40/07/18
الموضوع:- حديث الرفع مسوق مساق الامتنان ، هل يمكن أن نستفيد من حديث الرفع وجود الملاك ؟ - أصل البراءة- مبحث الأصول العملية.
ويرد عليه:- إنَّ الاستظهار الذي ذكره لا نعرف له منشً فمن أين فهمت أن الحديث حينما يقول رفع عن أمتي الخطأ والنسيان والخطأ يعني بقيد ان يكون في الوضع خلاف المنَّة فإن هذا القيد ليس بموجود فكيف تدّعي هذا الاستظهار ، بل نحن ندّعي الاستظهار بالعكس ، فإنَّ اطلاق الحديث ينفي الخطأ والنسيان بشكل مطلق سواء فرض في الوضع خلاف المنَّة او يلم يكن خلاف المنَّة بل المهم أن يكون في الرفع منَّة أما في الوضع يلزم أن يكون خلاف المنَّة فهذا القيد ليس بموجود في الرواية ، بل المناسب لجود الله تعالى وكرمه أنه يريد أن يرفع كل نسيان وكل خطأ مادام في الرفع منَّة ، سواءً كان في الوضع خلاف منَّة أو لم يكن ، وهذا لا شيء فيه ، والرواية لم تذكر قيد أن يكون في الوضع خلاف المنَّة ، فنحن حينما ادّعينا الاستظهار لا تقل ما هو مدركك في ذلك فنقول إنَّ القيد ليس مذكوراً فالحديث مطلق والاطلاق في صالحنا فهو يولد ظهوراً في السعة وفي نفي القيد فالقيد الذي ذكره الشيخ العراقي لا مثبت له.
ثم قال بعد ذلك:- ( ومع الاجمال والتردد نقتصر على القدر المتيقن ).
ونحن نجيبه:-أولاً:- قد عرفت أنه لا إجمال ، لأنَّ الاطلاق موجود.
ثانياً:- إنَّ القدر المتيقن الذي يمنع من الاطلاق ويزعزعه هو القدر المتيقن في مقام التخاطب ، لا القدر المتيقن من الخارج ، والقدر المتيقن الذي ذكره الشيخ العراقي(قده) هو من الخارج وليس من الخطاب ، لأنَّ القدر المتقين مرةً يكون من الخطاب يعني أنَّ الخطاب هو يولّد قدراً متيقناً ، مثل صحيحة زرارة في قاعدة التجاوز:- ( رجل أقام وشك في الأذان ، قال: يمضي ، رجل كبّر وشك في الاقامة ، قال: يمضي ، رجل قرأ وشك في التكبير قال: يمضي ...... يا زرارة كل شيء شككت فهي وقد دخلت في غيره فشكك ليس بشيء ) ، وقد وقع كلام هنا في أنَّ هذا قدر متيقن في مقام التخاطب لأنَّ الحوار عن الصلاة ، فهل نسرّي هذه الرواية ( كل شيء شككت فيه .... ) حتى للحج والطواف أو نقتصر فيها على باب الصلاة فإنَّ فهذا قدر متيقن من الخطاب وهو الذي قال عنه صاحب الكفاية أنه يمنع من انعقاد الاطلاق ، أما القدر المتيقن من الخارج مثلما يقول ( أكرم الفقر ) أو ( اعتق رقبة ) فهناك قدر متيقن من الرقبة وهو العالم الفاضل الجليل التقي ، ولكن هذا قدر متيقن من الخارج وليس من الحوار ، والذي يمنع من الاطلاق إن قلنا بأنه يمنع هو فميا إذا كان من الخطاب لا ما إذا كان من الخارج ، وفي موردنا ليس القدر المتيقن من الخطاب وإنما هو من الخارج ، فلا يمنع من التمسّك بالإطلاق ، اللهم إلا أن يكون مقصود العراقي(قده) أنَّ الرواية إذا أصبحت مجملة فحينئذٍ نتمسك بالقدر المتيقن ولو من الخارج ، ولكن قلنا إنها ليست مجملة بل يوجد فيها اطلاق ، والقدر المتيقن الذي يمنع إن كان فهو ما كان من الخطاب لا من الخارج.
النقطة العاشرة:- هل يمكن أن نستفيد من حديث الرفع وجود الملاك ؟
والمقصود أنَّ حديث الرفع حينما يرفع حالة النسيان أو الخطأ أو غير ذلك فالحكم قد ارتفع ، ولكن هل يمكن أن نستفيد أن الملاك موجود أو لا ؟وتظهر الثمرة فيما إذا لم يكن الانسان يطيق الصوم مثلاً ولكنه صام في يوم من الأيام وأتم صومه فهل يقع صومه صحيحاً أو لا فالمفروض أنَّ حديث الرفع يرفع عنه الوجوب فكيف نصحح صومه مع فرض عدم وجود الوجوب ؟ فإن قلنا بأنَّ الملاك موجود والشرع المقدّس رفع الوجوب منَّةً أما الملاك بَعدُ موجود فحينئذٍ يكون الصوم منه صحيحاً من خلال الملاك ، وأما إذا قلنا بأنَّ الملاك ليس بمعلوم الثبوت وإنما يحتمل أنه ثابت ويحتمل أنه ليس بثابت فلا يمكن أن نحكم بالصحة ، بل فيه تردد وإشكال ، فإما أن نحكم بالاحتياط أو نحكم بكونه ليس مجزياً.فإذاً صارت الثمرة واضحة وصار البحث مثمراً.وهل يمكن أن سنتفيد من حديث الرفع بقاء الملاك ؟قد يقال:- نعم ، وذلك من خلال قرنيتين:-
الأولى:- الامتنان ، فإنَّ المفروض أنَّ حديث الرفع امتناني ونفس الامتنانية تقتضي أنَّ الملاك موجود ، إذ لو لم يكن الملاك موجوداً فأيّ امتنانية في الرفع بعد عدم وجود الملاك ؟!!
الثانية:- التعبير بكلمة ( رفع ) فإنَّ ( رفع ) لا يستعمل عرفاً إلا في مورد وجود الملاك أما إذا لم يكن الملاك موجوداً ، فالتعبير الرفع غير صحيح إلا بنحو المجاز.