42/03/10
الموضوع: كتاب الطلاق. شروط المطلّقة.
1. هل الخلو من الحيض والنفاس شرط في صحة أو مانع منه؟ الظاهر من النصوص الأول.
2. الثمرة: عدم صحة الطلاق في المجهول حالها بناء على الشرطية، وصحته بناء على المانعية.
3. مناقشة الثمرة: قاعدة المقتضي والمانع غير ثابتة وبالتالي الثمرة غير تامة.
4. يمكن تصحيح الثمرة بناء على القاعدة التي أسسناها وهي أصالة الصحة في الإيقاعات كما في العقود.
5. الأصل العملي عند الشك هو هدم ترتب الأثر.
بعد انقطاع بسبب جائحة الكورونا، دفع الله الوباء والبلاء.
نكمل الكلام في مبحث الطلاق في شروط المطلّقة، ونذكر بالرواية: " خمسة يطلقن على كل حال: الحامل المستبين حملها، والتي لم يدخل بها زوجها، والغائب عنها زوجها (بمعنى اننا لا نستطيع ان نعلم انها في الحيض أو لا)، والتي لم تحض، والتي جلست عن المحيض". هؤلاء الخمسة يمكن طلاقهنّ على كل حال لا تحتاج إلى انتظار.
الخلو من الحيض والنفاس شرط في صحة الطلاق أم مانع؟
نعم وقع الكلام في أن الخلو من الحيض والنفاس شرط في صحة الطلاق أو مانع منه؟ بعبارة أخرى: هل الخلو منهما شرط في صحة الطلاق أو هما شرط في بطلان الطلاق.
ولا بأس بأن نذكر بأن أجزاء العلّة أربعة: "المقتضي، وعدم المانع، والمعدّ، والشرط". أقواها وأهمها المقتضي، كالنار والاحراق، النار وهي المقتضي وحدها لا تؤدي إلى إحراق، حتى يكون هناك إحراق لا بد من وجود الخشب وسمي بالمعدّ، ولا بد ايضا من وجود تماس وسمي بالشرط، ولا بد من عدم وجود الرطوبة المانعة من الإحراق.
فالخلو من الحيض والنفاس شرط في صحة الطلاق أو مانع من أصل الطلاق؟ وتظهر الثمرة في المشكوك بها المجهول حالها انها حائض أم لا.
إذا قلنا انه شرط في الصحّة، يعني يجب أن أحرز الشرط كي يصح الطلاق، فحينئذ أحكم ببطلان الطلاق. وإذا قلنا أنه مانع، بحكم بصحة الطلاق.
فعلى القول باشتراط الخلو منهما (الحيض والنفاس) لصحة الطلاق لا يقع طلاق المجهول حالها صحيحا، إذ لا بد من احراز الخلو لانه شرط.
وعلى القول بكونهما مانعين من صحة الطلاق يقع طلاق المجهول حالها صحيحا إذ لم يحرز المانع.
يقول في الجواهر: إنما الكلام في كونهما مانعين، لأنه المتيقن من نصوص بطلان طلاقهما، أو أن الخلو منهما شرط، كما هو مقتضى العبارة وغيرها، (أي عبارة صاحب الشرائع حيث يقول: " الشرط الثاني: أن يكون العقد دائما... الشرط الثالث: ان تكون طاهرا من الحيض والنفاس"). عبّر عنه بالشرط أي إذا شككنا في كونها طاهرا فالاصل بطلان الطلاق لعدم احراز الشرط.
يكمل في الجواهر: فيبطل حينئذ طلاق المجهول حالها؟ وجهان بل قولان: قد يشهد للثاني منهما أن ظاهر النصوص الكثيرة استفادة الشرط المزبور من قوله تعالى: " فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " لأن المراد الأمر بطلاقهن في طهر يكون من عدتهن ، والحائض حال حيضها ليس كذلك، وكذا ذات الطهر المواقعة فيه. ( و ) لعله لذا ذكره المصنف وغيره من الشرائط.
بل ذكروا أيضا أنه ( يعتبر هذا ) الشرط ( في المدخول بها الحائل ) دون غير المدخول بها ودون الحامل، فإنه يصح طلاقهما حائضين بناء على مجامعة الحيض للحمل بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، لأن غير المدخول بها لا عدة لها، كما أن الحامل عدتها وضع الحمل على كل حال، بل هو السبب في استفاضة النصوص بعدِّ غير المدخول بها والحامل من الخمس اللاتي يطلقن على كل حال، ومنه يعلم كونهما خارجين من إطلاق النهي عن طلاق الحائض.... [1]
ويظهر منه صحة طلاق المجهول حالها ( عن الخلو من الحيض والنفاس ).
هنا هذه الثمرة والتي هي أن الخلو من الحيض والنفاس شرط حينئذ يجب احراز الشرط لصحة الطرق، والمجهول حالها يسقط طلاقها. أما بناء على ان الحيض والنفاس مانع حينئذ يجب احراز المانع لابطال الطلاق، لان المقتضي موجود والمانع مشكوك لم يثبت.
مناقشة الثمرة:
أقول أن هذه الثمر غير تامة، لماذا؟
هذه المسألة من باب قاعدة المقتضي والمانع.
درسنا في الاصول أن قاعدة المقتضي والمانع لا نعمل بها، لم تتم، ولا تجري.
