41/01/15
الموضوع: - التنبيه الأول ( اشتراط عدم الأصل الحاكم ) - تنبيهات أصالة البراءة - مبحث الأصول العملية.
ونريد أن نقول الآن:- صحيح أنَّ هذه الأبحاث الثلاثة تتناسب مع الفقه ولكن لا بأس بالتعرض إليه في علم الأصول بشكل موجز.
بحث فقهي:-
ذكرنا فيما سبق أن هناك كلاماً في أن التذكية أمر بسيط أو مركب فعلى البساطة يجري استصحاب عدمها بخلافه على التركب أما أنه حقاً هي امر بسيط أو مركب فهذا يتناسب مع البحث الفقهي ولكن هنا نتكلم بإيجاز عما يرتبط بها – يعني أنها أمر بسيط أو مركب ، وهكذا الكلام بالنسبة إلى الأمر الثاني يعني أن عدم التذكية مع الميتة هما واحد أو اثنان ، إن هذا البحث يتناسب مع الفقه ولكنه نتعرض له الآن بشكل موجز ، وهكذا الأمر الثالث وهو أنه بناءً على تغاير عدم التذكية مع الميتة نسأل هل كلا الحكمين - يعني حرمة الأكل والنجاسة - رتّبا على عدم التذكية حتى باستصحاب عدم التذكية يثبت كلا الحكمين أو أنَّ عدم جواز الأكل ترتب على عدم التذكية وأما النجاسة فقد رتّبت على عنوان الميتة إنَّ البحث عن ذلك يناسب مع الفقه ولكن نتعرض إليه هنا بشكل موجز ، فنحن نتعرض بشكل موجز إلى هذه الأمور الفقهية الثلاثة.البحث عن الأمر الأول وهو أنَّ التذكية أمر بسيط أو مركب:- ذكر الشيخ النائيني(قده)[1] وهكذا الشيخ العراقي(قده)[2] أن التذكية أمر مركب ، ولكن استرك وأقول إنَّ الشيخ العراقي ذهب في نهاية الأفكار إلى أن أمر مركب ولكن توجد عنده حاشية على فوائد الأصول تبدل رأيه فيها فيظهر منه البناء على البساطة في هذا الموضع.
أما الوجه الذي استند إليه العلمان:- فهو أنَّ الآية الكريمة تقول ( فكلوا مما ذكيتم ) يعني أيها الناس الذين ذكيتم كلوا مما ذكيتم فأنت الفاعل للتذكية الخطاب لك ، والمقصود من الذكاة الآن هو الذبح فهي اسم للذبح أي ما ذبحتم فيدل على أن التذكية هي أمر مركّب يعني الذبح مع سائر الأمور وسوف تصير التذكية هي الذبح مع سائر الأمور من استقبال القبلة وإسلام الذابح وفري الأوداج الأربعة وما شاكل ذلك.والجواب:- يمكن أن نقول إنَّ المقصود من التذكية ليست هي الذبح وإنما هي أمر البسيط ولكن الأمر البسيط يمكن أن ينسب إلى الشخص متى ما تحقق السبب منه فالسبب لذلك الأمر البسيط إذا تحقق فينسب المسبب إلى الشخص والحال أن الذي تحقق من الشخص هو السبب ولكن ينسب إليه المسبب كما تقول فلان أحرق الورقة والحال أنه ألقاها في النار ولم يحرقها ولكن بما أنه حصل السبب منه فيصح نسبة المسبب إليه، وهذه قضية متداولة في اللغة العربية، ويقال أيضاً إنَّ فلان قتل فلاناً والحال أنه لم يقتله وإنما طعنه بسكّين والموت حصل بعد ذلك فينسب الموت إلى من طعن بالسكين والحال أنَّ الذي طعن بالسكين صدر منه السبب وهو الطعن بالسكين دون الموت فإنَّ الموت ليس فعله.
