41/05/05
الموضوع: - التنبيه الرابع ( خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء ) - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.
وكيف يوجه سلّب المجّزية عن العلم الإجمالي بناءً على الرأي الذي يقول إنَّ القدرة ليست شرطاً في متعلّق التكليف؟والجواب: - إنَّ القدرة وإن لم تكن شرطتاً في متعلق التكليف ولكنها شرط في التنجيز ووجوب الامتثال، فبالتالي المكلف لا يعلم بحدوث تكليفٍ منجّز في حقه، والذي يجب امتثاله هو التكليف القابل للتنجيز، وهذا ليس قابلاً للتنجيز، فوجوده يصير كالعدم، هكذا قل.
أو قل: - إنَّ الأصول لا تتعارض، لأنَّ الطرف الخارج عن القدرة لا تنجيز له جزماً، فلا حاجة إلى جريان الأصل فيه، فيبقى الأصل جارياً في الطرف الآخر، فإنني أحتمل أنه يوجد تكليف منجّز في الطرف الآخر ولكنه احتمال وشك فيجري الأصل.فإذاً نفس الطريقة التي ذكرناه بناءً على شرطية القدرة في متعلق التكليف تأتي فيما إذا كانت القدرة لست شرطاً في متعلق التكليف، فإذاً النتيجة لا تختلف على كلا المبنيين.ثم إنَّ هناك بحثاً لا بأس بالالتفات إليه وحاصله: - إنَّ المطلوب من المكلف تارةً هو الفعل بنحو الوجوب مثل ( أقم الصلام ) ونفترض أنَّ أحد الطرفين من الفعل ليس مقدوراً للمكلف، فبناءً على شرطية القدرة لا يعلم بتوجه خطابٍ إليه في باب العلم الإجمالي إذا كان أحد الطرفين ويعلم إما بوجوب الظهر أو الجمعة، فهو يعلم بوجوب أحدهما على سبيل التعيين ولكنه لا يعرف أيهما الواجب المعين، والجمعة لا يقدر عليها، فبالتالي يأتي هذا الكلام وهو أنه لا يعلم بتوجّه التكليف إليه وإنما هناك شك فيجري أصل البراءة، وهذا واضح.
وهكذا إذا كان التكليف تحريمياً ولا يمكنه الترك، ففي مثل هذه الحالة أيضاً لا يجزم بتوجه الخطاب إليه، لأنَّ المطلوب في باب الحرمة هو الترك وهو لا يقدر عليه، فإذا كان الحرام هو الطرف الأول فهو يقدر على الترك، وإذا كان الحرام هو الطرف الثاني فهو لا يقدر على الترك وبالتالي الكلام هو الكلام، فهو لا يعلم بتوجه تكليف في حقه لاحتمال أنَّ التكليف ثابت في الطرف غير المقدور تركه، فإذاً يكون الشك شكاً في أصل توجه التكليف بالترك إليه، وهذا واضح أيضاً.إنما الكلام فيما إذا فرض أنَّ التكليف كان تحريماً وكان الترك ممكناً له وأما الفعل فليس بمقدور له، كما إذا فرضنا أن المكلف علم بنجاسة أحد الاناءين إما الاناء الموجود في داره فيجب تركه لأنَّ تركه ممكن أو الاناء الموجود في بيت السلطان، فالترك ممكن ولكن الفعل والارتكاب ليس بممكن، فهنا هل يتشكل علم اجمالي منجّز في حقه وبالتالي يلزمه ترك الاثنين معاً أو أن نقول مادام لا يمكن الفعل لأنه لا يمكن الذهاب إلى بيت السلطان ففي مثل هذه الحالة يستهجن توجه الخطاب إليه بترك إناء بيت السلطان؟ ، فبالتالي على أحد التقديرين إذا كان الاناء الذي في منزله هو النجس فالخطاب بالترك في حقه موجود والفعل ممكن والترك ممكن وتوجيه الخطاب ممكن، أما إذا كان اناء بيت السلطان فالترك ممكن لأنه لا يستطيع الذهاب إلى بيت السلطان ولكن الفعل ليس بممكن، فلو كان هو النجس هل يتوجه إليه خطاب بالترك أو لا، باعتبار أنه منتركٌ، لأنَّ فعله غير ممكن، فالخطاب بتركه مستهجن، كما لو قال لي شخص اترك الاناء الموجود في القمر، فإنَّ هذا مستهجن لأنَّ الاناء الموجود في القمر لا أستطيع ارتكابه حتى تنهاني عنه.وسؤالنا هو: - هل يمكن أن يقال إن التكليف في مثل هذه الحالة ليس بمنجّز إذا كان أحد الطرفين في باب المحرمات مقدور فعله وتركه والطرف الثاني مقدور تركه ولكن فعله ليس بمقدور، ففي مثل هذه الحالة هل يمكن أن نقول إنَّ هذا العلم الإجمالي يكون منجّزاً أو أنه لا يكون منجّزاً باعتبار أنَّ أحد الطرفين لا تكليف فيه، لأنَّ اناء بيت السلطان لا تكليف بتركه، لأنَّ التكليف بتركه مستهجن، صحيح أني أستطيع أن أتركه ولكني لا أستطيع أن ارتكبه، فالخطاب بتركه يكون مستهجناً، فإناء بيت السلطان لا خطاب فيه فأبقى احتمل وجود الخطاب في الاناء الموجود في بيتي وهو شك دوي فأجري اصل البراءة.
وفي المقابل يمكن أن يدفع هذا الاشكال ويقال: - إنَّ هذا الاشكال وجيه إذا كان الخطاب نترك اناء بيت السلطان خطاباً شخصياً يتوجه لي بخصوصي، أما إذا كان الخطاب للكلي وأنا أحد الأفراد فلا استهجان في البين، فإذا قلنا هكذا فالعلم الإجمالي يصير منجّزاً، فيجب ترك الاناء الموجود في داري، وهذه ثمرة كبيرة بناءً على هذا.