الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة التنبيه الرابع، التنبيه الخامس ( دوران الأمر بين الشرطية والمانعية ) - الدوران بين الأقل والأكثر - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.

المورد الثالث: - الدوران بين التعيين والتخيير في باب الحجية.

ومثاله ما لو فرض وجود مجتهدين وأحدهما أعلم من الثاني فنشك هل الحكم هو التخيير أو تعين الرجوع إلى الأعلم، ومن الواضح أنه لو كانا متساويين فلا يوجد عندنا شك وإنما يوجد تخيير جزماً أما إذا فرض أن أحدهما كان أعلماً أو محتمل الأعلمية فحينئذٍ يدور الأمر بين هذا الأعلم وبين التخيير، فإذا شك الفقيه في أن والقواعد ماذا تقتضي في مثل هذه الحالة؟

المناسب في مثل هذه الحالة هو التعيين دون التخيير، إذ قول الأعلم معلوم الحجية جزماً أما غير الأعلم فمشكوك الحجية، والشك في الحجية يساوق القطع بعدم الحجية، فإنه لا يمكن الاستناد إلى مشكوك الحجية وإنما لابد من الاستناد إلى ما هو مقطوع الحجية فعلى هذا الأساس قول الأعلم اجزم بحجيته أما قول غير العلم فأشك في حجيته فهو مشكوك الحجية والشك في حجية الشيء يساوق بحسب النتيجة القطع بعد حجيته لأنه استناد إلى غير العلم بخلاف معلوم الأعلمية فإنه معلوم الحجية وليس مشكوك الحجية أما غير الأعلم فهو مشكوك الحجية فمع الشك في حجية غير الأعلم لا يمكن الاستناد إليه لأن الشك في الحجية يساوق عدم الحجية.

المورد الرابع: - الدوران بين التعيين والتخيير في مقام الامتثال.

كما لو فرض أنه وقع تزاحم بين الازالة الصلاة، فالصلاة واجبة والازالة واجبة أيضاً والجمع بينهما غير ممكن فيقع التزاحم بينهما آنذاك، ففي مثل هذه الحالة إذا كان أحدهما معلوم الأهمية ولو بسبب ضيق وقته قدّم على الآخر، فإنَّ الإزالة مضيَّقة فورية بخلاف الصلاة فإن فيها سعة فيقدم الفوري، وإذا كانا متساويين في الفورية فإن كان هناك علم أو احتمال بأهمية أحدهما قدّم على الآخر فإن العقل يحكم بذلك، وإن لم يكن هناك علم بأهمية أحدهما ولا احتمال فالمناسب هو التخيير.

التنبيه الخامس: - دوران الأمر بين كون الشيء شرطاً أو مانعاً.

ومثال ذلك دوران الأمر بين القصر والتمام في الموارد التي يشك فيها المكلف فيها بأن وظيفته هل القصر أو التمام، يعني يشك في أنَّ الركعتين الأخيرتين هما جزء من الصلاة أو مانع ومبطل للصلاة، فماذا يفعل في مثل هذه الحالة؟، وهذا يسمّى بالدوران بين الجزئية والمانعية.

ولو قال قائل: - فليأت بالركعتين الأخيرتين فهذا لا يهم

قلنا: - إنَّ هذا لا يضر فإنه في باب الصلاة إذا كانت الوظيفة هي ركعتن فإضافة ركعتين إليها يكون مبطلاً للصلاة فالدوران هنا بين الشرطية والمانعية الجزئية والمانعية.

ولكن المناسب هو الاحتياط بتكرار الصلاة: - فمرة يأتي بها تماماً وأخرى يأتي بها قصراً مع سعة الوقت وأما إذا كان الوت ضيقاً فيأتي بأحدهما داخل الوقت ويأتي بالثانية خارج الوقت ولا يوجد غير هذا.

وهكذا الحال في مسألة الجهر والاخفات، فلو شك المكلف في أنَّ وظيفته في صلاة الآيات مثلاً هي الجهر أو الاخفات فماذا يصنع، فإنه إما أن يكون الجهر شرطاً أو يكون مانعاً؟المناسب هو ذلك، يعني أنه يحتاج بالاتيان بالصلاة مرة جهراً ومرة يأتي بها اخفاتاً مع سعة الوقت، أما مع ضيق الوقت فيأتي بواحدة داخل الوقت ويأتي بالثانية خارج الوقت، وإذا لم يكن يتمكن من الاتيان بصلاتين لعذر فحينئذٍ وظيفته هي أن يأتي بواحدة حين العذر أما الصلاة الثانية فيأتي بها بعد ارتفاع العذر.