الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

41/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الخامس ( ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة ) - الشبهة غير المحصورة - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.

وفي مقام التعليق نقول: -

أولاً:- إنَّ هذا التقريب مبني على أنَّ المعارضة ثنائية، يعني نفترض في طرفي المعارضة هي فقط الأصل في الملاقي والأصل في الطرف الثاني فهنا نقول لا معارضة ولا ممانعة وإلا يلزم ما ذكر، ولكن نحن لا نقبل هذا بل نقول إنَّ المعارضة تكون ثنائية ولكنها ثلاثية، يعني أنَّ الأصل في الملاقى مع الأصل في الملاقي يكونا في طرفٍ واحد من أطراف المعارضة - لأنَّ مؤداهما واحد ولا معارضة بينهما - ويفق أصل الطهارة في الطرف الثاني من طرفٍ آخر، ونحن نعلم إما ببطلان الأصل في الطرف الثاني أو أنَّ الأصلين في الملاقي والملاقى معاً كاذبان، وإذا كانت المعارضة بهذا الشكل فسوف يسقط الجميع.

وإذا قلت: - لما تجعل المعارضة بهذا الشكل؟

قلت: - إنَّ واقع الحال هو ذلك، فإنّا نعلم إما ببطلان الأصلين في الملاقى والملاقي في هذا الجانب أو الأصل الواحد في الطرف الثاني، فالمعارضة تكون بهذا الشكل ولا تتصور بشكلٍ آخر، فالمعارضة روحاً هي ثلاثية وإن كانت ثنائية شكلاً، فلا يأتي ما ذكر في التقريب، لأنَّ ما ذكر فيه مبني على وجود معارضتين الأولى هي بين الطرف الأول والطرف الثاني ومعارضة ثانية بين الملاقي – الطرف الثالث - والطرف الثاني، والحال أنها معارضة واحدة ونحن نعلم إما بكذب الاثنين معاً من هذا الجانب أو بكذب ذاك الواحد.

ثانياً: - إنه بالتالي في المعارضة بين الأصل في الملاقي وبين الأصل في لاطرف الثاني قلت لا توجد معارضة وممانعة ومنافاة، ونحن نسأله ونقول هل الأصل في الطرف الثاني ليس بموجودٍ أبداً أو أنه موجود ولكنه لا يعارض لا يمانع؟ فإن كنت تقصد الأول فهذا خلاف الواقع، فإنَّ المفروض وجود إناءين أحدهما الاناء الثاني والأصل فيه موجود، وإذا لم يكن أصل الطهارة موجوداً في الاناء الثاني فهو على خلاف الواقع، إذ كيف لا يكون موجوداً ؟!!، ولكن بالتالي نقول يوجد أصل واحد في البين من دون معارضٍ ولا توجد أصول ثلاثة وإنما نقول من الأول إنما يوجد أصل واحد وهو الأصل في الملاقي، وهذا كذب وخلاف الوجدان فإنَّ دليل أصل الطهارة يشمله، أو أنَّ مقصودك هو أنَّ الأصل موجود ولكنه ليس بفعّال وهو في حكم الساقط؟ ولكن هذا كلام ليس بمقبول، إذ كيف أنَّ رواية ( كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر ) تشمله ولكن في نفس الوقت هو ليس بفعّال؟!! إنَّ هذا ليس بمقبول، فإذاً أنت حينما قلت لا ممانعة ولا معارضة بين الأصل في الملاقي - الطرف الثالث - والأصل في الطرف الثاني فأمرك دائر بين أمرين، فإذاً على كلا التقديرين هذا لا معنى له من الأساس فدعوى أنَّ الأصل في الملاقي لا يعارضه الأصل في الطرف الثاني هو في حدَّ نفسه شيء مرفوض.

وبهذا اتضح من خلال ما ذكرنا أنَّ التقريبات الثلاثة لإثبات أنَّ الأصل في الملاقي يجري ونحكم بلزوم التجنب عن الطرفين مع الحكم بطهارة الملاقي هو باطل بل الصحيح الحكم بلزوم الاحتياط بترك الثلاثة.