42/03/15
الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
كما نقلها الشيخ الطوسي في التهذيب قائلاً:- ( أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر )[1] ، والنص نفس النص تقريباً، كما أنَّ هذا السند معتبر، وهو كسند الشيخ الكليني، وأما سند الشيخ الصدوق فهو معتبر أيضاً، فإنه قال ( روى ابن بكير عن زرارة )[2] ، وهو عبد الله بن بكير الوارد في طريق الكليني وفي طريق التهذيب، وإذا ذهبنا إلى مشيخة التهذيب نرى أنَّ السند معتبر.
ولا يقولن قائل: - إنَّ هذه روايات ثلاث.
ولكن نقول: - إنها رواية واحدة لكن لها طرق ثلاث، فهذه ثلاث طرق إلى عبد الله بن بكير إلى زرارة وهي لا تجعل الرواية ثلاث روايات وإنما هي رواية واحدة، والاختلاف في بعض ألفاظ الرواية لا يؤثر شيئاًن فإذاً هي رواية واحدة ذات طرق ثلاث.
الرواية الثانية:- ما نقله الكليني أيضاً[3] ، وهو ما نصه:- ( علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله[4] عن أبيه عن بعض أصحابنا عن عبد الله بن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام:- إن سمرة بن جندب كان له عذق وكان طريقه إليه ..... فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله إنك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن. قال:- ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله فقلعت ثم رمي بها إليه وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله انطلق فاغرسها حيث شئت )[5] ، وهذا الحديث يختلف عن سابقة بوجود كلمة ( مضار ) فيه، وكذلك فيه تعبير ( على مؤمن )، وهذا التعبيران لا يوجدان في الحديث الأول.
ولا تقل إنه أصبح عندنا روايتان، كلا وإنما هي رواية واحدة بحسب النتيجة، لأنَّ كل هذه الروايات قد انتهت إلى زرارة.
وهذه الرواية مرسلة، فإنه حتى لو قبلنا ابن بندار، وأما أحمد بن أبي عبد الله فهو البرقي الثقة وكذلك أبيه البرقي الأب ثقة ولكنها مرسلة.
الرواية الثالثة: - ما رواه الصدوق بإسناده عن الحسن الصيقل عن أبي عبيدة الحذّاء قال: - ( قال أبو جعفر عليه السلام:- كان لسمرة ابن جندب نخلة في حائط بني فلان ....... ثم قال رسول الله عليه وآله: - يسرك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال:- لا، قال:- لك ثلاثة، قال:- لا، قال:- ما اراك يا سمرة إلا مضاراً اذهب يا فلان فاقطعها وضرب بها وجهه )[6] .
وسند هذه الرواية ابتدأ بالحسن الصيقل، والحسن الصيقل هو الحسن بن زياد الصيقل وهو يمكن اعتباره حيث ورد في مشيخة الصدوق:- ( وما كان فيه عن الحسن بن زياد[7] فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن عن الحسن بن زياد الصيقل )[8] ، فيمكن قبول هذه الرواية إذا قبل محمد بن موسى بن المتوكل ولو لترضي الصدوق عنه، وكذلك السعد آبادي أيضاً ، فإن اعتبرناهما فسوف تكون الرواية معتبرة.
إذا الروايات يمكن عدّها روايتان وليست ثلاث روايات، لأنَّ الرواية الثانية هي نفس الرواية الأولى، والرواية الثالثة لا يوجد فيها تعبير ( لا ضرر ولا ضرار ) وإنما يوجد فيها تعبير ( إنك رجل مضار )، فإذاً تعبير لا ضرار ورد فقط رواية واحدة وهي معتبرة زرارة.
وفي مقام التعليق نقول: -أولاً:- قال الشيخ الأنصاري إن أصح الروايات هي الرواية الثانية حيث قال:- ( لا نتعرض من الأخبار الواردة في ذلك إلا لما هو أصح ما في الباب سنداً وأوضحه دلالة وهي الرواية المتضمنة لقصة سمرة بن جندب مع انصاري وهي ما رواه غير واحد عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام )[9] ، ثم ذكر الرواية وقال:- وفيها ( فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله:- إنك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن )، ثم قال:- ( وفي رواية أخرى موثقة " أن سمرة كان له عذق ...... فقال رسول الله للأنصاري اذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار" )، والشاهد أنه قال ( أصح ما في الباب وأوضحه دلالة الرواية المتضمنة لقصة زرارة )، فلو ذكر هذ العبارة فقط وسكت لكنا نطبقها على رواية الشيخ الكليني الأولى التي رواها عبد بن بكير عن زرارة، ولكنه طبقها على رواية ابن مسكان لأنه قال:- ( فقال له رسول الله إنك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن )، وتعبير ( لا ضرر ولا ضرار على مؤمن ) كان وارداً في الرواية الثانية التي هي رواية عبد الله بن مسكان والحال أنها مرسلة عن بعض أصحابنا فكيف تكون هي أصح الروايات؟!! بل هي ليست أصح الروايات لأنها مرسلة، وإنما أصح الروايات هي رواية عبد الله بن بكير عن زرارة، كما أنه قال ( أصح ) وهذا يعني أنَّ هناك روايات صحيحة وأصح هذه الروايات هي هذه الرواية، والحال أنه لا توجد عندنا رواية صحيحة، فإنه حتى الرواية الأولى فيها عبد الله بن بكير وهو فطحي.
كما أنه قال ( وهي ما رواه غير واحد عن زرارة )، ولكن لا يوجد عندنا في السند تعبير( غير واحد)، إلا اللهم أن يقال إنَّ الشيخ ليس مقصوده هذا التعبير الوارد عندنا في أسانيد الروايات حيث يذكر في نصف سند الرواية ( عن غير واحد عن فلان عن فلان )، وإنما مقصوده هو أنَّ الذي رواها عن زرارة اثنان وهما ابن بكير وابن مسكان.
وهناك قضية أخرى: - وهي أنَّ الشيخ النائيني ذكر في رسالة لا ضرر ما نصه: - ( إنَّ قصة سمرة مستفيضة بل فوق الاستفاضة فإنها مذكورة في كتب الفريقين بطرق متعددة )[10] ، والذي يقرأ عبارته أن قضية لا ضرر مستفيضة يعني أنه لا يحتاج إلى سند.
وفي مقام التعليق نقول: - صحيح أنَّ قصة سمرة مستفيضة لأنها وردت في رواياتنا وفي روايات القوم ولكن الرواية المذيلة بذيل ( لا ضرر لا ضرار ) هي واحدة وهي صحيحة زرارة وهي ليست مستفيضة، فإن كنت تقصد من الاستفاضة هي أنَّ قصة سمرة مستفيضة فهذه لا تنفع شيئاً، وإن كنت تقصد من مستفيضة هي الرواية المذيلة بذيل ( لا ضرر لا ضرار) فهي رواية واحدة وليست مستفيضة.