42/02/30
الموضوع: - شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.
وفي مقام التعليق نقول: -أولاً: - إنه ادّعى أنَّ الذمة قد اشتغلت بمجموعة تكاليف من محرمات أو واجبات مقيدة بكونها في الكتب الأربعة، ونحن نقول إنَّ هذه مجرد الدعوى، بل الصحيح أننا نعلم بكون ذمتنا مشتغلة بمائة تكليف أما أنها موجودة ومقيدة بالكتب الأربعة فهذا غير صحيح، لأنه قد تكون موجودة في الكتب الأربعة وقد تكون موجودة في غير الكتب الأربعة، كما لو كانت موجودة في مستدرك الوسائل مثلاً، والمستدرك لا تنقل من الكتب الأربعة وإنما تنقل عن كتبٍ أخرى، فنحن نعلم بوجود مائة تكليف أما أنها مقيدة بالكتب الأربعة فلا نقبله.
ثانياً: - سلّمنا أنَّ الذمة مشغولة مائة تكليف موجودة في الكتب الأربعة ولكن نقول إنَّ الموجود في الكتب الأربعة أخذ بنحو الظرفية لا بنحو القيدية فإنَّ الذمة لا تشتغل بالتحريم المقيد بكونه في الكتب الأربعة، فصحيح أنَّ هذه التكاليف موجودة في الكتب الأربعة ولكن الكتب الأربعة هي ظرف لا أنها قيود في شغل الذمة بحيث تكون الذمة مشغولة بالمحرمات بقيد كونها في الكتب الأربعة، فالكينونة في الكتب الأربعة مأخوذ وملحوظ بنحو الظرفية لا بنحو القيدية، ومعه لا يلزم أخذه في الحساب وملاحظته، نعم إذا كان قيداً فيلزم أخذه ملاحظته، أما إذا كان مأخوذاً بنحو الظرفية فلا يلزم حينئذٍ ملاحظته حتى تقول لا يكفي الحصول على مائة تكليف وإنما يلزم أن تكون المائة تكليف في الكتب الأربعة، كلا بل الكتب الأربعة أخذت ظرفاً لا قيداً في اشتغال الذمة، فيكفينا الحصول على مائة تكليف كيفما اتفق.
ثالثاً: - أن نقول لو عثرنا على مائة تكليف ولا نعلم أنها موجودة في الكتب الأربعة أو لا ففي مثل هذه الحالة يحثل انحلال حكمي وإن لم يحصل انحلال حقيقي، فأقول إنَّ هذه المائة تكليف وإن كنت لا أعلم بوجودها في الكتب الأربعة حتى يحصل انحلال حقيقي ولكني أعلم بأنَّ الحرمة ثابتة فيها، نعم لعلها موجودة بأجمعها أو مقدارٍ في الكتب الأربعة، فأصل البراءة بلحظها لا يجري ويجري في الزائد عن المائة - أي في المشكوكات - دون معارض، فيحصل بذلك انحلال حكمي.
وقد يقال: - إنك رددت الشيخ النائيني(قده) ولكنك سوف تواجه الشيخ الأعظم فلابد من مناقشته وردّه، لأنه قال في الاعتراض الثاني إنَّ الفقيه سوف يعثر بالبحث على مائة تحريم فإذا كانت المسألة مسألة علم اجمالي فسوف ينحل العلم الإجمالي، وحينئذٍ إذا سئل عن مسألة أخرى غير المائة فسوف يجري فيها أصل البراءة من دون حاجة إلى الفحص، ولا يمكن الالتزام بذلك.
ولكن نقول للشيخ الأعظم(قده):- لنفترض أنَّ العلم الإجمالي قد انحل، ولكن لا يلزم من انحلاله جريان البراءة في الباقي من دون معارض كما أردت وقلت إنَّ هذا لازم لا يمكن الالتزام به، بل نقول بوجوب الفحص حتى في الباقي رغم الحصول على المائة حكم، لأنّ موجبات الفحص كثيرة أحدها العلم الإجمالي فليس العلم الإجمالي وحده هو الموجب للفحص، بل وتوجد موجبات أخرى للفحص من آيات وروايات تدل على أنَّ الفحص لازم، مثل قوله تعالى ﴿ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ﴾ وأمثالها، فتوجد عندنا مجموعة آيات وروايات دلت على أنَّ الفحص لازم عن كل واقعة في كل الشبهات الحكمية - دون الموضوعية - ولا يمكن اجراء البراءة من دون فحص لا من باب العلم الإجمالي فإنَّ العلم الإجمالي أحدها، وإنما من باب الآيات الروايات والاجماعات أو غير ذلك، وعليه فسوف لا يتسجل علينا إشكال.
وبهذا انتهينا من الوجه الخامس من وجوه لزوم الفحص وهو العلم الإجمالي.