41/05/17
الموضوع: - التنبيه الرابع ( خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء ) - مبحث أصالة الاشتغال (الشّك في المكلف به)- مبحث الأصول العملية.
ويرده:- إنَّ ما ذكره في شرطية تنجيز العلم الإجمالي من لزوم كل طرف محدثاً للتكليف على تقديره لا مثبت له، نعم نحن تعلمنا ذلك ولكن من باب أنَّ الغالب هو أنَّ الأمر كذلك، لا أن شرط منجّزية العلم الإجمالي هو ذلك، بل شرط منجّزية العلم الإجمالي أن يكون هناك علم بالتكليف، فمادمنا نعلم بالتكليف إما هذا التكليف أو ذاك كفى لمنجزيته، أما أنَّ هذا الطرف محدث للتكليف أو ذاك الطرف محدث للتكليف ليس بلازم في منجّزية العلم الإجمالي، بل المهم ثبوت علم بالتكليف في المورد أما أن يكون هذا الطرف هو المحدث أو ذاك الطرف هو المحدث فهذا شيء غالبي، فغالباً الأمر كذلك يكون محدثاً ولكنه ليس بلازم، بل المهم أن يكون لدينا علم اجمالي بالتكليف، وهذا المقدار يكفينا ولا نحتاج إلى أكثر منه.
إن قلت: - إنَّ هذه دعوى تحتاج إلى اثبات في مقابل الشيخ العراقي(قده) الذي يشترط الاحداث أي أن يكون العلم الإجمالي محدثاً للتكليف على كلا التقديرين؟
قلت: - إنَّ المهم عقلاً في التنجيز أن يكون لدى المكلف علم اجمالي بثبوت أحد التكليفين، فإذا كان هناك علم اجمالي كفى عقلا وهل في ذلك تأمل وهل في ذلك توقف وشك؟!! فحينئذٍ يكفي ذلك في حصول المنجّزية أما أنَّ منشأ العلم هو الاحداث فهذا هو الذي يحتاج إلى اثبات، ولا مثبت له، فإنه عقلاً العلم الإجمالي بما هو علم منجّز، وفي مقامنا يوجد هذا العلم الإجمالي لأنه بالتالي نحن نتيقن إما أنه يجب علينا الوضوء إذا كان الماء طاهراً أو التيمم إذا لم يكن الماء طاهراً وكان التراب هو الطاهر وهذا العلم الإجمالي موجود عندنا وكفى به منجّزاً، نعم أصل الطهارة في التراب لا يكفي لوجوب التيمم، لأنَّ مجرد طهارة التراب لا تكفي لوجوب التيمم بل بشرط نجاسة الماء، فعلى هذا الأساس هذا نسلمه ولكن كما قلنا المهم أن يتشكل لدى المكلف علم اجمالي أما أنه كيف تشكل فهذا ليس بمهم، وفي مقامنا يوجد علم اجمالي إما بوجوب الوضوء بالماء على تقدير طهارته أو بوجوب التيمم بالتراب على تقدير نجاسة الماء ويصير العلم الإجمالي منجّزاً ولا نحتاج إلى شيء آخر وراء ذلك.
إن قلت:- إن شرط منجّزية العلم الإجمالي تعارض الأصول في أطرافه وفي مقامنا لا تتعارض الأصول في الأطراف والوجه في ذلك إنَّ أصل الطهارة في الماء إذا جرى فسوف يثبت أنَّ الماء طاهر وبالتالي يجب الوضوء به، ومعه لا تصل النوبة إلى أصل الظهارة في التراب، فإنَّ جواز التيمم بالتراب مشروط بشرطين طهارة التراب زائداً نجاسة الماء وحيث إن الجزء الثاني - أعني نجاسة الماء - منتفٍ بسبب جريان أصل الطهارة في الماء فلا يجري أصل الطهارة في التراب لعدم الفائدة والأثر من وراء جريانه بعد فرض أن موضوع جواز التيمم مركب من طهارة التراب زائداً نجاسة الماء، والجزء الثاني منتفٍ بسبب أصل الطهارة في الماء، فالأصول لا تتعارض، وبالتالي هذا العلم الإجمالي الذي شكلناه لا يكون نافعاً وبذلك سوف تصير النتيجة في صالح الشيخ العراقي(قده) وأنه يكفي الوضوء.
قلت:- إنَّ هذا وجيه إذا فرض أنَّ أصل الطهارة في التراب لا أثر له إلا التيمم فقط فهنا يأتي ما ذكر - من أنَّ هذا الأثر لا يترتب لأنَّ موضوعه مركب من جزأين طهارة التراب زائداً نجاسة الماء والجزء الثاني وهو نجاسة الماء منتفٍ بسبب أصل الطهارة في الماء - ولكن نقول: هناك آثار أخرى موجودة لطهارة التراب، وأصل الطهارة يجري بلحاظها، من قبيل جواز السجود عليه أو ملامسته مع رطوبة اليد من دون حاجة إلى غسل اليد وغير ذلك، فبعض الآثار موجودة له، فإذاً أصل الطهارة في التراب صالح للجريان لوجود آثار أخرى ومعه يقع طرفاً للمعارضة مع أصل الطهارة في الماء وبذلك يتنجز العلم الإجمالي لتعارض الأصول في أطرافه وتم بذلك الرد على ما أفاده الشيخ العراقي(قده).
ورب قائل يقول: - إنه يوجد جواب آخر لإثبات جريان أصل الطهارة في التراب، وإنما افترض انه لا يوجد لأصل الطهارة أثر من هذا القبيل، وهو جواز السجود عليه أو غير ذلك، ولكن مع ذلك يجري أصل الطهارة في التراب لأنه يعالج أحد جزئي موضوع جواز التيمم بالتراب، فإنَّ موضوع جواز التيمم بالتراب مركب من جزأين الأول طهارة التراب والثاني نجاسة الماء، فإذاً طهارة التراب هي أحد جزأي الموضوع لجواز التيمم بهذا التراب، وأصل الطهارة في التراب يعالج الجزء الأول، ومادام كذلك يكفي هذا المقدار لجريان أصل الطهارة في التراب ويقع طرفاً للمعارضة مع أصل الطهارة في الماء من دون حاجة إلى الجواب الأول، فالجواب الأول لا نقول بأنه باطل، وإنما حتى لو قطعنا النظر عنه فهذا جواب آخر موجود.
وفيه:- إن هذا وجيه إذا فرض أنَّ الجزء الثاني يوجد ما هو المحرز له، فإذا كان يوجد الحرز لجزء الثاني يصير هذا الجزء الأول - اعني طهارة التراب - يصير أصل جارياً بلحاظه لأنه بالتالي يثبت طهارة التراب والمفروض أن الجزء الأول ثابت بدليله الخاص، أما إذا فرضنا أن الجزء الآخر لا يمكن أن يثبت كما هو المفروض في مقامنا، لأنَّ نجاسة الماء لا يمكن اثباتها إذ المفروض أن اصل الطهارة في الماء موجود يثبت طهارة الماء والمفروض أنَّ الجزء الآخر هو نجاسة الماء ونجاسة الماء لا يوجد محرز لها ومع عدم المحرز لنجاسة الماء لا يكفي كون أصل الطهارة في التراب أن يكون معالجاً لأحد الجزأين، فإنَّ ذلك يكفي إذا كان الجزء الآخر له محرز، أما إذا لم يكن له محرز فكون أصل الطهارة يعالج أحد جزأي الموضوع لا يكفي، فإذاً هذا الجواب لا يكفي والجواب الصحيح ما أشرنا إليه.