بيان القاعدة:احينانا يكون المقتضي موجودا والمانع مفقودا حينئذ تتم العلّة التامة. ومرّة اخرى يكون المقتضي موجودا والمانع مشكوكا، فقد يقال باصالة عدم المانع وبأصالة العدم أستطيع اثبات عدم المانع، وبالتالي يصبح المقتضي بلا مانع فيؤثر أثره.
إلا أن التامل يقتضي بطلان الطلاق حتى على القول بالمانعية.
وبيانه: على القول بكون الحيض والنفاس مانعين من صحة الطلاق، فذلك يعني أن العلّة التامة المؤلفة من مقتضي وشرط ومعدّ وعدم مانع. المقتضي فيها هو انشاء الطلاق، والمانع فيها هو وقوعه في الحيض والنفاس، والمقتضي هنا موجود، والمانع مجهول مشكوك ثبوته، فإثبات المعلول وهو الطلاق الصحيح أصبح مستندا إلى قاعدة المقتضي والمانع ولم تثبت.
بيان القاعدة:
عند ثبوت المقتضي والشك في المانع، قيل ان المقتضي يؤثر أثره.
وللتوضيح نقول: توجد ثلاث قواعد متشابهة: الإستصحاب، واليقين (الشك الساري)، والمقتضي والمانع. والمشهور ثبوت الاستصحاب كاصل عملي دون الآخريين، والمشترك بينها أن الجميع فيه يقين وشك.
وأما ما تختلف به:الاستصحاب: وهو إبقاء ما كان، كما عرّفه الشيخ الانصاري (ره) أي يقين ومتيقن سابق وباق، أي اليقين السابق على حاله والشك في الزمن التالي. أي لا يسري الشك إلى زمان اليقين. وذلك مثل: من كان على وضوء فشك بنى على وضوئه، وذلك للشك في حدث ناقض للوضوء.
والاستصحاب ثابت مجمع عليه، وان اختلفت الاستدلالات عليه من سنة أو بناء عقلاء أو سنة كونية او غير ذلك، وقد اختلفوا ايضا انه امارة او اصل. والمشهور بين المتأخرين كونه اصلا، وهو المختار.
قاعدة اليقين: وتسمى ايضا بقاعدة الشك الساري، وهي ان يكون المكلّف متيقنا بالحكم أو موضوعه، ثم بعد ذلك يسري الشك إلى نفس زمان اليقين. ففي مثال الاستصحاب نفسه إذا سرى الشك إلى الزمان السابق اصبح من قاعدة اليقين. والمشهور عدم حجيتها، وان استدل لها بنفس دليل الاستصحاب وهو روايات: لا تنقض اليقين بالشك. إلا ان هذا غير تام كما حقق في محله.
أما قاعدة المقتضي والمانع: وهي ثبوت المقتضي، مع الشك في وجود المانع، كثبوت النار والخشب والتماس بينهما، مع الشك في وجود الرطوبة في الخشب. قالوا: إنه لم يثبت عمل وسيرة من العقلاء على تأثير المقتضي.
ومسألتنا من هذا القبيل، فأن إيقاع الطلاق مقتضي لصحته فالمقتضي موجود والمانع وهو وقوعه اثناء الحيض أو النفاس مشكوك، فاصبحت المسألة من باب مسألة المقتضٍ والمانع وهي كما ذكرنا لم تثبت سيرة العقلاء عليها، ولا دليل من عقل أو نقل نقل عليها، فلم يثبت صحة الطلاق، ومع الشك فيه فالأصل فساده.
ما هو الأصل اللفظي عند الشك في صحة الطلاق؟
اشتهر بين الأصوليين عدم وجود أصل يصحح الإقاعات ومنها الطلاق، بخلاف العقود التي ورد فيها مثل " أوفوا بالعقود "، والتب جعلتها دليلا على أصالة الصحة في العقود.
إلا أننا أسسنا لقاعدة تصحيح العقود والإقاعات عند الشك فيها ونكررها: " إذا ورد لفظ معاملة من إيقاع أو عقد أو غيرهما في نص شرعي في أية أو رواية، فذلك يعني اعتبار الشارع لها بما تحمل من معنى ولوازم. وحينئذ: الطلاق ورد في القرآن والسنّة، فبمجرد صدق الطلاق على إيقاع حكمنا بصحته، ونطرد كل مشكوك من جزء أو شرط أو مانع.
وبالتالي: الأصل اللفظي هو أصالة صحة الطلاق بشرط انطباق عنوان الطلاق، وهنا ينطبق الطلاق عرفا، فأطرد كل شرط أو جزء أو مانع مشكوك شرعا.
ما هو الأصل العملي عند الشك في صحة الطلاق؟
لو فرضنا وصلت النوبة إلى الأصل العملي فالأصل حينئذ الفساد، وأصالة عدم ترتب الأثر.
النتيجة: من لا يقول بالقاعدة التي أسسناها لا بد له من الذهاب إلى بطلان الطلاق من المجهول حالها حتى على القول بالمانعية، لانه لا يقول بقاعدة المقتضي والمانع، فلا طريق له لتصحيح الطلاق.
أما نحن فنصحح الطلاق بناء على ما ذكرناه من القاعدة والأصل اللفظي وإن لم نقل بقاعدة المقتضي والمانع.