40/05/30
الموضوع:- أصل البراءة- مبحث الأصول العملية.
والنتيجة النهائية:- هي أنَّ أيّاً من الأحاديث الأربعة على مقتضى الصناعة لا يمكن التمسّك به.
نعم هنا طريقان:-الأول:- أن ينبى على أنَّ أحمد بن محمد بن يحيى العطار حيث إنه من مشايخ الاجازة ومشايخ الاجازة العروفين ثقات ، لأنه من البعيد أنَّ شخصاً معروفاً بإعطاء الاجازات يكون ليس بثقة ، فإذا بنينا على هذا كما نحن نميل إليه فصار هذا طريقاً معتبراً وانحلّت المشكلة.
الثاني:- أن نقول: إنَّ الروايات متعددة ، فصحيح أنَّ روايتي الشيخ الصدوق نحسبهما رواية واحدة ، ولكن بالتالي تقبى ثنتان إلى واحدة فيصير المجموع ثلاث روايات ، وثلاث روايات تورث الاطمئنان ، خصوصاً مع معروفية الحديث ، فتورث الاطمئنان بالصدور ، وهل تنبي على هذه الطريقة أو لا ؟ إنه لا يوجد أحد يقول لا أبني عليها ، فكبراها مسلّمة ، ولكن هل صغراها محققة أو لا ؟ فكبراها مسلّمة فإنه إذا كانت الروايات متعددة فسوف يحصل الوثوق بصدور هذا المضمون ، ولكن إذا كان عددها ثلاث روايات فهل يحصل هذا الوقوق ؟ إنه إذا قلنا هنا يحصل الوثوق أيضاً فبها ونعمت.
هذا بالنسبة إلى البحث السندي لحديث الرفع.النقطة الثانية[1] :- بحث حول الدلالة.
وتقريب الدلالة أن يقال:- إنَّ حرمة شرب التتن مثلاً هي مصداق للموصول ( ما لا يعلمون ) ، فإنَّ الحرمة لا أعلمها فتكون مرفوعة ، ولكن بأيَّ رفع فهل هي مرفوعة بالرفع الواقعي أو بالرفع الظاهري ؟ ، والرفع الواقعي يعني أنه واقعاً الحرمة مختصَّة بالعالم فقط وأما الشاك الجاهل فلا حرمة في حقه واقعاً ، ومرة نقول إنَّ الرفع ظاهري ، يعني أنَّ الحرمة موجودة واقعاً ولكن وجوب الاحتياط في مرحلة الظاهر ليس بموجود ، وأيهما هو المقصود ؟
قد يقول قائل:- إنَّ المقصود هو الرفع الواقعي .
ولكن نقول:- إنَّ هذا لا يمكن ، فإنه يلزم منه تخصيص الأحكام الواقعية بخصوص العالمين بها ، ولو اختصت بالعالمين بها فقط فإذاً أنا سوف لا تعلّم ومن الأحسن لي أن أبقى جاهلاً فلا صلاة ولا صوم ولا حج ولا غير ذلك ، وهذا لا يمكن الالتزام به.
فإذاً لابد أن نفسّر الرفع هنا بالرفع الظاهري ، يعني بمعنى أنَّ الحكم ثابت واقعاً في حق الجاهل ولكن ارتفع ظاهراً بمعنى رفع وجوب الاحتياط ، وإذا ارتفع وجوب الاحتياط حصل المطلوب.إذاً الحديث يرفع كل حكم لزومي - سواء كان حرمة أو وجوب - غير معلوم للمكلف ولكن ليس بالرفع الحقيقي الواقعي بل بالرفع الظاهري وإن كانت الحرمة واقعاً ثابتة ، وإذا ارتفع وجوب الاحتياط كفانا.وهناك مشكلة يظهر أنَّ العلمين الأنصاري والخراساني كانا يعيشانها:- وهي أنه كيف نرفع العقاب ؟ ، فالمهم هو التأمين من العقوبة ، فيكف يؤمنني الحديث من العقوبة ، فهل هو يرفع استحقاق العقوبة أو هو يرفع فعلية العقوبة ؟ فإذا كان يرفع استحقاقها فالاستحقاق حكم عقلي وأثر عقلي وليس أمراً شرعياً حتى يرتفع بالحديث ، فإنَّ الحديث لا يرفع إلا الأمور الشرعية ولا يرفع الآثار العقلية والاستحقاق أثر عقلي ؟ ، وإذا قلت هو يرفع نفس العقوبة ففعل العقوبة هي فعل الملائكة الغلاظ الشداد ولا معنى لرفع فعل الملائكة وهي ليست أمراً مرتبطاً بالشرع بما هو شرع ، فإذاً ماذا نصنع ؟
والجواب:- إذا رفعنا وجوب الاحتياط والمكلف حصل في يده أن الاحتياط ليس بواجب فسوف يحصل له القطع بأنه لا توجد عقوبة ، لأنه إذا ثبت شرعاً أنَّ الاحتياط ليس بواجب عليك يعني أنّ الشرع هكذا قال لك:- ( الاحتياط في مسألة حرمة شرب التتن المحتملة ليس بواجب عليك ) فسوف تقطع بعدم استحقاق العقوبة ، لأنَّ الشارع هو الذي رفع وجوب الاحتياط ، وسوف لا نحتاج إلى الحديث ، فهذا الرفع سوف لا يكون بالحديث الشريف حتى تقول إنَّ الحديث لا يرفع إلا الآثار الشرعية أما الآثار العقلية أو فعال الملائكة الغلاظ فلا يرفعها ، كلا بل الحديث فقط رفع وجوب الاحتياط ، وإذا رفع وجوب الاحتياط وثبت عندي أنَّ الاحتياط ليس بواجب فبالتالي أنا سوف أقطع بأنه لا عقوبة ، وإذا قطعت بذلك كفاني هذا ، وليس رفع العقوبة من خلال الحديث حتى يأتي الاشكال ولا نحتاج إلى الحديث أن يرفعها ، لأنَّ مجرّد رفع وجوب الاحتياط يكفي لحصول الجزم بعدم استحقاق العقوبة.
ومن الواضح أنَّ العلمان قصدا هذا المعنى ولكن ليس بهذه الصراحة.