الموضوع: -مبحث التجرّي – النقطة الثالثة: هل يستحق المتجري العقاب؟ ، النقطة الرابعة: ثمرة بحث التجري- أقسام القطع- مبحث القطع والأمارات والأصول العملية.
تقسيم الشيخ الأعظم (قد) للقطع الموضوعي:-ثم إنَّ الشيخ الأعظم(قده) قد قسّم القطع الموضوعي إلى قسمين؛ موضوعي صفتي، وموضوعي طريقي[1] ، وحاصل المقصود: هو أنَّ القطع حينما يؤخذ في موضوع الحكم فتارةً يؤخذ بما هو صفة نفسانية التي تمثل حالة الجزم مائة بالمائة ، وتارةً يؤخذ من باب كونه طريقاً إلى الواقع لا لخصوصية فيه، ومن الواضح أنَّ الثمرة تظهر في أنه إذا أخذ بما هو صفة نفسانية فالأمارة لا تقوم مقام القطع ما دام المدار على القطع الصفتي كما في باب الشهادة ، وأما إذا أخذ بما هو طريق فالأمارة تقوم مقام القطع؛ إذ لا خصوصية له وإنما هو قد لوحظ بما هو طريق.
وقال صاحب الكفاية(قده)[2] :- إنَّ كل واحد من هذين- القطع الموضوعي الصفتي والقطع الطريقي- ينقسم إلى قسمين؛ فالقطع الموضوعي الصفتي تارةً يؤخذ بما هو صفة بنحو تمام الموضوع وأنَّ الواقع لا مدخلية له والمهم هو أن يكون لديك قطع ، وتارةً يؤخذ بنحو جزء الموضوع بحيث تكون الصفة جزءاً والجزء الثاني هو الواقع ، فالمطلوب يصير شيئين واقعٌ مع صفةٍ نفسانية.
وأما القطع الموضوعي الطريقي فتارةً يؤخذ بنحو جزء الموضوع والجزء الثاني هو الواقع ، وتارة يؤخذ بنحو تمام الموضوع والواقع لا مدخلية له ، فصارت الأقسام خمسة.
إشكال يوجه إلى الشيخ الأعظم وصاحب الكفاية:- إنَّ القطع صفة نفسانية وملاحظته بما هو صفة نفسانية تمثل حالة مائة بالمائة ، أما ملاحظته بما هو صفة نفسانية بقطع النظر عن طريقيته التي هي الجزء الثاني فهو غير ممكن فإنَّ الطريقية صفة ملازمة للقطع ، فالقطع كما هو صفة نفسانية والتي تمثل حالة مائة بالمائة هو طريق إلى الواقع والطريقية لا تنفك عنه ، فلا يمكن ملاحظة القطع من دون كونه طريقاً للواقع ، وإذا لوحظ هكذا فليس هو بقطعٍ وإنما هو شيء آخر ، فإنَّ من ذاتيات القطع أنه طريق إلى الواقع ، فكما أنه صفة نفسانية يوجد معها الطريقية إلى الواقع ، فلا يمكن ملاحظة القطع بما هو صفة نفسانية من دون ملاحظة الطريقية ، يعني مثل الأربعة والزوجية.
التوجيه الأوّل والثاني:-ولعله دفعاً لهذا الإشكال حاول صاحب الكفاية أن يبرز مطلبين:-الأوّل:- إنَّ العلم نور في نفسه ونور لغيره ، وما دام كذلك فيندفع الإشكال المذكور؛ إذ في العلم جنبتان ، جنبة أنه نور، وإذا لاحظنا هذه الجنبة كان موضوعياً صفتياً ، وجنبة أنه نور لغيره ، وإذا لاحظنا هذه الجنبة كان موضوعياً طريقياً.
الثاني:- إنَّ العلم وإن كان من الصفات الحقيقية ولكنه من ذوات الإضافة ، يعني أنَّ الصفة تحتاج إلى مضاف إليه فتقول: علمت بكذا أو قطعت بكذا ، ولا يتصوّر علم بلا مضاف إليه.
وإذا كان من الصفات الإضافية فمرّة نلحظه بما هو صفة نفسانية فهذا هو القطع الموضوعي الصفتي، ومرّة نلحظه باعتبار المضاف إليه ومرآة للمضاف إليه فهو موضوعي طريقي.