40/08/09
الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.
خصوصاً وأنه توجد قرينة من نفس الرواية تبعّد الاحتمال الثالث ، حيث قالت الرواية ندفع إليه الروق ونشترط عليه بأن ما يعجبنا نأخذه ومالا يعجبنا لا نأخذه ، وهذا يصير لا يضرّ في احتمال الأمانة فإنَّ هذا لا معنى ، وهذه قرينة واضحة جداً ضد الاحتمال الثالث ، فالاحتمال الثالث هو في نفسه بعيد بقطع النظر عن هذ القرينة ، وخصوصاً مع هذه القرينة.
إذاً دلالة الرواية على حصة بيع الفضولي ضعيفة للإشكالين اللذين ذكرناهما.
أما سند الرواية:- فهو ( ما رواه الشيخ الكليني عن حُمَيد بن زياد عن الحن بن محمد بن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السمسار ) ، وهل هذا السند تام أو لا ؟ والذي دعانا إلى طرح هذا التساؤل هو أنَّ السيد الخوئي(قده) قال ما نصّه ( إنها غير نقية السند )[1] .
وحُمَيد بن زياد هو من مشايخ الكليني وقد روى عنه الكليني الكثير ، وقد قيل في ترجمته ( هو من أهل نينوى وثقة جليل ) ويكفي أنه يروي عنه الكليني ربع الكافي تقريباً ، فهو موثق ولا كلام فيه ، أما الحسن بن محمد بن سماعة واقفي ثقة ، وأما عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري فهو ثقة ، وأما أبان بن عثمان فهو أبان بن عثمان الأحمر فلا يوجد توثيق مصرّح به في حقه من قبل الرجاليين ، وكذلك تعبير ( عن غير واحد ) ، فإذا كان هناك توقف فهو من إحدى هاتين الناحيتين.
أما بالنسبة إلى أبان بن عثمان فصحيح أنه لا يوجد توثيق من قبل الرجاليين في حقه إلا أنَّ الكشي ذكره في طبقة الامام الصادق عليه السلام وهو من الذين أجمعت العصابة على الأخذ بما صحّ عنهم ، قال الكشي(قده) تحت عنوان تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام:- ( أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم لما يقولون ....... جميل بن دراج وعبد الله بن مسكان وعبد الله بن بكير وحمّاد بن عثمان وحمّاد بن عيسى وأبان بن عثمان )[2] ، فهذه العبارة واضحة الدلالة في أنَّ الرجل فوق الوثاقة ، لأنَّ الطائفة أجمعت على الأخذ بما يصح عنه ، وبالتالي السيد الخوئي(قده) أيضاً لا يتوقف فيه ، ولعله توقف في السند في مصباح الفقاهة ليس لأجل أبان بن عثمان وإنما لما يأتي ، فأبان بن عثمان لا داعي للتأمل من ناحيته.
يبقى الاشكال من ناحية تعبير ( عن غير واحد ) فقد يقول قائل:- إنَّ ( غير واحد ) لا نعرفه ، فإذاً هو مجهولاً فلا يعتمد عليه.
ولكن يمكن أن يقال:- إنّ عبارة ( غير واحد ) تطلق عادة على ثلاثة لا أقل ، واجتماع ثلاثة على الكذب في هذه الرواية ضعيف ويتولد الاطمئنان بعدمه ، والسيد الخوئي(قده) في مواضع متعددة من التنقيح وتقريراته الأخرى ذكر أنَّ عبارة ( غير واحد ) تدل على أنَّ الراوي كثير وأنَّ الشيء معروف ، وقد ذكر ذلك مكرّراً ، قال(قده):- ( هذا التعبير إنما يصح فيما إذا كان راوي الخبر كثيرين ولا يطلق عند كون راويه واحداً أو اثنين كما هو المتفاهم العرفي من مثله في زماننا هذا )[3] ، فإذاً لا توقف عنده من هذه الناحية.
وقد يقول قال:- هذا مضافاً إلى أنَّ هذه الرواية قد رواها غير الشيخ الكليني ، فقد رواها الشيخ الطوسي والشيخ الصدوق.
أما الشيخ الطوسي:- فقد رواها بإسناده عن الحسين بن سعيد وطرقه إلى الحسين بن سعيد معتبر والحسين بن سعيد وأخيه الحسن بن سعيد الأهوازيان ثقتان جليلان ، عن فضال بن أيوب وهو ثقة ، عن أبان - يعني عن أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله - ، فلعل السيد الخوئي(قده ) حينما قال عنها بأنها غير نقية السند يقصد أن هذا السند فيه أبان أيضاً ، لذلك هذا الطريق سوف لا ينفعنا.
وأما الصدوق:- فقد رواها بإسناده عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاّد عن أبي عبد الله ، وهذا الطريق جيد ، لأنَّ الحسن بن محبوب ثقة وأبو ولّاد ثقة أيضاً ، ولكن لابد وأن نراجع طريق الصدوق إلى الحسن بن محبوب ، ولو راجعناه وجدنا أنه يقول:- ( وما كان فيه عن الحسن بن محبوب فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه عن عبد الله بن جعفر الحميري وسعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب )[4] ، ورواة السند كلّهم لا مشكلة فيهم ، لأنَّ عبد الله بن جعفر الحميري وسعد بن عبد الله ثقتان ، وأحمد بن محمد بن عيسى فهو شيخ الثقات ، والحسن بن محبوب واضحٌ ، ولا موجب للتوقف إلا من ناحية محمد بن موسى بن المتوكل فإنه لا يوجد توثيق حقه ، إلا أن نبني على أنَّ الترضّي يكفي في اثبات الوثاقة ، أو أنَّ رواية الصدوق عنه وإكثار الرواية عنه تكفي في اثبات وثاقته ، ولكن هذه الأمور لا تنفع السيد الخوئي(قده) ، فحينئذٍ يبقى إشكال ( غير نقية السند ) على حاله.
والمهم لنا في ردّ السيد الخوئي(قده) ليس طريق الصدوق وليس طريق الشيخ الطوسي ، وإنما المهم هو الطريق الأوّل حيث نقول إنَّ أبان المفروض أنه ممن أجمعت العصابة على الأخذ بما صح عنه ، أما عبارة ( غير واحد ) فهي تدل على أنَّ هذا المطلب واضح والرواية واضحة.
الطائفة الثانية عشر:- وهي رواية العبد الذي تزوج من دون إذن مولاه ، وقد رواها الشيخ الكليني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أُذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( سلته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده ، فقال:- ذاك إلى سيده إن شاء أجازه وإن شاء فرّق بينهما ، فقلت:- أصلحك الله إنَّ الحكم بن عتيبة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون عن أصل النكاح فاسد ولا تحل اجازة السيد له ؟! فقال أبو جعفر عليه السلام:- إنه لم يعص الله وإنما عصى سيده فإذا أجازه فهو له جائز )[5] .