41/03/26
الموضوع: - مبحث أصالة الاشتغال ( الشك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.
والجواب أن يقال: - إنَّ هذا يتم بناءً على أنَّ العلم حينما يتعلّق بالواقع يعني يتعلّق بالشيء بوجوده الخارجي، وما أفاده السيد الخوئي(قده) يكون وارداً، فإنَّ الثابت خارجاً ليس وقوع القطرة هنا فقط بل في كلهما فما أفاده السيد الخوئي(قده) يكون تاماً، ولكن العلم لا يتعلق بالشيء بوجوده الخارجي فإنَّ هذا غير ممكن، وهذا ينبغي أن يكون من البديهيات، ومن المنبهات على ذلك أنَّ العلم في الذهن فكيف يتعلق بالشيء بوجوده الخارجي إذ يلزم أن يصير ما في الذهن في الخارج أو ما في الخارج يكون في الذهن وهذا غير ممكن، كما يلزم محذور ثانٍ وهو أنه يلزم أن يكون كل علم مصيباً دائماً ولا يكون مخطئاً لأنه يتعلق بالوجود الخارجي والوجود الخارجي واحد فيلزم إصابة كل علم ولا يوجد عندنا علم مخطئ، وهذا لا يمكن الالتزام به، فإذاً العلم لا يتعلق بالشيء بوجوه الخارجي وإنما يتعلق بالصور الذهنية للأشياء.
فإذا قبلنا بهذا فحينئذٍ نقول إنَّ الصورة الذهنية في العلم التفصيلي هي متعلق العلم، فأنا أعلم تفصيلاً بنجاسة هذا الاناء، فمتعلق العلم هو الصورة الذهنية لنجاسة هذا الاناء، وفي العلم الإجمالي الأمر كذلك، فأنا أعلم بإحدى النجاستين، أي أعلم بالصورة الذهنية لإحدى النجاستين، هذا على رأي الشيخ النائيني(قده)، وأما على رأي الشيخ العراقي(قده) فيقول أيضاً هي متعلقة لا بصورة احدى النجاستين وإنما هي متعلقة بنجاسة ذلك الشيء الواحد في علم الله - أي بصورته -، فإذاً متعلق العلم يصير هو الصورة غاية الأمر هذه الصورة قد تطابق الخارج فيكون العلم مصيباً وقد لا تطابقه فيكون العلم مخطئاً، والفرق بين العلم بالصورتين أنه في العلم التفصيلي العلم ليس مشوباً بالخفاء بل كله وضوح، أما في العلم الإجمالي يكون مشوباً بالخفاء، ومعه لا يرد الاشكال الذي ذكره السيد الخوئي من أنه إذا كان في الواقع كلا الانائين قد أصابته النجاسة فبِمَ يتعلق العلم الإجمالي فإنَّ هذا يتم فيما لو فرضنا أنَّ العلم الإجمالي يتعلق بالشيء بوجوده الخارجي، أما إذا كان يتعلق بالصورة الذهنية فنقول هو يتعلّق بالصورة الذهنية للشيء الذي أصابته النجاسة واقعاً، فلو كان الذي أصابته النجاسة واقعاً هو الاناء الأول يكون متعلق العلم هو نجاسة الاناء الأول يعني هو الواقع غايته أنَّ الصورة مشوبة بالخفاء، وقلنا هذا نظير أن ترى شخصاً من بعيد فتارةً ترتدي النظّارة فتراه زيداً، وتارة تخلع النظّارة فالرؤية تقع على زيد أيضاً ولكنها مشوبة بالخفاء والتشوش، فمتعلق العلم في كليهما يكون واحداً غايته أنَّ احدى الصورتين مشوبة بالخفاء أما الصورة الثانية فليست مشوبة بالخفاء، فليس متعلق العلم هو الوجود الخارجي حتى يأتي ما أفاده السيد الخوئي(قده)، فإن متعلّق العلم الإجمالي ليس الشيء الخارجي بل صورة النجس واقعاً، فإذاً هي صورة واحدة ولكنها مشوبة بالخفاء، وقصدي من الصورة هي صورة النجس الواقعي ولكنها مشوبة بالخفاء ، ونقصد من النجس الواقعي ليس نجاسة كليهما فإنَّ هذا ليس بمقصود ، وإنما كما في العلم التفصيلي فأي صورة تحضر فتلك الصورة أيضاً تحضر في الذهن غايته تلك الصورة غير مشوبة بالخفاء أما هنا فتكون مشوبة بالخفاء، هكذا يدعي الشيخ العراقي(قده)، فإذاً لا يرد عليه ما أفاده السيد الخوئي(قده).الاشكال الثاني: - ما سجله الشيخ الأصفهاني(قده)[1] على الشيخ العراقي(قده) في حاشيته بعبارة مجملة وحاصل ما ذكره: إنَّ الحد الشخصي للفرد هل هو داخل في الصورة الذهنية أو ليس بداخل فيها في باب العلم الإجمالي - فالحد الشخصي لنجاسة هذا الاناء والحد الشخصي لنجاسة هذا الاناء - ؟، هذا الحد الشخصي مثلا أنَّ هذا الاناء كبير وذاك الاناء صغير، فنجاسة الاناء الكبير مثلاً أو نجاسة الاناء الصغير هل هي داخلة في الصورة أو ليست بداخلة في الصورة ؟ فإن كانت داخلة في الصورة صار العلم تفصيلياً ولم يعد اجمالياً، وإذا لم يكن داخلاً في الصورة فهذا معناه أنَّ العلم متعلّق بالجامع وليس بالفرد المتقوّم بالحد الشخصي، قال:- ( وحيث عرفت ان تعلق الإجمالي بالمردد غير معقول وبالواقع بخصوصه غير معقول إذ لا معنى لتعلقه به إلا كونه معلوماً به[2] وهو خلف[3] فلا محالة ليس المعلوم إلا الجامع ).
والجواب: - يمكن للشيخ العراقي(قده) أن يجيب ويقول: صحيح أنَّ الحد الشخصي داخل في الصورة ولكن حضور الحد الشخصي مشوب بالخفاء فلا ينقلب إلى علم تفصيلي، وهذا شيء واضح، نظير أن ترى شخصاً من بعيد وهو زيد فإنَّ الحد الشخصي من كونه الطويل السمين داخل في الصورة ولكن بشكلٍ مشوّش فإنَّ الصورة مشوبة بالغموض، فلا يصير حينئذٍ علماً تفصيلياً.