41/05/01
الموضوع: - التنبيه الثالث ( الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف ) - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.
هذا ولكن الشيخ النائيني(قده) ذهب إلى أنَّ العلم الإجمالي في هذه الحالة يكون منجزاً: - يعني بعبارة أخرى هو يقول كأن الاضطرار حصل بعد العلم الإجمالي، فإذا كان الاضطرار بعد العلم الإجمالي فقد قلنا يجوز للمكلف ارتكاب الطرف المضطر إليه أما الطرف الثاني فيلزم تركه.
وتوجيه ذلك:- هو أنَّ متعلق العلم المفروض أنه متقدّم، وهو ملاقاة النجاسة في الساعة الأولى، فإذا كان عندي علم في الساعة الثالثة بثبوت نجاسة في أحد الاناءين في الساعة الأولى والعلم يؤخذ بما هو مرآة لمتعلقه فيحصل علم بلحاظ متعلقه في الساعة الأولى بأن النجاسة أصابت أحد الاناءين، ومادامت النجاسة قد حدثت في أحد الاناءين في الساعة الأولى ثم حدث بعد ذلك الاضطرار إلى معيّن - وهو الاناء الأول مثلاً - فحينئذٍ أقول مع نفسي إذا كانت النجاسة في الاناء الأول المضطر إليه فحينئذٍ وجوب الاجتناب عن الاناء الأول قد حدث في الساعة الأولى وقد سقط جزماً في الساعة الثانية بسبب الاضطرار إلى المعين، فحينئذٍ يعود العلم الإجمالي غير منجّز، وأما إذا كانت النجاسة قد وقعت في الاناء الثاني واقعاً فطروّ الاضطرار إلى الاناء الأول لا يسقط وجوب الاجتناب الثابت في الاناء الثاني، فإذاً أنا المكلف أجزم بأنه قد حدث في الساعة الأولى وجوب اجتناب عن أحدهما، وفي الساعة الثانية أقول إن كانت النجاسة واقعة في الاناء الأول المضطر إليه فسوف يسقط وجوب الاجتناب، بينما إذا كانت قد طرأت على الاتاء الثاني فاضطراري إلى تناول الاناء الأول لا يسقط وجوب الاجتناب، فأشك في قوط وجوب الاجتناب، فجزماً حدث وجوب الاجتناب في الساعة الأولى عن النجاسة الملاقية لأحد الانائين وأشك في سقوط وجوب الاجتناب في الساعة الثانية، وحينئذٍ أطبق قاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، مضافاً إلى الاستصحاب، حيث كان هناك وجوب اجتناب فأشك في سقوطه، فاستصحب بقاء وجوب الاجتناب إلى الساعة الثالثة التي حدث فيها العلم الإجمالي بثبوت النجاسة في أحد الاناءين، فحينئذٍ هذا العلم الإجمالي يكون منجّزاً، لأنني أشك في سقوط التكليف الحادث في الساعة الأولى فتجري قاعدة الاشتغال مضافاً إلى الاستصحاب، فيجب الاجتناب عن الاناء الثاني.ويوجد شيء: - هو أننا قلنا ساقاً أنَّ هذا العلم الذي حدث في الساعة الثالثة يلحظ بما هو مرآة، والفائدة من أخذ هذه المقدمة هو لأجل أن يثبت التنجّز في الساعة الأولى، لأنَّ هذا العلم مأخوذ بنحو المرآتية إلى الساعة الأولى، فالتنجّز يثبت في الساعة الأولى، فحينما يطرأ اضطرار فهذا الاضطرار يزيل التنجّز، ولكنه يزيله على تقديرٍ دون تقديرٍ آخر، فهو يزيله فيما إذا كانت النجاسة في الاناء الأول، أما إذا كانت النحاسة في الاناء الثاني فالاضطرار إلى الاناء الأول لا يزيل التنجّز، فيصير المورد من الجزم بحدوث الاجتناب ونشك في سقوطه فتجري قاعدة الاشتغال، وكذلك يجري الاستصحاب.
ثم ذكر اشكالين: -الاشكال الأول: - إنَّ قاعدة الاشتغال تجري فيما إذا كان التكليف ثابتاً وشككت في امتثاله، فمثلاً بعد أن دخل وقت الصلاة وثبت التكليف بها شككت هل صليت أو لا فهنا تجري قاعدة الاشتغال، فهي تجري في مورد الشك في الامتثال، بينما هنا المفروض أنه لا يوجد عندي تكليف أشك في امتثاله، وإنما الكلام أني اضطررت إلى الاناء الأول ولكن أشك هل التكليف ثابت في الاناء الأول حتى يسقط بالاضطرار أو أنَّ التكليف ثابت في الاناء الثاني حتى لا يسقط بالاضطرار إلى الطرف الأول، فكيف تطبق قاعدة الاشتغال فإنَّ هذا ليس مورداً لقاعدة الاشتغال؟
أجاب وقال: - إنه لا فرق عقلاً من هذه الناحية، فإن العقل والعقلاء يقولون مادام التكليفّ قد وجّه إليك وشككت في سقوطه فيثبت الاشتغال من أي منشأ كان الشك في سقوطه، سواء كان الشك في الامتثال أو كان بسببٍ آخر، فإن هذا لا يؤثر من هذه الناحية.
الاشكال الثاني: - إنَّ العلم الإجمالي إنما يكون منجّزاً فيما إذا تعارضت الأصول في أطرافه، وهنا لا تعارض بين الأطراف، إذ الطرف الأول جزماً قد سقط التكليف من ناحيته بالاضطرار، فلا نحتاج إلى اجراء الأصل فيه، فهو مباح جزماً لا أنه مشكوك الاباحة حتى يحصل تعارض بين أصل البراءة في الاناء الأول وأصل البراءة في الاناء الثاني، فأصل البراءة في الاناء الأول ساقط جزماً، ويبقى أصل البراءة في الاناء الثاني من دون معارض، فأين تعارض الأصول حتى يصير العلم الإجمالي منجّزاً؟
أجاب وقال: - إني لا أقول بالتنجيز من ناحية العلم الاجمالي حتى يأتي ما ذكر، بل أقول بالتنجيز من ناحية أخرى وهي قاعدة الاشتغال اليقيني والاستصحاب.