41/04/03
الموضوع: - مبحث أصالة الاشتغال ( الشك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.
أما بالنسبة إلى الدوران بين المتباينين: - فمرة نتكلم في حرمة المخالفة القطعية، وإذا بنينا على الحرمة سننتقل على وجوب الموافقة القطعية، يعني تصير المنهجية هي أنَّ كلام في المتباينين مرة يكون في حرمة المخالفة القطعية كأن أترك صلاة الظهر وصلاة الجمعة معاً، وإذا قلنا بأنه هذا حرام فهل تجب الموافقة القطعية أو يكفي الاتيان بواحد من الأطراف؟، وكذلك الحال في الأقل والأكثر الارتباطيين فإنه يأتي نفس الكلام فيه، فمرة يكون في حرمة المخالفة القطعية، وأخرى يكون في وجوب الموافقة القطعية.
أما النسبة إلى حرمة المخالفة القطعية: - فيقع في ثلاث مسائل: -
المسألة الأولى: - هل العلم الإجمالي في المتباينين يستلزم بنفسه حرمة المخالفة القطعية؟ فإنَّ استلزم ذلك فسوف ننتقل إلى المسألة الثانية.
المسألة الثانية: - هل يمكن الترخيص في المخالفة القطعية أو لا؟ فإنه في المسألة الأولى بنينا على أنه يستلزم حرمة المخالفة، ولكن هذا الاستلزام هل هو بنحو يمنع من الترخص في المخالفة القطعية؟ وهذا ما يعبر عنه بأن العلم الإجمالي علة لحرمة المخالفة القطعية - يعني لا يمكن الترخيص في الخلاف -، أو أنه يمكن الترخيص بالمخالفة القطعية؟ وهذا يعبر عنه بأنَّ العلم الإجمالي في المتباينين يستلزم حرمة المخالفة القطعية بنحو المقتضي لا بنحو العلية التامة.
ثم إذا بنينا على أنَّ العلم الإجمالي يؤثر بنحو المقتضي - يعني يمكن الترخيص في المخالفة القطعية - يعني يمنع من المخالفة القطعية بنحو المقتضي فهنا تأتي المسألة الثالثةالمسألة الثالثة: - وهي أنه هل يمكن تطبيق أدلة الأصول العملية - وهي البراءة - على الطرفين لتنتج لنا جواز المخالفة القطعية بالفعل؟
ونفس هذه المسائل الثلاث تأتي في وجوب الموافقة القطعية.وكل هذا الكلام قد تقدم في مبحث القطع، وهنا نريد أن نسلط الأضواء على أمورٍ ثلاثة حتى لا يحصل تكرار للبحوث: -الأمر الأول: - سنذكر مبحث العلية الاقتضاء بشيء من التفصيل أكثر مما سبق.
الأمر الثاني: - ما هي ثمرة البحث عن العلية والاقتضاء.
الأمر الثالث: - ذكر بعض التنبيهات التي ترتبط العلم الإجمالي.
أما مبحث العلية والاقتضاء: - فقد وقع الكلام في أنَّ العلم الإجمالي هل هو يمنع من الترخيص في المخالفة القطعية؟، وهذا ما يعبر عنه بالعلية، أو أنه يمكن الترخيص في المخافة القطعية - والترخص في المخالفة القطعية معناه جريان أصل البراءة في كلا الطرفين -؟ وهذا هو معنى الاقتضاء.
هناك آراء ثلاثة في مسألة تنجيز العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية وكلّها تتفق على أنه ينجّز حرمة المخالفة القطعية ولكنها تختلف في كيفية تنجيز حرمة المخالفة القطعية: -الرأي الأول:- ما ربما يظهر من الشيخ النائيني(قده) في أجود التقريرات، من أنَّ العلم الإجمالي بذاته لا يمنع من المخالفة القطعية وإنما الذي يمنع منها تعارض الأصول، فبسبب تعارض الأصول لا تجوز المخالفة القطعية، وإلا فالعلم الإجمالي لو خلّي وحده لا يقتضي حرمة المخالفة القطعية، فإذا علمنا بأنه إما الظهر واجبة أو الجمعة فالعلم الإجمالي لا يقتضي حرمة ترك صلاة الظهر وترك صلاة الجمعة، وإنما الذي يقتضيه هو تعارض الأصول، فإن الأصول حينما تتعارض في الطرفين، فأصل البراءة عن وجوب الجمعة مع أصل البراءة عن وجوب الظهر حينما يتعارضان وتتساقط البراءتان فحينئذٍ يبقى المكلف من دون مؤمِّن بعد تعارض الأصول فيتنجز العلم الإجمالي، وبالتالي يجب عليه الاتيان بأحد الطرفين، بل قد نقول بوجوب الموفقة القطعية، أي يلزم الاتيان بكليهما لتعارض البراءتين والتساقط فيبقى كل طرف من دون مؤمِّن، قال ما نصه:- ( الحق هو سقوط الأصول في أطراف العلم الإجمالي مطلقاً فيبقى العلم الإجمالي موجباً لتحصيل الفراغ اليقيني مع فرض عدم المؤمن في الارتكاب )[1] ، فهذه العبارة تعطي أنَّ تنجيز العلم الإجمالي لحرمة المخالفة ووجوب الموافقة فرع تعارض الأصول.
الرأي الثاني: - ما ذكره الشيخ النائيني(قده) أيضاً في فوائد الأصول[2] ، حيث يظهر منه أنَّ العلم الإجمالي بنفسه يستلزم حرمة المخالفة ولكن بنحو الاقتضاء لا بنحو العلية، يعني بمعنى أنه يمكن الترخيص في أحد الطرفين بلا مانع.
الرأي الثالث: - ما هب إليه الشيخ العراقي(قده) [3] ، من أنَّ العلم الإجمالي يستلزم حرمة المخالفة ووجوب الموافقة بذاته بنحو العلّية ولا يمكن الترخيص في المخالفة أو في ترك الموافقة.