الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
39/06/25
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- مبحث الظن.
هذا وقد أفاد الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية في مناقشة هذا الوجه[1] حيث أشكل عليه:- بأنَّ الحكم الظاهري صحيح هو متأخر رتبةً إلا أنَّ الحكم الواقعي بالتالي هو ثابت في رتبته وشامل في رتبته فإذن هم يعم الحكم الظاهري في رتبته فيلاحقه في رتبته وتحصل المنافاة آنذاك ، فعاد الاشكال ، قال(قده):- ( إن الظاهري وإن لم يكن في تمام مراتب الواقع إلا أنه في مرتبته أيضاً ) فإذن عاد الاشكال.
والاشكال عليه واضح:- فإنَّ الحكم الظاهري إذا كان متأخراً في الرتبة فلا يمكن أن يثبت الحكم الواقعي في رتبة الحكم الظاهري وإلا صارت رتبة الحكم الواقعي متأخرة أيضاً ، فصارا في رتبة واحدة وهذا من البديهيات ، نعم الحكم الواقعي يعم الحكم الظاهري زماناً ، يعني في الزمان الذي يكون فيه الحكم الظاهري موجوداً - وهي حالة الشك في الحكم الواقعي – يكون الحكم الواقعي موجود أيضاً ، ففي هذا الزمان أنا جاهل بأنَّ هذا الشيء نجس أو طاهر فالحكم الظاهري بالطهارة موجودٌ وفي نفس هذا الزمان الحكم الواقعي ثابتٌ أيضاً ولكن هذا اجتماع هو اجتماع في الزمان وليس اجتماعاً في الرتبة ، أما الاجتماع في الرتبة فهو لا يمكن أنه بعد أن فرضنا أنَّ رتبة الحكم الظاهري متأخرة عن رتبة الحكم الواقعي فيلزم أن تكون رتبة الحكم الواقعي متقدّمة ورتبة الحكم الظاهري متأخرة فكيف يصير الحكم الواقعي ثابتاً مع الحكم الظاهري في رتبة واحدة فإن هذا غير ممكن.
فإذن ما ذكره الشيخ الخراساني لا يصلح أن يكون جواباً على الشيخ الأنصاري.ونحن نقول للشيخ الأعظم(قده):- إنَّ اجتماع المثلين أو الضدّين هو مستحيل مادام الزمان واحداً مهما اختلفت الرتبة ، فالسواد والبياض ضدّان ولا يمكن اجتماعهما في زمانٍ واحد حتى لو فرضنا أنَّ رتبتهما مختلفة فإنَّ هذا من هذا من خصوصيات الزمان ، فإنَّ الزمان الواحد لا يتقبّل وجود ضدّين فيه ، ولا ينفع ما ذكرته من أنَّ الرتبة مختلفة ، فحينما يأتيني خبر الثقة ويقول إنَّ هذا الشيء مباح وهو في الواقع حرام فهنا هل اجتمعت الاباحة والحرمة في زمانٍ واحد أو لا ؟ نعم اجتمعتا في زمان واحد فلتكن الرتبة مختلفة ، فمادام الزمان واحداً فالحرمة والاباحة لا يمكن أن يجتمعا ، ولذلك ذكر في المنطق أنه يشترط في استحالة اجتماع النقيضين أو الضدين عدة وحدات منها وحدة المكان ووحدة الزمان وغير ذلك ، ولكن هل يشترط وحدة الرتبة ؟ إنه لا يشترك ذلك ، فإنه لا يقول عاقل باجتماعهما في زمانٍ واحد مادامت الرتبة مختلفة فإنَّ هذا غير ممكن.
إن قلت:- إنَّ مثال المعلول وعدم المعلول الذي ذكرناه سابقاً وأنهما ثابتان مادامت الرتبة مختلفة فلا مانع ، فكيف إذن ذكرنا هذا المثال وكيف الجواب عنه ؟