40/07/05
الموضوع:- هل حديث الرفع يشمل الأحكام الوضعية مثل البيع ونحوه من المعاملات ؟ - أصل البراءة- مبحث الأصول العملية.
الكلام في الجنابة والضمان بالاتلاف:-إذا فرض أنَّ شخصاً أجنب أو شك في أنه أجنب فهل يمكن أن يطبق حديث الرفع أو لا ؟ ، وهكذا بالنسبة إلى الضمان بالاتلاف فلو شك أنه أتلف مال فلان أو لا حتى أضمن ؟والجواب:- إذا فرض أنَّ المورد كان فيه إكراه على الاتلاف أو اضطرار إلى الاتلاف ، وهكذا بالنسبة إلى الجنابة إذا فرض أنَّ الشخص أجنب عن اكراه أو اضطرار فهل يمكن تطبيق حديث الفرع لرفع هذه الجنابة فنقول إنَّ هذا اكراه أو هذا اتلاف بالإكراه ؟ إنه لا يمكن ذلك ، فإنه ذكرنا فيما سبق أنَّ الضمان بالاتلاف أو الجنابة يتحققان بأيّ سببٍ كان ، فإذا خرج المني صار مجنباً سواء كان عن اضطرار أو عن اكراه أو عن اختيار وقد عرفنا هذا من الخارج ، فلا يمكن تطبيق حديث الرفع لرفع الجنابة المتحققة عن اكراه أو عن اضطرار لعلمنا الخارجي بعدم الفرق من هذه الناحية ، نعم لو شككت هل خرج المني أو لا فهذا شك في أصل الجنابة فيمكن تطبيق ففقرة ( رفع ما لا يعلمون ).
إذاً نفرّق بين حالتين ، بين ما إذا جزم الشخص بخروج المني ولكن عن اضطرار أو عن اكراه فلا يمكن تطبيق حديث رفع الاكراه والاضطرار لرفع الجنابة لعلمنا الخارجي بأن الجنابة لا تختلف ولا تتأثر بالاضطرار وعدم الاضطرار فإنَّ خروج المني هو سبب كافٍ ، نعم إذا شك الشخص في خروج المني أمكن تطبيق حديث ( رفع ما لا يعلمون ).
وهكذا بالنسبة إلى الاتلاف فلو أتلف شخص مال غيره عن اضطرار أو عن اكراه فلا يمكن رفع ذلك بحديث الرفع لعلمنا الخارجي بأنَّ الاتلاف من موجبات بأي سبب كان ، أما إذا شككت هل حصل مني اتلاف أو لا فهذا شك في أصل تحقق الاتلاف فيمكن تطبيق حديث الرفع.السؤال الرابع:- هل يشمل حديث الرفع الأحكام الوضعية مثل البيع ونحوه من المعاملات ؟
والمقصود أنه إذا فرض أنَّ معاملة صدرت من شخص لكنها صدرت عن اكراه أو اضطرار فهل يمكن تطبيق حديث الرفع أو لا ؟ ، وأخرى نفترض الشك في أصل تحقق البيع لا أنه تحقق جزماً ولكن عن اكراه أو عن اضطرار فهل يمكن تطبيق حديث الرفع هنا أو لا ؟والجواب:- إذا جزمنا بصدور البيع عن اكراه فيمكن تطبيق حديث رفع الاكراه ، لأنه امتناني ، ومن المنَّة رفع صحة البيع عن الشخص المكرَه ، فنقول البيع قد رفع ، ومعنى ذلك أن باطل ، ولذلك قرأنا في الفقه أنَّ بيع المكرَه باطل لحديث نفي الاكراه.
وأما إذا كان مضطراً كأن كان مضطراً إلى بيع داره أو سيارته لعلاجٍ فهل يمكن تطبيق حديث الاضطرار ؟ إنه لا يمكن تطبقيه ، لأنَّ حديث الرفع ورد مورد المنَّة ، فإذا طبقناه وحكمنا ببطلان البيع كان ذلك خُلف المنَّة ، يعني سوف يبقى هذا المريض من دون علاج ، فما دامت نكتة الرفع هي المنَّة فنفرّق بين الاكراه في باب المعاملات وبين الاضطرار ، فإن أكره الشخص فمعاملته باطلة فإنَّ البطلان وفق المنَّة ، وإن اضطر فلا نحكم بالبطلان لأنَّ البطلان خلاف المنَّة ، هذا بالنسبة إلى حالة ما إذا صدر البيع جزماً.وأما إذا شككنا في صدور البيع وعدمه ، فهنا يمكن تطبيق حدث الرفع ولكن بفقرة ( ما لا يعلمون ) ، وأيضاً يمكن اجراء استصحاب عدم تحقق البيع ، ولكن كلامنا الآن في إمكان تطبيق حديث الرفع ، فيمكن تطبيقه إذا شك في أصل صدور البيع.
إذاً لابد من التفرقة بين الشك في صدور البيع ونحوه من المعاملات وبين العلم بصدوره لاضطرار أو اكراه ، فإن شك في صدوره نطبق حديث الرفع بفقرة ( ما لا يعلمون ) ، وإذا جزمنا بتحقق البيع في مورد الاكراه فنطبق فقرة رفع الاكراه ، لأنَّ ذلك وفق المنَّة ، وأما في مورد الاضطرار فلا نطبق حديث الرفع ، لأنه يلزم منه خلاف المنَّة.
بقي شيء:- وهو أنه لو أُكرِهت أو أُجبِرت على ترك البيع ، فأنا كنت محتاجاً للمال وأردت بيع داري لكن الظالم منعني قال لي إنَّ بعت دارك سجنتك ، فأنا الآن مكره على عدم البيع فهل يمكن تطبيق حديث الرفع لإثبات تحقق البيع ؟ ، ببيان أني قد أكرهت على عدم البيع فإذا طبّق حديث الرفع صار ذلك بمثابة تحقق البيع ، وتحققه موافق للمنَّة ، فهل يمكن ذلك أو لا ؟
والجواب:- إنه لا يمكن ذلك ، لأنَّ حديث الرفع حديث رفع لا حديث اثبات ، فلسانه قاصر عن رفع العدم وإبداله إلى الوجود ، وإنما هو يرفع الأمر الموجود ويحكم بحكم العدم إن كان ذلك موافقاً للمنَّة.
إذاً في حالة صدور البيع عن اكراه نقول هو باطل ونطبق الحديث ونحكم بالبطلان ، أما إذا أكره على عدم صدور البيع فلا يمكن تطبيق الحديث لإثبات تحقق البيع لأنَّ حديث الرفع حديث رفعٍ وليس حديث اثبات.وبهذا انتهينا من النقطة السادسة بأسئلتها الأربعة.