40/04/03
الموضوع:- حجية خبر الواحد.
جواب السؤال الخامس[1] :-
هذه القضية تعرض إليها الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية[2] في آخر مبحث الانسداد ، وحاصل ما ذكره: إنَّ الدلالة تدور مدار الظهور ، وعدم عمل المشهور به لا يزيل الظهور ، وهكذا بالعكس لو عمل المشهور وكانت الدلالة ضعيفة فعملهم لا يولد م ظهوراً في الرواية ، فالظهور لا يتولد في الرواية بعمل المشهور بها ، ولا ينهدم الظهور بترك عملهم بالرواية ، نعم لو لم يعمل بها المشهور فالظهور موجودٌ ولكن يوجد ظن بخلافه وأنَّ هذا الظهور لا يراد ، ولكنَّ هذا لا يؤثر فإنَّ مدار الحجية هو على الظهور وليس على الظن بكون هذا الظهور مراداً.
ووافقه على ذلك الشيخ النائيني(قده)[3] ، وهكذا السيد الخوئي(قده)[4] .
وفي الجواب نقول:- إذا فرض أنَّ العامل بالرواية كان هم الطبقة المتقدمة ، يعني كالكليني والصدوق من تقدّمهما ، فهم ذكروا الرواية وأفتوا على طبقها ولكن ظهورها بنظرنا لا يساعد على ما انتهوا إليه في الفتوى ، فحينئذٍ يحصل لنا وثوق واطمئنان - بما أنهم هم الطبقة المتقدّمة وأقرب إلى عصر النص - بأنه كانت هناك قرائن تساعد على تحقق هذا الظهور ولكنها زالت عنّا بمرور الزمن ، وإلا كيف تفسّر أنهم أفتوا على طبقها وهي لا ظهور لها في هذه الفتوى ؟! فهل فهمهم ضعيف جداً واستفاداتهم من النصوص ضعيفة جداً ومعرفتهم بمطلب النص ضعيف جداً ؟!! والحال أنَّ احتمال هذا في حقهم بعيدٌ جداً ، فيحصل وثوق بأنَّ هناك قرائن قد زالت بمرور الزمن ، أو نقول إنَّ هذا من باب التغيّر في الظهور ، فإنَّ الظهور يمكن أن يتغير تدريجاً بمرور الزمن ، وإن كان هذا نادراً ، ولكن هذا النادر قد يقع.
والخلاصة:- إنَّ عمل المشهور في الطبقة المتقدمة يكون جابراً لضعف دلالة الرواية ، كما أن ترك عملهم يكون كاسراً لحجية الظهور ، فإنه حينما تركوا الظهور فهم لماذا تركوه ؟ إنه لابد أن يكون لأجل وجود ضعفٍ في هذا الظهور - إن لم يكن الضعف في السند - ، ولكن هذا نقوله من حيث الكبرى ، وتبقى المشكلة من حيث الصغرى ، فكيف نحرز أنَّ الطبقة المتقدّمة قد أفتت بهذه الفتوى الموافقة للنص في صورة الجبر أو المخالفة للنص في صورة الكسر والوهن فإنَّ فتاواهم ليست بأيدينا ؟! ، فإذاً الصغرى غير متحققة ، نعم نحن بأيدينا آراء ابن إدريس والعلامة والمحقق وغيرهم ، ولكن هؤلاء لا يمثلون تلك الطبقة المتقدمة التي يحصل من عملها أو ترك عملها الوثوق أو الوثوق بالعدم.
فإذاً نحن من الموافقين للأعلام الثلاثة ولكن نختلف في الطريق ، فهم يقولون إنَّ المدار على الظهور والظهور لا يزول ولا يتولد بفتوى المشهور على طبقه أو بمخالفة المشهور له ، بينما نحن نقول إنَّ فتواهم بالوفاق أو الفتوى بالعكس تؤثر إن احرزناها ، لأنه سوف يحصل وثوق بوجود قرائن قد زالت بمرور الزمن ، لكننا لا نحرز فتواهم عادةً حتى يمكن أن نطبّق تلك الكبرى ، فتبقى الكبرى بلا صغرى.وإن شيئت قلت:- هم خالفوا في الكبرى ، أما نحن فقد قبلنا الكبرى ولكن خالفنا في الصغرى ، فمركز الخلاف بيننا مختلف ، ولكن هذا لا يؤثر على النتيجة ، لأنَّ النتيجة تحتاج إلى التسليم بالكبرى والصغرى ، فإذا كانوا لا يقبلون بالكبرى أو نحن لم نقبل بالصغرى فقد اتفقنا على نتيجة واحدة.
