40/10/19
الموضوع:- أدلة الاخباريين على وجوب الاحتياط- مبحث الأصول العملية.
الجواب السابع:- وهو للشيخ الأصفهاني(قده)[1] ، حيث ذكر أنَّه صحيح أننا نسلّم بأنَّ المكلف له علم اجمالي بوجود محرّمات في الشريعة ولكنا نقول إنَّ العلم الاجمالي ينجّز الجامع دون الخصوصيات ، يعني إذا علمت بنجاسة واحدٍ من الأطراف فالجامع هو نجاسة واحدٍ ، فإذا تركت واحداً من الأطراف كفى ذلك ولا داعي إلى ترك الاثنين معاً ، فإنَّ العلم الاجمالي يورث العلم بالجامع ولا يورث العلم بالخصوصيات ، فخصوصية هذا وخصوصية ذاك أنا لا أعلم بها فلا تتنجّز ، نعم أنا أعلم بلزوم ترك أحدهما ، فعلى هذا الأساس إذا تركت واحداً منهما فهذا هو الجامع فيكفى حينئذٍ بلا حاجة إلى ترك الخصوصيات ، فالخصوصيات لا تتنجّز بالعلم الاجمالي وإنما الذي يتنجّز بهي هو المعلوم بالعلم الاجمالي ، والمعلوم بالعلم الاجمالي هو الجامع لا أكثر.
فإذا قامت الأمارة على خصوصية معينة من الخصوصيات فتلك الخصوصية سوف تتنجّز بالأمارة ، يعني جاءنا خبر وقال ( العصير العنبي المغلي حرام ) فهذه أمارة على الخصوصية فقد تنجّزت الخصوصية ، وإذا تنجّزت الخصوصية تنجّز الجامع ، فإنَّ الخصوصية عبارة أخرى عن الجامع زائداً قيداً خاصاً وهو الخصوصية ، فيصدق على العصير العنبي أنه أحد المحرّمات الذي هو الجامع زائداً كونه عصيراً عنبياً ، فتنجيز الخصوصية هو تنجيزٌ لها وللجامع ، وبذلك حصل لدينا منجّزان للجامع أحدهما العلم الاجمالي والثاني هو الأمارة التي قامت على الخصوصية ، وكلما اجتمع منجّزان أحدهما ينافي الآخر في تنجيزه بينما الثاني لا ينافي الأوّل في تنجيزه ففي مقام التنجيز يتقدّم ما ينافي الآخر في تنجيزه أما الذي لا ينافي الأول في تنجيزه يسقط عن التنجيز والاعتبار ، وفي مقامنا نقول إنَّ الأمارة القائمة على الخصوصية كما تنجّز الخصوصية تنجّز الجامع ، وإذا تنجّز الجامع بالأمارة الدالة على الخصوصية سوف لا يمكن أن يتنجّز الجامع بالعلم الاجمالي ، لأنَّ المنجّز لا يقبل التنجّز ثانيةً ، والجامع قد تنجّز بالأمارة الدالة على الخصوصية فلا يتنجّز ثانيةً بالعلم الاجمالي ، وهذا بخلاف الأوّل - أعني العلم الاجمالي - فإنه لا ينافي الثاني في تنجيزه ، لأنَّ الأوّل ينجّز الجامع بينما الثاني ينجّز الخصوصية ، والخصوصية لم تتنجّز بالعلم الاجمالي ، فإذاً المنجّز الأوّل لا ينافي المنجّز الثاني ، فإنَّ الثاني ينجّز الخصوصية دون الجامع ، فإذاً كلما اجتمع منجّزان أحدهما ينافي الآخر في تنجيزه بينما الثاني لا ينافي الأوّل في تنجيزه ففي مقام التنجيز يتقدّم ما ينافي الآخر في التنجيز ، وفي المقام الأمارة الدالة على الخصوصية هي التي تتقدم وتنجّز الخصوصية ويسقط العلم الاجمالي عن التنجيز ، فإذا سقط العلم الاجمالي عن الاعتبار فحينئذٍ لا يجب الاحتياط في الشبهات البدوية ، فكل شيءٍ شككنا في حرمته سوف لا يحرم فعله ويجب تركه ، لأنَّ العلم الاجمالي قد سقط عن الاعتبار بعد وجود أمارة على الخصوصية.ويرد عليه:-أوّلاً:- إنَّ العمود الفقري في هذا البيان هو قاعدة ( المنجَّز لا يتنجَّز ) ، يعني أنَّ الجامع الذي تنجّز بالأمارة على الخصوصية لا يمكن أن يتنجّز بالعلم الاجمالي فإنَّ المنجَّز لا يتنجَّز ثانيةً ، وقد عرفت سابقاً أنَّ هذه القاعدة مرفوضة ، فإنه لا محذور في أن يتنجّز الشيء من ناحيتين ، كمن ينذر الاتيان بصلاة الصبح فهو نذر أن يأتي بها حتى يصير عنده داعٍ قوي للإتيان بها ، فاجتماع منجّزين لا بأس به ، فتحصل منجَّزية قوية ، ولا معنى لقياس الأمور الاعتبارية بالأمور الحقيقية.
ثانياً:- إنه تمسّك بأنَّ العلم بالجامع هو علم بالجامع فقط والذي يتنجّز هو الجامع فقط دون الخصوصيات ، ونحن نقول: إنه إذا بنينا على هذا فمن الأوّل نقول إنَّ هذا يكفي في الحصول على النتيجة ولا يحتاج إلى التطويل ، فنحن عندنا علم اجمالي بوجود محرّمات مائة والذي يتنجّز هو الجامع ولكن دلت أمارات على مائة فحينئذٍ نقول إنَّ الجامع يتحقق بترك هذه المائة ، لأنَّ الجامع هو مائة محرّم والأمارات قد دلت على مائة محرم ، فإذا تركت هذه المائة فالباقي تصير فيه شبهة بدوية ، لأنه لا يوجد فيه منجّز ن لأنَّ العلم الاجمالي ينجّز الجامع فقط ، ولا نحتاج إلى المنجّز الثاني وأنَّ الأمارة تنجّز الخصوصية والتي تنجّز الخصوصية تنجّز الجامع ثم تأتي بقاعدة ( المنجّز لا يتنجّز ثانيةً ) فكلّ هذا لا نحتاج إليه ، بل مجرّد قولك إنَّ العلم الاجمالي هو علم بالجامع والذي يتنجّز هو الجامع فقط يكفينا في حل المشكلة من الأساس ، حيث دلت الأمارات على مائة محرم فتركها حينئذٍ يكفي بلا حاجة إلى الاحتياط بترك الجميع ، واندفع بذلك ديل الاخباري من دون حاجة إلى تطويل.