَّ الشيخ الصدوق لا يسجَّل رقماً مستقلاً، وهكذا ابن ماجة وصاحب عوالي اللآلي وغيرهم لا يسجّلون أرقاماً متعددة حتى يصير التواتر، نعم إذا راجعنا إليها فسوف نرى اختلافاً في النقل، فإنَّ البعض ذكر عبارة ( في الإسلام ) والبعض الآخر ذكر عبارة ( إضرار ) والبعض الآخر ذكر عبارة ( ضرار )، ولكن هذا الاختلاف لا يولّد الجزم بأنَّ هذا النقل هو نقل مستقل، فإذاً لا نجزم بأنَّ هذه أرقام جديدة تضاف إلى تلك الروايات حتى يتسجل بذلك التواتر، فعلى الأقل توجد رواية واحدة منها يوجد فيها تعبير ( في الإسلام ) وهي رواية الصدوق فصارت أربع روايات، لأنه من البعيد أنَّ شخصاً ينقل تعبير ( في الإسلام ) والحال أنَّ هذه الروايات لا يوجد فيها هذا التعبير، فحينما نقل تعبير ( في الإسلام ) فهذا يعني أنه يوجد عنده مصدر ثانٍ، ولكن مع ذلك سوف تصير أربع روايات، وتحقق التواتر بأربع روايات أوّل الكلام، فإذاً يبقى مجال للبحث السندي.


[1] من لا يحضره الفقيه، الشیخ الصدوق، ج4، ص334.
[2] يعني قال الشيخ الصدوق.
[3] وسائل الشيعة، الشیخ الحر العاملي، ج26، ص14، موانع الإِرث من الكفر والقتل والرقّ، ب1، ح10، ط آل البيت.
[4] الخلاف، الطوسي، ج3، ص440، كتاب الشفعة.
[5] الغنية، ابو المكارم، ج1، ص223.
[6] الغنية، أبو المكارم، ج1، ص224.
[7] فهو يرويه عن دعائم الاسلام.
[8] مستدرك الوسائل، النوري، ج17، ص118.
[9] النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير، ج3، ص81.
[10] سنن ابن ماجة، ابن ماجة، ج2، ص784.
[11] عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور، ج1، ص220.
[12] عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور، ج1، ص383.
[13] تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج11، ص68، ط جديدة.
[14] إيضاح الفوائد، فخر الدين، ج2، ص48.
[15] رسالة لا ضرر، الشيخ الانصاري، ص111.
[16] تراث الشيخ الأنصاري فرائد الأصول، تسلسل25، ص457.
[17] رسالة لا ضرر، النائيني، ص366.
[18] مصباح الفقاهة، الخوئي، ج2، ص600.