41/10/17
الموضوع: - التنبيه السابع ( ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة ) - الشبهة غير المحصورة - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.
المقدمة الثانية: - إنَّ العلم الاجمالي لا ينجّز من حين حصوله بل ينجّز من حين معلومه، فلو فرض أني علمت الآن أنَّ عباءتي قد تنجست قبل شهرين أو أنَّ القباء هو الذي قد تنجّس، فالعلم قد حصل الآن ولكن المعلوم قبل شهر فيثبت وجوب الاجتناب عن كليهما من بداية الشهر وليس من حين العلم، فالعلم الاجمالي ينجّز لا من حين حصوله بل من زمان ثبوت معلومه، ويترتب على هذا أنه لو فرض أنه في يوم السبت علمت بنجاسة إما الثوب الأول أو الثوب الثاني، وفي يوم الأحد علمت بوقوع نجاسة قبل السبت والأحد - أي يوم الجمعة - إما على شيء ثالث غير الاناءين اللذين علمت بنجاستهما يوم السبت، ففي يوم الجعة علمت بوقوع نجاسة على عباءتي أو على أحد ذينك الثوبين اللذين علمت بوقوع النجاسة في أحدهما يوم السبت، إنه في مثل هذه الحالة يلزم أن نلاحظ العلم الأسبق والتنجيز يصير عليه، والعلم الأسبق ليس هو العلم في يوم السبت لأننا أخذنا أن ملاك السبق هو سبق المعلوم لا العلم، فإنَّ زمان العلم ليس بمهم وإنما إذا كان زمان المعلوم أسبق، فهذا العلم يصير أسبق، والمفروض أنَّ العلم الذي حصل في يوم الأحد بنجاسة إما العباءة التي هي شيء ثالث يوم الجمعة، فالمعلوم هو يوم الجمعة الذي هو قبل يوم السبت والأحد، فوقوع نجاسة البول إما على العباءة أو على أحد ذينك الثوبين، فالتنجيز يثبت لهذا العلم الأسبق، والمقصود من الأسبق هو الأسبق معلوماً والأسبق معلوماً هو العلم الذي حصل يوم الأحد فإنه أسبق علوماً فيكون هو المنجّز، وبذلك يجب الاجتناب عن العباءة وعن كلا الثوبين.
ولا يقال: - إنَّ هذا العلم كيف ينجِّز والحال أنَّ أحد طرفيه منجّز بمنجّز سابق، فنحن نعلم بأنه يوم الأحد بوقوع قطرة نجاسة إما على العباءة أو على أحد ذينك الثوبين اللذين علمت بنجاسة أحدهما يوم السبت، فهذا الطرف - وهو علمي بنجاسة أحد الثوبين - هو قد تنجّز بالعلم الحاصل يوم السبت، هكذا قد يخطر إلى الذهن.
ولكن نقول: - إنَّ العلم يوم السبت هو متأخر والمتأخر لا يؤثر على المتقدم، فنحن المفروض أنَّ علمنا الذي حصل يوم الأحد هو علم متقدم على العلم الحاصل يوم السبت ولكنه تقدمٌ من حث المعلوم لا من حيث زمان العلم، وزمان المعلوم هو يوم الجمعة التي هي قبل السبت، ففي يوم الجمعة يوجد عندي علم بوقوع قطرة بول إما على العباءة أو على ذينك الثوبين اللذين علمت بوقوع نجاسة على أحدهما يوم السبت، فالمدار على منجّزية ذلك العلم الأسبق الذي هو العلم في يوم الأحد، لأنَّ معلومه أسبق وهو في يوم الجمعة.
المقدمة الثالثة: - إنَّ أسبقية أحد العلمين من حيث المعلوم هي على نحوين، فتارةً تكون أسبقية زمانية، وتارةً تكون أسبقية رتبية، ومثال الأسبقية الزمانية ما تقدم في المقدمة الثانية، فإننا قلنا عن العلم الحاصل يوم الأحد متقدم على العلم الحاصل يوم السبت فإنَّ هذه أسبقية بلحاظ المعلوم، وهي أسبقية زمانية، لأنني علمت يوم الأحد بأنَّ قطرة نجاسة وقعت إما على شيء ثالث - وهو العباءة - يوم الجمعة فهذه أسبقية زمانية، فإنَّ الجمعة أسبق من السبت والأحد، وقد تكون الأسبقية أسبقية من حيث الرتبة.