40/06/14
الموضوع:- هل حديث الرفع يختص برفع الاحكام التكليفية فقط ؟ - أصل البراءة- مبحث الأصول العملية.
الجهة السادسة:- هل يختص حديث الرفع برفع الأحكام التكليفية فقط ؟
وتحت هذا العنوان نطرح أربعة أسئلة:-السؤال الأول:- هل حديث الرفع يشمل جميع الأحكام التكليفية أو بعضها دون البعض الآخر ؟
السؤال الثاني:- هل حديث الرفع يشمل أحكام الضمنية أو يختص بغيرها ؟
السؤال الثالث:- هل يمل الأحكام الوضعة كالطهارة والنجاسة ؟
السؤال الرابع:- هل حديث الرفع يمل الأحكام غير الطهارة والنجاسة وإنما مثل البيع أو لا ؟
الكلام في السؤال الأول:- وفي مقام تحقيق هذا المطلب نقول:- إنه لا إشكال فيه أنه يشمل الأحكام الإلزامية كالوجوب والحرمة ، فإنَّ هذه هي القدر المتيقن من حديث الرفع ن وإنما الكلام في شموله للاستحباب والكراهة ، فإذا شككنا أنه يستحب تمشيط اللحية قبل الصلاة أو لا فحديث الفرع هل يمكن التسّمك بها لرفع الاستحباب ؟قد يجيب شخص ويقول:- إنه نعم ، وذلك وجهين:-
الأول:- الاطلاق فإنَّ حديث ( رفع عن أمتي ) مطلق وبإطلاقه يشمل مثل استحباب تمشيط اللحية الذي نشك في ثبوته.
الثاني:- إنَّ حديث الرفع يريد أن يرقع الثقل عن المكلف ، وبالتالي يريد أن يثبت له التخفيف والاستحباب نحو من الثقل ورفعه نحو من رفع الثقل.
وفي مقام الجواب نقول:- إنَّ المناسب عدم الشمول ، والوجه في ذلك هو أنَّ حديث الرفع إذا قلنا هو ناظر إلى رفع العقوبة فبالتالي هو يريد أن يرفع العقوبة ، فعدم شموله للمستحبات والمكروهات يصير واضحاً ، إذ في مخالفتها لا توجد عقوبة ، فلا تكون مشمولة ، وأما إذا قلنا بأنَّ حديث الرفع ليس ناظراً إلى العقوبة وإنما يرفع كل ما فيه ثقل سواء كانت عقوبة أو لم تكن ، وحيث إنه في الاستحباب يوجد نوع من الثقل فالحديث يشمل ذلك.
فإذاً حتى لو قلنا بأنه لا يختص برفع العقوبة رغم ذلك لا يرفع الاستحباب ولا الكراهة ، والوجه في ذلك هو أنه يلزم عدم رجحان الاحتياط في موارد الشك في الاستحباب والكراهة ، وهذه قضية لا يحتمل التزام فقيه بل متفقّه بها ، فإنه بلا إشكال لو احتملنا أنَّ من الراجح تسريح اللحية قبل الصلاة فهل تحتمل أن الاحتياط ليس بحسن ؟!! كلا لا يوجد أحد يلتزم بذلك ، وإذا فرضنا أنه مشهورٌ بين الناس أنه يستحب الصوم أوّل الشهر أو في وسطة أو يوم الاثنين من كل أسبوع وشككنا في أنَّ هذا الاستحباب ثابت أو ليس بثابت فبلا إشكال عقلائياً وارتكازاً الاحتياط شيء حسن ، ولا يحتمل أحد أنَّ الاحتياط ليس براجح في مثل ذلك أو لا يتحقق الاحتياط ، والحال أنه لو طبّقنا حدث الرفع يلزم عدم رجحان الاحتياط ، لأنَّ الرفع في حديث الرفع إما أن يكون رفعاً واقعياً أو يكون رفعاً ظاهريا ، فإذا قلنا بأنه رفع واقعي يعني أنه يخصّص الحكم بالعالم أما غير العالم واقعاً لا يوجد في حقه حكم ، فهذا الشاك في الاستحباب يوجد رفع واقعي بلحاظه لأنَّ الحكم بالاستحباب على تقدير ثبوته يصير خاصاً بالعالم أما الشخص الشاك لا حكم واقعاً في حقه ، ومادام لا يوجد حكم واقعاً في حقه فكيف يتحقق الاحتياط ؟!! ، وأما إذا قلنا إنَّ الرفع هو ظاهري كما هو الصحيح والمقصود من الرفع الظاهري هو رفع وجوب الاحتياط في موارد احتمال الحكم الوجوبي أو التحريمي فنرفع في حقك وجوب الاحتياط ، وإذا شككت في الحكم الاستحبابي يكون الرفع الظاهري بمعنى رفع استحباب وحسن الاحتياط ، فإذا ارتفع حسن استحباب الاحتياط فلا يمكن حينئذٍ الاحتياط ، لأنَّ الحديث يقول لي لا يستحب في حقك الاحتياط.والنتيجة النهائية من كل ما ذكرنا:- إنه متى ما شككنا في حكم وجوبي أو تحريمي فيوجد مجال لتطبيق حديث الرفع وترفع وجوب الاحتياط ، أما إذا شككت في أن صوم الاثنين مستحب أو لا - لأنه توجد رواية ضعيفة - فحديث الرفع لا تستطيع أن تطبقه وإنما خاص بحالة الشك في الالزاميات أما الاستحبابيات فلا لأنه لو طبقته في الاستحبابيات يلزم عدم حسن واستحباب الاحتياط وهذا لا يمكن لمتفقه فضلاً عن فقيه الالتزام به ، والنتيجة هي أنَّ حديث الرفع خاص فيما إذا شككنا في ثبوت الأحكام الالزامية دون الأحكام غير الالزامية.