41/10/14
الموضوع: - التنبيه السابع ( ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة ) - الشبهة غير المحصورة - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.
تقريبات عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي: -التقريب الأول: - ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) وقد أوردنا عليه بإيرادين.
التقريب الثاني:- ما ذكره الشيخ العراقي(قده) فيما سبق حيث قال نحن نوافق الشيخ الأعظم في أنَّ الملاقي - أي الطرف الثالث - لا يجب الاجتناب عنه ولكن لما ذكره من اختصاص المعارضة بالأصول ذوات الرتبة الواحدة وإنما لقاعدة المنجّز لا يتنجّز ثانيةً، وذلك لأجل أنه يوجد عندنا علمان اجماليان، العلم الأول بين الطرف الأول والطرف الثاني فنحن نعلم اجمالاً بنجاسة أحدهما ثم بسبب الطرف الثالث للطرف الأول حدث علم اجمالي جديد ثاني إما بنجاسة الطرف الثاني أو نجاسة الطرف الثالث، وحيث إنَّ العلم الأول قد نجّز أطرافه وأحد أطرافه هو الطرف الثاني الذي هو طرف مشترك في العلم الإجمالي الأول والعلم الإجمالي الثاني وحيث قد تنجّز هذا الطرف المشترك بالعلم الأول فلا يتنجّز بالعلم الإجمالي الثاني فالعلم الإجمالي الثاني لا يكون منجزاً فإن العلم الإجمالي يكون منجّزاً بنفسه لا بسبب تعارض الأصول، وإنما ينجّز إذا لم يكن أحد أطرافه قد تنجّز بمنجّز سابق، أما إذا تنجّز أحد أطرافه بمنجّز سابق فهذا العلم الإجمالي لا يكون منجّزاً، لأجل ان المنجّز لا يتنجّز ثانية فالطرف الثاني لا يمكن أن يتنجّز بالعلم الإجمالي الثاني، وشرط منجّزية العلم الإجمالي أن يكون صالحاً لتنجيز كل واحدٍ من طرفيه، ومنه في مقامنا وهو العلم الإجمالي الثاني، وفي مقامنا العلم الإجمالي الثاني ليس كذلك، إذ النجاسة إذا كانت في الطرف الثاني فقد تنجزت بالعلم الإجمالي الأول، فلا تتنجز بالعلم الإجمالي الثاني، فإنَّ المنجّز لا يتنجز ثانيةً فإنه يلزم محذور تحصيل الحاصل، فإذاً ولد العلم الإجمالي الثاني وهو غير منجّز، لأنّ أحد طرفيه قد تنجّز بمنجّز سابق، وحينئذٍ يعود الطرف الثالث - الملاقي - من دون علم اجمالي منجّز، ويعود الشك في نجاسته شكاً بدوياً، فيكون مجرى لأصل الطهارة.
ويرده: -إنه ذكر أنَّ الطرف الثاني الذي هو طرف في العلم الثاني قال إنه قد تنجز بمنجز سابق وهو العلم الأول فلا يتنجز بالعلم الثاني فإنَّ المنجّز لا يتنجز ثانية، وفي مقام التعليق على ما أفاده نقول: -
أولاً: - إنَّ العلم الإجمالي وإن كان ينجّز كل طرف، فالعلم الإجمالي الأول ينجز الطرف الأول وينجّز الطرف الثاني، ولكن هل هو ينجّز كل طرفاً تنجيزاً مستمراً إلى ألبد أو أنه في كل آنٍ ينجّز بلحاظ ذلك الآن، ففي الآن الأول العلم الإجمالي ينجّز بلحاظ الآن الأول وفي الآن الثاني ينجز بلحاظ الآن الثاني لا أكثر في الآن الثالث ينجز بلحاظ الآن الثالث لا أكثر، في مقابل أن ينجّز بحدوثه في الآن الأول ينجز إلى الأبد، فما هو الصحيح؟ الصحيح هو الثاني فهو في آن هو موجود فيه فهو ينجز بلحاظ ذلك الآن أماب لحاظ الآن الثاني فلابد أن نلاحظ هل هو موجود أو لا فإن كان موجوداً فينجز بلحاظ ذلك الآن لا أنه ينجز إلى الأبد وإلا فسوف يصير معنى هذا أنه حتى لو زال العلم الإجمالي يبقى منجزاً أيضاً، لأنَّ العلم الإجمالي قد تنجز بالوجود الأول، فالصحيح أن لعلم الإجمالي في كل آن هو ينجز بلحاظ ذلك الآن لا أنه ينجّز بلحاظ الآنات الأخرى، وإنما هو ينجز في الآن الموجود فيه العلم الإجمالي فقط كالآن الأول فهو ينجز بلحاظ الآن الأول أو الآن الثاني ينجز بلحاظ الآن الثاني وهكذا، لأنَّ تنجيز العلم الإجمالي مستنده هو حكم العقل والعقل يقول إنه في أي وقت يوجد علم اجمالي فهو له تنجيز، فلو كان موجوداً الآن فينجز بلحاظ الآن وإذا كان موجوداً بعد الدقيقة الثانية فهو ينجز بلحاظها .... وهكذا، فإذا قبلنا بأن العلم الإجمالي في كل آنٍ ينجّز بلحاظ ذلك الآن لا أكثر من ذلك فحينئذٍ نقول إنَّ العلم الإجمالي الأول صحيح أنه نجّز الطرف الثاني وأنه يلزم تركه ولكنه نجّز ذلك الطرف في ذلك الآن الأول وليس إلى الأبد، وعندما حدث الآن الثاني وحصل العلم الإجمالي الثاني بين الطرف الثاني وبين الطرف الثالث - الملاقي - فسوف يتلقى الاناء الثاني الذي هو الطرف المشترك بين العلمين التنجيز من كلا العلمين في آنٍ واحد، لا أنه في الآن الثاني قد ثبت له التنجّز مما سبق، كلا بل في الآن الثاني يثبت تنجز جديد بلحاظ الآن الثاني وحيث إنه في الآن الثاني يوجد العلم الإجمالي الثاني فسوف يتلقى الطرف المشترك بين العلمين الاجماليين - وهو الطرف الثاني - التنجيز في آن واحد من كلا العلمين لا أنه كان في الآن الثاني منجزاً من حين الآن الأول فإنَّ هذا غير صحيح فإنه في الآن الثاني لم يكن منجّزاً من حين الآن الأول، وإنما في الآن الأول كان منجّزاً في الآن الأول فقط وفي الآن الثاني يحدث تنجيز جديد للعلم الأول في الآن الثاني وإلى جنبه العلم الإجمالي الثاني فيتلقى الطرف الثاني التنجيز في آن واحد من كلا الطرفين، لا أنه كان منجّزاً في الآن الثاني من حين الآن الأول حتى يقال هو قد تنجّز من حين الآن الأول فكيف يتنجز ثانيةً بالعلم الإجمالي الثاني، كلا بل الطرف الثاني لم يتنجّز في الآن الأول، وإنما هو تنجز في الآن الأول بلحاظ الآن الأول فقط لا أكثر، وفي الآن الثاني يتلقى التنجيز من كلا العلمين في آن واحد، لا أنه منجّز في مرتبة سابقة حتى تأتي قاعدة المنجّز لا يتنجز.
ثانياً: - لماذا المنجّز لا يقبل التنجز ثانيةً؟! فإن هذه العبارة فيها جنبة إعلامية وإلا واقعاً يمكن رفضها، فإنَّ التنجز يعني استحقاق العقوبة على المخالفة، وأيّ مانع في أن يستحق العقوبة من جهتين أو ثلاث جهات؟!! فأمس كان يستحق العقوبة على تناول الاناء الثاني من شيء واحد واليوم يستحق العقوبة على تناول الاناء الثاني بواسطة شيء آخر وهو العلم الإجمالي الثاني، وأيَّ مانع في ذلك؟!! وإن شئت قلت:- إنَّ التنجز ليس أمراً تكوينياً حتى يقال يلزم محذور تحصيل الحاصل، فإنه إذا أمراً تكوينياً فكلامك صحيح فإنَّ المنجّز لا يتنجّز ثانيةً، أما إذا قلنا إنَّ معنى التنجز هو استحقاق العقوبة فيمكن للشيء الواحد يستحق العقوبة على مخالفته من جهات متعددة وفي أوقات مترتبة، فهذا اليوم أستحق العقوبة على تناول الاناء الثاني من جهة العلم الإجمالي الأول وفي اليوم الثاني استحق العقوبة على تناوله من جهتين فإنَّ هذا استحقاق عقوبة ولا محذور في تعدد جهات استحقاق العقوبة وملاكات استحقاقات العقوبة، وليس استحقاق العقوبة من الأمور التي لا تقبل التأكّد، فيكون استحقاق العقوبة من جهتين أو أكثر، فالتأكّد في استحقاق العقوبة الذي هو التنجّز شيء معقول ولا محذور فيه.