41/10/13
الموضوع: - التنبيه السابع ( ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة ) - الشبهة غير المحصورة - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.
ونعلق على ما افاده الشيخ الأعظم بتعليقين: -التعليق الأول:- نقول إنَّ مسألة المعارضة بين الأصول وأن أصل الطهارة يتعارض في اثنين وهما الأول والثاني أو يتعارض في دفعة واحدة في الثلاثة فهذه القضية وهي أنَّ المعارض في أصل الطهارة - وهي موثقة عمّار ( كل شيء لك طاهر ) - ثلاثية أو ثنائية، فهل هذه الرواية نطبقها على الاناء الأول وعلى الاناء الثاني فتتعارض فيهما، فإنَّ الشيخ الأنصاري(قده) يريد أن يفعل هكذا، ولكن نقول له إنَّ تشخيص كيفية تطبيق الدليل أنه متعارض في الثلاثة أو متعارض في اثنان هذه قضية يرجع فيها إلى العرف وليس إلى الدقة لأنَّ ( كل شيء لك طاهر ) هو دليل لفظي فنرى هل يمكن أن يشمل الثلاثة أو لا فإنه كلام عرفي فتطبيقه لابد أن يكون عرفياً وليس دقياً، فإنه بالنظرة الدقية الفلسفية يقال إنَّ ( كل شيء لك طاهر ) لا يمكن تطبيقه على واحد من هذ الثلاثة لأنه من دون مرجح ولا بتطبيقه على الجميع للعلم بكذب هذا التطبيق على الجميع، فمن نظر إلى هذا بالنظرة الفلسفية الدقية فسوف يجعل التعارض بين الأصل في الطرف الأول والأصل في الطرف الثاني لأنهما في رتبة واحدة فيتساقطان ثم يبقى الأصل في الطرف الثالث من دون معارض، يعني أدخلنا مسألة الرتبة على تطبيق الدليل والحال أنها ليست عرفية وإنما هي مسألة فلسفية، فنحن ادخلنا هذه المسألة الفلسفية على الدليل والحال أنه دليل لفظي عرفي وهذه الطريقة مرفوضة من الشيخ الأعظم وكل من يفعل ذلك.
التعليق الثاني: - إنه إذا صار البناء أن المعارضة تختص بالأصول ذوات الرتبة فلازم ذلك الخروج بنتيجة جديدة مرفوضة لا يمكن أن يلتزم بها أحد، والوجه في ذلك أن نقول إنه إذا كانت المعارضة تختص بالأصول ذوات الرتبة الواحدة فيلزم أن يكون أصل الطهارة في الاناء الأول مع أصل الطهارة في الاناء الثاني متعارضان فيتساقطان، فإذاً سقط بالمعارضة الأولى أصل الطهارة في الطرف الثاني بالمعارضة بأصل الطهارة في الأصل في الطرف الأول، ثم نأتي إلى المعارضة الثانية وهي بين اصل الطهارة في الطرف الثاني مع اصل الطهارة في الطرف الثالث - وهو الملاقي - فهذه المعارضة الثانية الأصول فيها هي أصل الحلية في الطرف الثاني - لأننا قلنا إنَّ أصل الطهارة هنا قد سقط بالمعارضة الأولى - مع أصل الطهارة في الطرف الثالث لأنه لم يسقط ورتبته متأخرة عن أصل الطهارة في الطرف الأول، فسوف يتعارض أصل الطهارة الذي رتبته متأخرة مع أصل الحلّية في الطرف الثاني والذي رتبته متأخرة عن أصل الطهارة في الطرف الثاني الذي سقط
، فيتعارض أصل الحلّية في الاناء الثاني مع أصل الطهارة في الاناء الثالث، وهما في رتبة واحدة، فيتعارضان وتساقطان فتصل النوبة إلى أصل الحلّية في الطرف الثالث، لأنَّ أصل الحلية لم يسقط وإنما الذي سقط هو أصل الطهارة الذي هو أصل مسببي وهو حاكم على أصل الحلية ولكن بعد أن سقط أصل الطهارة يبقى أصل الحلية في الطرف الثالث من دون معارض، وهذا ينتج نتيجة غريبة وهي أنَّه إذا كان الطرف الثالث ماءً مثلاً فحينئذٍ أصل الحلّية يجري فيه فيجوز شربة ولكن لا يجوز الوضوء به، لأنَّ الوضوء يلزم أن يكون بالماء الطاهر فإنه حكم وضعي فيشترط أن يكون الماء طاهراً والمفروض أنَّ أصل الطهارة في الطرف الثالث قد سقط بالمعارضة مع أصل الحيلة في الطرف الثاني لأنهما في رتبة واحدة، فلا يجوز الوضوء إذ يشترط في الوضوء طهارة الماء ولكن يجوز تناول الطرف الثالث وهذه نتيجة غريبة ولا يمكن لفقيه أن يلتزم بذلك، وهذه مؤاخذة على الشيخ الأنصاري، وقد أوردها السيد حيدر الكاظمي الصدر والد السيد الشهيد(قده)ن وقد ذكر ذلك الشيخ العراقي(قده)[1] .
وحينما ذكر الشيخ العراقي(قده) هذه الشبهة بعنوان تذييل قال:- إنَّ هذه الشبهة صحيحة ولكن على من يرى أنَّ منجّزية العلم الإجمالي فرع تعارض الأصول - وهذا ما يعبر عنه بمسلك الاقتضاء -، وأما على مسلك العلّية الذي يقول بأن ذات العلم الإجمالي هي تنجز لا بسبب تعارض الأصول والذي أبني عليه لا يرد هذا الاشكال، لأني لا أرى أن المنجّزية تنشأ من تعارض الأصول، بل قول إنَّ العلم الإجمالي الأول الذي كان بين الطرف الأول والطرف الثاني هو منجّز بذاته من دون حاجة إلى معارضة الأصول، فيجب الاجتناب عن الطرف الأول ويجب الاجتناب عن الطرف الثاني، ونذهب إلى العلم الإجمالي الثاني بين الطرف الثاني وبين الطرف الثالث - وهو الملاقي - فهذا العلم الإجمالي الثاني ليس منجّزاً، لأنَّ أحد طرفية قد تنجّز بمنجّزٍ سابق والمنجَّز لا يتنجّز ثانيةً، لأجل أنَّ العلم الإجمالي الثاني هو بين الطرف الثاني والطرف الثالث والطرف الثاني قد تنجَّز وجوب الاجتناب عنه بالعلم الإجمالي بالعلم الأول، فالعلم الإجمالي الثاني لا يكون منجّزاً ، فيعود الطرف الثالث في العلم الإجمالي بينه وبين الطرف الثاني ليس منجّزاً، إذ قد تنجّز أحد الطرفين بمنجّزٍ سابق فيكون الشك بدوياً في الطرف الثالث فأجري أصل الطهارة وأيضاً أجري أصالة الحل فأقول يجوز شربة كما يجوز الوضوء به.