إذا ً يصح نسبة السبب إلى الخض متى ما تحقق السبب منه، وهنا نقول ذلك فيكمن أن نقول إن ( ذكيتم ) ليست هي الذبح وإنما المقصود من التذكية هي الأمر البسيط ولا يلزم أن نعرف ذلك الأمر البسيط وإنما هو أمر بسيط منتزع من هذه الأمور الأربعة أو الخمسة ولنسمّه الطهارة مثلاً فإن التذكية هي نحو ولكن ينسب الفعل إلى الفاعل بسبب تحقق السبب منه فهو حينما يذبح فقد تحققت تلك الطهارة فلا يدل على أنَّ التذكية هي عبارة عن الذبح بل التذكية هي الطهارة الخاصة ولكن نسبت على الفاعل باعتبار أنَّ هو السبب لحصول تلك الطهارة.ونصعد اللهجة ونقول إنه حتماً يريده لأجل أنَّ الذبح وحده لا ينفع ، وعليه فسوف تصير مخالفة للظاهر لأنك تحتاج إلى ضمّ ضمائم كثيرة ، فقل يحتمل أن ذاك مقصود هذا يحتمل انه مقصود، وعليه فسوف تصير الآية الكريمة مجملة ، وهذا الذي نريد أن ندعيه، ولا نريد أن ندعي الظهور، فنحن نريد أن نقول إنَّ هذه الآية الركية لا يمكن التمسك بها وإنما هي حيادية، فكما يحتمل أن يكون المقصود ما أشار إليه العلمان يحتمل أن يكون المقصود ما شرنا إليه وهو أنَّ الذكاة عبارة عن ذلك الأمر البسيط وإنما عبر بالتذكية ونسبة التذكية على الشخص - يعني الذبح نسب إلى الشخص - باعتبار أن الذبح هو سبب لتحقق تلك الطهارة فحينئذٍ قد ينسب السبب إلى الشخص ويراد المسبب وبالتالي نقول إذا طعنته بالسكين فمات فيلزم أن تدفع ديته فأطلقنا السبب والمراد هو المسبب فتوجد مسامحة على كلا التقديرين مع وجود المسامحة على كلا التقديرين تكون الآية الكريمة مجملة لا نريد أن ندعي الظهور في إرادة التذكية بمعنى الأمر البسيط ، كلا بل نقول من المحتمل أنَّ يكون المراد هو التذكية بالمعنى البسيط والمورد يكون من باب اطلاق السبب وإرادة المسبب فإنه أمر متداول في مقام الاستعمال ، فإذاً هذا لا يصلح دليلاً.والأجدر أن يقال:- إنها أمر بسيط، والنكتة في ذلك إنَّ لك لفظ مفرد يفهم منه عادةً معنىً مفرد لا معاني متعددة، فإذا فسرنا التذكية بالأمر المركب - يعني ذبح زائداً استقبال وغير ذلك - يعني نفهم من التذكية معاني متعددة والحال أنه يمكن أن ندعي قضية عرفية وهي أنه عرفاً كل لفظ مفرد لا يفهم منه إلا معنى مفرد - وهذه قاعدة عامة نحن نعطيها - نعم بالتحليل يفهم منه التركيب ، فنقول ( سكنجبيل ) فهذا نفهم منه أمر بسيط ولكن بالتحليل نعرف أن مركب من خل وعسل أو خل وسكّر ، فكلمة ( سكنجبيل ) لا نفهم منه لفظ مركب وإنما فهم منه معنى بسيط ، وكذلك لفظ ( دار ) أو ( سيارة ) أو ( طائرة ) فهذه كلها نفهم منها معنى بسيط لا أن الطائرة معناها الكراسي والأجنحة والمحرك فإنَّ هذه ليست هي معنى الطائرة، أما ما هو ذلك المعنى المفرد فقد يصعب علينا بيانه ولكن بالتحليل ينحل إلى هذه الأمور ، وهكذا الدار فهي معنى بسيط ولكن بالتحليل تنحل إلى غرف وساحة وغير ذلك، وهكذا السيارة ، ونفس الشيء بالنسبة إلى التذكية فهي معنى مفرد، وهذه قاعدة عرفية وهي أنَّ كل لفظٍ مفرد يفهم منه معنى مفرد غايته بالتحليل ينحل إلى أجزاء متعددة، ومن هذا القبيل التذكية فهي أمر بسيط ولكن ينحل إلى أمور متعددة، ولا ينبغي أن نخلط بين المعنى التحليل الحاصل بالتحليل وبين المعنى الأصلي الأولي، فالمعنى الأصلي الأولي مفرد ولكن بالتحليل ينحل إلى أجزاء فلا ينبغي الخلط بينهما.
وقد تقول:- سلّمنا أن التذكية أمر بسيط ولكن ما هو ذلك الأمر البسيط، فهل يمكن أن تشير به إليَّ وتقول هو كذا؟