الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق. شروط المطلّقة.

    1. تعارض روايات صحة طلاق غير المدخول بها باطلاقها وروايات بطلان الحائض باطلاقها.

    2. بين المفهومين عموم وخصوص من وجه.

    3. روايات غير المدخول بها أقوى ظهورا بملاحظة قوله (ع) " على كل حال ".

التعارض بين روايات بطلان طلاق الحائض والنفساء بإطلاقها وصحة طلاق الحائض غير المدخول بها.

التعارض موجود بين روايات بطلان طلاق الحائض بإطلاقها وصحة طلاق الحائض غير المدخول بها، واما الخائض

أولا هناك تعارض بين الروايات، ماذا نفعل بهذا التعارض؟

روايات الصحة (صحّة طلاق غير المدخول بها) مثل روايات:

خمس يطلقنا على " كل حال " وهي عديدة، و " على كل حال " فيها تعميم واضح سنأخذها قرينة على تقديم هذا الإطلاق على غيره.

منها: الوسائل ح 1: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن جميل بن دراج، عن إسماعيل بن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خمس يطلقن على كل حال: الحامل المتبين حملها، والتي لم يدخل بها زوجها، والغائب عنها زوجها، والتي لم تحض، والتي قد جلست عن المحيض.

ح2 - قال الصدوق: وفي خبر آخر: والتي قد يئست من المحيض. محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم (ثقة)، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل نحوه إلا أنه أسقط لفظ المتبين حملها. وعن حميد بن زياد (واقفي ثقة)، عن ابن سماعة، عن عبد الله ابن جبلة وجعفر بن سماعة، عن جميل نحوه. وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج نحوه. ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، وأحمد بن محمد، عن جميل بن دراج مثله.

من حيث السند: علي بن ابراهيم ثقة لكن عند المشهور يقولون انه حسن، ابراهيم بن هاشم ممدوح جدا ومعمول بكل رواياته وعلي أخذ عن أبيه، وهناك قاعدة نتكل عليها ليس فقط المدح والنقل عنه معظم الروايات وهي التالية: ثبت عندنا في بحث علم الرجال ان مشايخ علي بن ابراهيم المباشرين في تفسيره ثقات، والكلام في غير المباشرين، ولذلك نحن نوثق ابراهيم بن هاشم حسب القواعد، ولذلك لا نقول في الروايات التي في سندها ابراهيم بن هاشم حسنة، بل هي موثقة بحسب التوثيقات العامة.

وسهل بن زياد: الامر في سهل ليس سهلا بل صعب، منهم من وثقة ومنهم من لم يوثقه، بل شخص واحد وثقه وضعّفه في مكانين. قلت ان سهل بن زياد انا لا اراه كذابا لكني اراه أحمق كما وصفه الفضل بن شاذان، احيانا الانسان من الحماس يصبح غير متوازن، فالحماقة هي انه يريد ان ينفعك فيضرّك. روايات سهل ليس فيها غلو فمن حماسه يكون غير متوازن مثل الملّى بن خنيس من حماسه كان يذكر اشياء من المفروض ان لا يذكرها من كرامات الائمة سلام الله عليهم، وذلك لا لقلّة دينه بل لحماسه. سهل بن زياد طيّب السريرة ليس بكذّاب لكنّه أحمق ولذلك لا أعتبر رواياته لان الروايات تقيّد وتخصص القرآن

ح 3 - وعن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بطلاق خمس على كل حال: الغائب عنها زوجها والتي لم تحض، والتي لم يدخل بها زوجها، والحبلى (باطلاقها تشمل حتى ولو لم يتبيّن حملها)، والتي قد يئست من المحيض. [1]

من حيث السند: صحيحة.

ومن حيث الدلالة: تكرار " على كل حال " في عدّة روايات على أقوائية الظهور في الإطلاق كأن هذا الدليل أقوى.

هذا روايات الصحّة باطلاقها التي لم يدخل بها زوجها سواء كانت خائضا أو لا.

روايات بطلان طلاق الحائض مطلقا:

منها: الوسائل: ح 5 – وعنه (محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم)، عن أبيه، عن حماد بن عيسى (ثقة)، عن عمر بن أذينة، عن زرارة ومحمد بن مسلم، وبكير، وبريد، وفضيل، وإسماعيل الأزرق، ومعمر بن يحيى كلهم عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: إذا طلق الرجل في دم النفاس أو طلقها بعد ما يمسها فليس طلاقه إياها بطلاق. الحديث. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد ابن يعقوب. [2]

من حيث السند: الرواية مستفيضة بذكر " و " أي ان هناك عدّة طرق من الاجلاء ومن اصحاب الاجماع.

وهذه الرواية بإطلاقها تشمل بطلان طلاق النفساء في المدخول بها وغير المدخول وذلك كما لو أراق ماءه على فرجها من دون دخول: هنا الكلام اولا: في ان الطلاق بائن أو رجعي، ثانيا: هل لها عدّة، وثالثا: ما هي عدّتها.

ونقول: لكن الامر لا يصل إلى حد التعارض فان روايات صحة الطلاق أظهر مع ملاحظة قوله (ع) " على كل حال " التي يؤدي إلى ظهور أقوى فلذلك غير المدخول بها تطلق على كل حال لان لسانها اقوى من غيرها.

ولو قيل: ان بينهما عموما وخصوصا من وجه، أي بين عنوان النفساء وعنوان غير المدخول بها، فان أطلاق بطلان طلاق النفساء واطلاق صحة طلاق غير المدخول بها يتعارضان في النفساء غير المدخول بها، فلو وصل الامر إلى حدّ التعارض فانه لا شك في تقديم ادلة الصحة للاجماع على ذلك.

لكن الامر لا يصل إلى حدّ التعارض كما قلنا، خصوصا مع ملاحظة قوله (ع) " على كل حال "، وكانه ناظر إلى حال الحيض، فكانه قال: والتي لم يدخل بها زوجها حتى ولو كانت حائضا.

معنى الغائب عنها زوجها:

الغائب عنها زوجها مطلق تطلق على كل حال، والمراد منها ما علم انتقالها من القرء الذي وطأها فيه إلى قرء آخر، وان احتمل انها حائض لكن لم يعلم ذلك،

يقول صاحب الجواهر: ومن هنا ألحق بالغائب نصا وفتوى كما ستعرف الحاضر المتعذر عليه معرفة حيضها وطهرها أو المتعسر. انتهى كلامه. [3]

ففي الوسائل:ح1- محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها " أهله. يه " وهي في منزل أهلها " أهله. يه " وقد أراد أن يطلقها وليس يصل إليها فيعلم طمثها إذا طمثت ولا يعلم بطهرها إذا طهرت قال: فقال: هذا مثل الغائب عن أهله يطلق بالأهلة والشهور، قلت: أرأيت إن كان يصل إليها الأحيان والأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها كيف يطلقها ؟ قال: إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه يطلقها إذا نظر إلى غرة الشهر الآخر بشهود ويكتب الشهر الذي يطلقها فيه ويشهد على طلاقها رجلين فإذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتد فيها. ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله.[4] نكمل غدا أن شاء الله.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج15، ص305، أبواب مقدماته وشرائطه، باب25، ح1 و 3، ط الإسلامية.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج15، ص277، أبواب مقدماته وشرائطه، باب8، ح5، ط الإسلامية.
[3] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج32، ص31.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج15، ص310، أبواب مقدماته وشرائطه، باب28، ح1، ط الإسلامية.