40/08/10
الموضوع:- استصحاب البراءة - أصل البراءة- مبحث الأصول العملية.
والجواب:- نحن لا نتعامل مع المصطلحات فإنَّها أحياناً تعقّد الطريق ، بينما إذا طرحنا المصطلحات يكون الأمر أسهل في الوصول إلى النتيجة ، ونحن نقول للشيخ النائيني(قده): إذا اثبتنا لك أن لا جعل ألا يكفي هذا في اثبات العذرية وهل يحتمل أنه يتوقف في ذلك ؟!! كلا ، ونحن نقول: إنه قبل الاسلام وأو حالة الصغر جعل لحرمة التدخين لم يكن موجوداً وبعد الاسلام أو بعد البلوغ نشك هل تبدل العدم إلى جعل أو لا فنستصحب عدم الجعل واستصحاب عدم الجعل يقول لا جعل شرعي للحرمة فإذا لم يوجد جعل فحينئذٍ لا يوجد تنجيز ، وهذا شيء واضح من دون ملاحظة مرحلة الفعلية والدخول في المصطلحات.
البيان الخامس:- وهو للشيخ النائيني(قده)[1] أيضاً ، وهذا اشكال على استصحاب عدم الجعل حالة الصغر فهو إشكال على هذا التقريب ، وحاصل ما ذكره أنه صحيح أنه حالة الصغر حينما كان الصبي في القماط لا يوجد تكليف جزماً ولكن من باب واللا حرجية ، أو بتعبير آخر نقول إنه لا يوجد موضوعٌ قابل ، فلا توجد قابلية وشأنية التكليف ليست موجودة وصلاحية التكليف ليست موجودة لأنه صبي صغير فعدم التكليف هي من باب عدم الصلاحية وعدم قابلية الموضوع ، وهذا بخلافه حينما في حالة ما إذا كبر الصبي فاختلف هنا الموضوع ، فهنا التكليف لا من باب اللا حرجية وإنما شيئاً ثانياً ، فكيف تستصحب عدم الحكم من الموضوع الأول إلى الموضوع الثاني الذي هو مغاير للموضوع الأول وشرط جريان الاستصحاب وحدة الموضوع فكيف يجري الاستصحاب ؟!!
ويرد عليه:-أولاً:- لماذا تفترض أنَّ الصبي رضعاً بل افترضه خمسة عشر سنة إلا ربع يوم أو إلا ساعة ، فهذا الصبي بعد ساعة أو يوم سوف يبلغ فهنا لا يصير اختلاف في الموضوع ولا فرق ، فلا معنى لأن تقول إنَّ عدم التكليف في الصبي من باب الحرجية وعدم القابلية ، بل لا نفترض أن عمره رضيعاً وإنما نفترضه قبل البلوغ بيوم أو ساعة وحينما يبلغ نشك أنَّ عدم حرمة التدخين باقية أو ليست باقية فنستصحب بقاء عدم الحرمة فأين اختلاف الموضوع؟!!
ثانياً:- إنَّ الذي نريد أن نستصحبه هو عدم التكليف وعدم التكليف واحد وهذ الاختلافات مقارنات له لا مقومات له ، فنحن الذي نريد أن نستصحبه هو عدم حرمة التدخين وهذا العدم واحدٌ لا يتعدد ، نعم مقارناته قد تتعدد لا أنَّ مقوماته تتعدد ، ومقارناته أوّلاً أنه كان صبياً في القماط والآن صار رجلاً له لحية ، فهذه مقارنات للعدم الواحد ، فالعدم يبقى واحداً غير متعدد ، والاختلاف في المقارنات لا في المقومات ، فلا إشكال في البين ، ولا يخفى لطف ذلك.
الجواب السادس:- وحاصله: إنَّ شرط جريان الاستصحاب احراز وحدة الموضوع ، والموضوع في المقام ليس بمحرز ، إذ الموضوع سابقاً هو الطفل الصغير بينما الموضع لاحقاً هو الرجل الكبير وبذلك يحصل اختلاف في الموضوع.
وفق هذا التقريب عن التقريب المتقدم هو أنَّ التقريب السابق كان يقول عن عدم التكليف هو من باب عدم القابلية ومن باب اللا حرجية فهو ناظر إلى تلك القضية ، أما هذا التقريب فهو ليس بناظر إلى أنَّ عدم التكليف من باب اللا حرجية بل هو ناظر إلى أنه هناك موضوعان الموضوع السابق هو الطفل الصغير وموضوع ما يأتي هو الرجل الكبير فقد اختلف موضوع الاستصحاب ، وشرط جريان الاستصحاب وحدة الموضوع ، هذا ما قد يقال في البين.والجواب:-أولاً:- ما أشرنا إليه سابقاً ، من أنَّ هذا يتم إذا لاحظنا الموضوع في المرحلة السابقة هو الطفل الرضيع ، ولكن لماذا نلحظه هكذا ، بل لنلحظه بعمر خمسة عشر سنة إلا يوماً مع الشخص الذي صار عمره خمسة عشر سنة ، فالموضوع هنا واحد ، فلماذا تقول إنَّ الموضوع مختلف ذاك طفل صغير وهذا رجل كبير ، كلا بل لنلحظهما بهذا الشكل.
ثانياً:- ما أشرنا إليه من أن الذي نريد أن نستصحبه عدم التكليف - عدم الحرمة - والعدم واحدٌ وليس بمتعدد ، فذاك العدم الذي كان ثابتاً زمان الصغر هو ثابت الآن ، نعم مقارنات ذلك العدم مختلفة واختلاف المقارن لا يوجب تعدد المستصحب ، فعلى هذا الأساس المستصحب واحد وإن اختلفت المقارنات.
الجواب السابع:- ما أفاده الشيخ النائيني(قده) وحاصل ما ذكره هو أنَّ الغرض من اجراء استصحاب عدم المنع من التدخين أو عدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال هو اثبات المؤمّن للمكلف ، فيقول للمكلف أنت مأمون من وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ولا تخف من هذه الناحية ، وإذا كان هذا هو الهدف المؤمّن يوجد له طريق أخصر وأقوى ، وهو قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فبسببها أنت تعيش في الأمان وبعد كونك مأموناً بقاعدة قبح العقاب بلا بيان التي هي مؤمّنٌ وجداني لا تعبّدي يكون اثبات الأمان من الطريق التعبّدي - وهو الاستصحاب - بعد ثبوته الوجداني من أردأ أنواع تحصيل الحاصل.