41/11/01
الموضوع: - التنبيه الثامن ( الانحلال الحقيقي والانحلال الحكمي ) - الشبهة غير المحصورة - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.
ومن الغريب كما ذكره السيد الخوئي(قده)[1] :[2] - من أنَّ الأمارة إذا شهدت بالغصبية فأصل الطهارة لا يجري في الاناء المغصوب إذ لا فائدة من اجراء أصل الطهارة فيه بعد فرض أنه لا يجوز ارتكابه لأجل الغصبية فجريان أصل الطهارة فيه يكون عبثاً فيجري أصل الطهارة في الطرف الآخر من دون معارض.
وهذا غريب: - فصحيح أنَّ الغصب لا يجوز ارتكابه، ولكن لو فرض أني لا أهتم للغصبية ولكن لو أصابت عباءتي الاناء الغصبي ففي مثل هذه الحالة يكون جريان أصل الطهارة فيه يكون له ثمرة وهو الحكم بطهارة العباءة، فإذاً أصل الطهارة يجري إما أن نفترض أنَّ هذا المكلف لا يبالي بالغصب وإنما يبالي بالطهارة والنجاسة، أو نفترض أنه صدر منه عفواً كما لو أصابت العباءة الاناء الغصبي غفلة، فإذاً أجرينا أصل الطهارة في ماء الإناء رغم أنه غصبي فحينئذٍ لا يحتاج إلى تطهير العباءة، وهذه ثمرة بخلاف ما لو فرض أنه لم يجرِ أصل الطهارة فنحتاج إلى مؤمن يؤمّن من نجاسة العباءة مادام أصل الطهارة لا يجري في الماء الموجود في الاناء الغصبي.
المورد الثاني: - هو فميا لو فرض أن أحد الطرفين كان فيه أصل منجّز فيجري الأصل في الطرف الآخر من دون معارض، كما لو فرض وجود إناءان الحالة السابقة لأحدهما كانت هي النجاسة وبعد ذلك شككت في طرو المطهر عليه وأنا في اثناء الشك في طور المطهر وقعت قطرة دم أو بول في الاناء الذي كانت حالته السابقة هي النجاسة وأشل في طرو المطهر عليه أو ف الاناء الآخر فهنا يحصل علم اجمالي بنجاسة أحد الاناءين ولكن هذا العلم الإجمالي لا يكون منجزاً لعدم تعارض الأول، إذ الطرف الأول الذي كانت حالته السابقة هي النجاسة يجري فيه استصحاب النجاسة لأنه كان نجساً سابقاً ومع جريان استصحاب النجاسة لا يجري أصل الطهارة لحكومة استصحاب النجاسة على أصل الطهارة - أما ما هو وجه الحكومة فلا يهمنا ولكنه متفق عليه - فحينئذٍ يجري أصل الطهارة في الاناء الثاني من دون معارض، لأنَّ المفروض أنَّ استصحاب النجاسة جارٍ في الطرف الأول فيجري أصل الطهارة في الطرف الثاني من دون معارض فينحل العلم الإجمالي انحلالاً حكمياً بمعنى زوال التنجيز عنه لعدم تعارض أصل الطهارة فيه لفرض أنَّ الطرف الأول يجري فيه استصحاب النجاسة فيجب الاجتناب عنه أما الطرف الثاني فيوجد شك بدوي في نجاسته فيجري فيه أصل الطهارة.
المورد الثالث: - ما إذا فرض أنَّ المكلف شك بعد دخول وقت صلاة الظهر ولكن قبل الغروب بساعة التفت إلى نفسه وعلم بأنه قد فاتته صلاة جزماً ولكن لا يدري أن الفائتة هي صلاة الصبح أو صلاة الظهر لم يأت بها إلى الآن فهنا يحصل علم اجمالي بفوات إحدى الصلاتين، وهل هذا العلم الإجمالي منجّز أو ليس بمنجّز؟ إنه ليس بمنجّز، لأنه في أحد الطرفين وهو صلاة الظهر يوجد منجز لصلاة الظهر وهو الشك في الوقت فإن الشك في الوقت موجب للاشتغال لصحيحة زرارة الدالة على ذلك، فهي دلت على أنَّ المكلف إذا شك بعد خروج الوقت فقد دخل حائل، فخروج الوقت هو بنفسه حائل ومانع من تأثير الشك، أما لو كان الشك في داخل الوقت فلابد أن تأتي بالصلاة التي يشك بالإتيان بها لأجل قاعدة الاشتغال الثابتة بصحيحة زرارة، فحينئذٍ يوكن الاتيان بصلاة الظهر منجّز لأنَّ الشك فيها هو في داخل الوقت، ويبقى الشك في صلاة الصبح وهو خارج الوقت فنجري البراءة عن وجوب القضاء، فهنا يحصل انحلال حكمي للعلم الإجمالي، وأما إذا كان الشك خارج الوقت، يعني بعد أن دخل وقت المغرب علمت بأنه إما أني لم أصلِّ صلاة الصبح أو لم أصل صلاة الظهر فهنا يكون العلم الإجمالي منجّز، لأني أعلم بأنّ إحدى الصلاتين قد فاتتني فيلزم الاتيان بهما لأنَّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ولا يوجد مؤمّن أو موجب للاشتغال بلحاظ إحدى الصلاتين، ففي مثل هذه الحالة تتعارض أصالة عدم الاتيان - أو استصحاب الاشتغال - فصلاة الصبح تجري أصالة عدم الاتيان بها وكذلك صلاة الظهر تجري أصالة عدم الاتيان بها فيتعارضان ويتساقطان - فإما أنَّ أصالة عدم الاتيان هي الجارية أو استصحاب الاشتغال هو الجاري - فيصير العلم الإجمالي منجّزاً، فإذاً إذا كان الشك بعد الوقت فالعلم الإجمالي يكون منجّزاً ولا يوجد انحلال حكمي، وإنما يتصور الانحلال الحكمي فيما إذا فرض أنَّ الشك كان داخل وقت صلاة الظهر فهنا حيث يتنجّز وجوب صلاة الظهر من باب كون الشك في داخل الوقت وقد دلت صحية زرارة على أنَّ الشك متى ما كان داخل الوقت تجري قاعدة الاشتغال فيجب على المكلف الاتيان بالصلاة، وحينئذٍ ينحل العلم الإجمالي انحلالاً حكمياً كما أوضحنا.
المورد الرابع: - أن نفترض وجود علمين اجماليين يشتركان في طرفٍ واحد ويفترقان في الطرف الآخر، ومثاله ما أشرنا إليه في التنبيه السابق وهو ما لو وجد عندي إناءان وأحدهما نجس جزماً ثم فرض أنَّ طرفاً ثالثاً - كالعباءة - لاقى الطرف الأوّل، فيتشكل علمان اجماليان العلم الإجمالي الأول هو العلم إما بنجاسة الطرف الأول أو الطرف الثاني، والعلم الإجمالي الثاني هو العلم إما بنجاسة الطرف الثالث - الملاقي - أو بنجاسة الطرف الثاني من جانب آخر، فالطرف الثاني مشترك بين كلا العلمين، وهنا يوجد رأي يقول بأن العلم الثاني يسقط عن التنجيز وينحل انحلالاً حكمياً ويبقى التنجيز للعلم الأول، وقد ذهب إلى هذا جماعة من الأصوليين، أما كيف ذلك؟ قد ذكرنا عدّة ثلاثة أو أربعة بيانات سنكررها.