جواب السؤال السادس[5] :-
المناسب اختصاص الخبر الحجة بالخبر الحسّي ، وذاك للقصور في لمقتضي ، فإنَّ مقتضي الحجية والدليل المهم لحجية الخبر هو السيرة وآية النبأ ، والسيرة كما نعرف هي مختصة بالخبر الحسّي ، ولذلك أنت في الحدسيات إذا جاء بها أشخاص فلا تأخذ بها ، فلو قال شخص أنا أحدس بأنَّ فلاناً جاء من السفر ، فنقول له إنَّ حدسك لك ولا نأخذ به ، أو لا أقل نشك في سعة السيرة للخبر الحدسي - ومن الواضح أنه لا يوجد عندنا شك وإنما يوجد عندنا جزم بعدم الشمول ولكن إذا أدنا نتنزّل فنقول يوجد عندنا شك - ويكفينا الشك في لزوم الاقتصار على القدر المتيقن وهو الخبر الحسّي.وأما آية النبأ ، فظاهر النبأ هو الذي ينقل عن حسّ ، فإذاً هي أيضاً مختصّة بهذا المقدار.فإذاً الخبر الحدسي ليس بحجة لعدم الدليل على حجيته.جواب السؤال السابع[6] :-
هناك دعويان من أصحابنا بشأن الكتب الأربعة ، أحداهما متطرفة أكثر ، وهي دعوى أنَّ كل ما في الكتب الأربعة قطعي الصدور من قبل الأئمة عليه السلام ، وقد أشار إلى هذه الدعوى الشيخ الأعظم(قد) حيث قال:- ( ذهب شرذمة من متأخري الإخباريين فيما نسب إليهم إلى كونها قطعية الصدور وجماعة آخرون ذهبوا إلى أنها قطعية الاعتبار )[7] ، ومن جملة من ذهب إلى ذلك ولو في مساحةٍ أضيق الشيخ النائيني(قده) على ما نقل السيد الخوئي(قده) حيث قال:- ( إني سمعت في مجلس بحثه يقول إن المناقشة في أسناد روايات الكافي حرفة العاجز )[8] ، والعبارة واضحة في أنه يرى حجية جميع روايات الكافي.
إذاً أصل هاتين الدعويين موجود أو لا أقل الثانية ويتبناها مثل الشيخ النائيني(قده) ، ولكن كما قلنا هو يتبناها في خصوص كتاب الكافي وليس في جميع الكتب الأربعة ، فبناءً على هذه الدعوى سوف يصير التقسيم الرباعي للنصوص باطلاً ، ومن هنا أنكر وتحامل معاشر الاخباريين على العلامة(قده) حيث جاء بهذا التقسيم.ومن باب الكلام يجر الكلام نذكر فائدة جانبية:- وهي أن صاحب الحدائق(قده) هو اخباري ولكنه معتدل ، فلو راجعت الحدائق بأكمله تراه ملتزماً بهذا بهذه المصطلحات فيقول: ( حسنة أو صحيحة أو موثقة ) والحال أنه إخباري وليس أصولياً ، ولكنه ذكر في بداية الحدائق أنني أسير على هذا التقسيم ، ولكنه يسير عليه كمصطلح في حين أنه يعمل بكلّ الأخبار ولعلّه يبيّن هذا المعنى في مقدمة الحدائق.
وممَّن تبنّى اعتبار كل ما في الكتاب الأربعة بشكلٍ قوي صاحب الوسائل(قده)[9] [10] في الفوائد المذكورة في آخر الوسائل ، ويقيم اثنين وعشرين دليلياً على ذلك ولكن اكثرها خطابية ، ومن أمثلتها أنه قال في الوجه الثالث ذكر ( أنَّ مقتضى الحكمة الربانية وشفقة اهل البيت عليهم السلام بالشيعة أن تمهّ لهم اصول معتمدة يعملون بها في زمن الغيبة ..... ومصداق ذلك هو ثبوت الكتب المشار إليها وجواز العمل بها ) ، يعني الكتب التي نقل عنها ، وتوجد عنده فائدة يذكر فيها المصادر التي نقل عنها وهي كثيرة.
وهل هذا الكلام علمي أو هو كلام عرفاني ؟!أو من قبيل ما ذكره في الوجه السابع من أنه ( لو لم تكن هذه الأصول التي نقلنا عنها الأحاديث معتبرة يلزم من ذلك أن يبقى الشيعة في ضلال إلى يوم القيامة ، والعادة قاضية ببطلان ذلك ، والأئمة لا يرضون بذلك ).
وهذا كلام خطابي أيضاً لا نعرف مدى حقانيته.