41/03/13
الموضوع: - التنبيه الثالث ( هل تجري البراءة في الشبهات الموضوعية ) - تنبيهات أصالة البراءة - مبحث الأصول العملية.
ومن خلال ما ذكرناه يتضح النظر فيما اتضح وجه المناقشة فيما أفاده الشيخ الخراساني(قده):- فإنا ذكرنا أنَّه فصّل بين وحدة الحكم وتعدده، فتعدد الحكم مثل لا تشرب الخمر فإنه متعدد فإنَّ هذا خمر فيحرم وذاك خمر فيحرم، فهناك حرمات متعددة بعدد أفراد الخمر، ولذلك إذا شرب المكلف واحداً فهنا يوجد عصان واحد وإذا شرب اثنان فيوجد عصيانان ... وهكذا، فعلى هذا الأساس تتعدد الحرمة بعدد أفراد الخمر، ومرة يكون الحكم واحداً كما في النهي عن المفطرات في شهر رمضان فإنه نهي واحد عن كل المفطرات لا أنها توجد نواهي بعددها وإلا يلزم أن يصير المكلف مطيعاً من ناحية وعاصياً من ناحية أخرى وهذا لا يلتزم به أحد، فمجرد أن تشرب قطرةً من الماء حكم عليك بأنك مفطراً، فمجموع المفطرات منهي عنها بنهيٍ واحد وليس بنواهٍ متعددة، فعلى هذا الأساس قال إنه في مثال النواهي المتعددة نجري البراءة إذا شككنا في فردٍ أنه خمر أو ليس بخمر، وأما إذا كان الحكم واحداً بحيث يوجد نهي واحد عن مجموع المفطرات فلو كانت المفطرات عشرة فهذه العشرة منهي عنها بنهيِ واحد ففي مثل هذه الالة يلزم الاحتياك إذا شككت في أنَّ هذا تناول للمفطر أو ليس بتناول له أو شككت أن السيجارة من المفطرات أو ليست من المفطرات فلا تجري البراءة حينئذٍ، كما لو شككت بأنَّ المغذّي للصائم أكل أو ليس بأكل فهنا لا تجري البراءة على رأي صاحب الكفاية لأنه لا توجد نواهي متعددة حتى تقول إنه بلحاظ تلك الأفراد توجد نواهي جزماً أما بلحاظ هذا الفرد المشكوك - وهو تزريق المغذي في الوريد - نشك في وجود النهي، كلا بل المفروض أن النواهي ليست متعددة فتجري قاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، فإذاً هو فصّل بهذا التفصيل.
ومن خلال ما ذكرناه اتضح الجواب عليه حيث نقول: - إنه يمكن اجراء البراءة حتى في مثال المفطرات وذلك لأنَّ المحرم هو ما صدق عليه وأتصف بأنه أكل فهو مشمول لذلك النهي الواحد، ونحن نشك أن هذا متصف بالأكل أو ليس متصفاً بالأكل فبالتالي نشك في شمول ذلك النهي الواحد هذا الفرد أو لا فتجري البراءة، ولا يخفى لطفه.
والبراءة التي نجريها يمكن أن نجريها بأحد شكلين: -فمرة نقول: - إنَّ ذلك النهي الواحد نشك أنه شامل لهذا الفرد - كالمغذي مثلاً - أو ليس بشامل له، ومرة نقول هل متعلق النهي وسيع يدخل فيه هذا الفرد المشكوك - كالمغذي - أو لا يدخل فيه فنجري حينئذٍ أصل البراءة.
ولك أن تقول بعبارة أوضح: - إنه مرة نقول إنَّ المحرم هو ما اتصف بالأكل فهناك قيد وهو قيد الاتصاف بالأكل، فمرة نقول إنَّ هذا القيد هل هو منطبق على المغذّي أو ليس منطبقاً فنجري البراءة.
ومرة لا نأخذ قيد الاتصاف وإنما نقول: - إنَّ ذلك النهي المتوجه هو متوجه إلى الأكل والشرب المتعرف ولكن هل هو متوجه إلى ما يشمل المغذي، فهذا شك في سعة دائرة النهي فنجري البراءة، فإجراء البراءة يصير بشكلين.
هذا كله إذا كان الشك في المتعلق.وأما إذا كان الشك في الموضوع: - فالشك في الموضوع يتصور بأنحاء ثلاثة: -
النحو الأول: - أن يفترض أنَّ الحكم بتحريم الخمر ملحوظ بنحو الشمولية والاستغراق، يعني كل فرد من أفراد الخمر له حكم، يعني توجد حرمات متعددة، وحينئذٍ يكون الخمر موضوع لأنَّ الشرب هو المتعلّق والموضوع هو متعلّق المتعلق[1] فحينئذٍ نشك في أنَّ هذا خمر أو ليس بخمر، فإذا قلنا بانحلالية الحكم وأنَّ تحريم الخمر ينحل إلى أحكامٍ متعددةٍ بعدد أفراد الخمر فنشك في ثبوت الحرمة لهذا الخمر فيكون مجرى لأصل البراءة.