الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

39/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مبحث التجرّي - مبحث القطع والأمارات والأصول العملية.

ثالثاً:- لو سلّمنا أنَّ التكليف مجعول بداعي التحريك الفعلي ، وسلّمنا أنَّ تحرك الارادة فرع القطع والعلم ، ولكن نقول: أنت قلت لو كان المدار على العلم المطابق للواقع فسوف يلزم التكليف بما لا يطاق لأنَّ المكلف لا يدري أنَّ هذا مطابق للواقع أو غير مطابق له ، ونحن نقول: إنه لا يلزم التكليف بما لا يطاق ، فإنَّ كل قاطع يرى أنَّ قطعة مطابقاً مائة بالمائة وإلا لم يكن قاطعاً ، فأين التكليف بما لا يطاق ؟!!

ويوجد جواب ثانٍ حيث نقول:- نحن نريد أن نرفع التكليف عنه إذا لم يكن قطعه مطابقاً لا أننا نريد اثبات التكليف والعقوبة له ، فإذا كنّا نريد اثبات التكليف والعقوبة إذا لم يكن القطع مطابقاً فهذا المكلّف لا يحرز أنَّ قطعه مطابق أو غير مطابق فلا يمكن اثبات التكليف في حقّه ، أما إذا أردت أن أرفع التكليف عنه فأقول له إذا لم يكن قطعك مطابقاً فأريد أن أرفع التكليف عنك لا أن اثبته عليك ، فرفع التكليف لا يلزم منه التكليف بما لا يطاق وإنما اثبات التكليف يلزم منه ذلك.

فإذن لا وجه لما ذكر في هذا البيان ، باعتبار أنا نريد أن نقول له إذا لم يكن قطعك مطابقاً فلا تكليف ، لا أنه يوجد تكليف حتى تقول يلزم التكليف بما لا يطاف ، ورفع التكليف وإن كان بسبب غير اختياري لا محذور فيه لأنه رفع للتكليف لا اثبات له ، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها.

الطريق الثاني:- التمسّك بقاعدة الملازمة.

والمقصود من قاعدة الملازمة هي أنَّ ( كل ما حكم العقل حكم به الشرع ) ، وفي المقام يقال: حيث إنَّ العقل حكم بقبح الفعل المتجرّى به[1] فإذا ثبت أنَّ الفعل المتجرّى به قبيح عقلاً فبقاعدة الملازمة تثبت الحرمة.

ولتوضيح الحال لابد وأن نعرف أنَّ فكرة الملازمة هل هي صحيحة أولا ؟

هناك ثلاثة آراء:-

الأوّل:- إنَّ كل ما حكم به العقل من الضروري ويلزم أن يحكم به الشرع ، وهذا هو الذي ينفعنا في المقام.

الثاني:- إذا حكم العقل بشيءٍ فلا يمكن أن يحكم به الشرع .

الثالث:- إنه بالامكان أن يحكم الشرع إذا حكم العقل وبالإمكان أن لا يحكم.

هذه ثلاث آراء وسنأخذ كلّ رأيٍ ونلاحظ دليله.


[1] كما انتهينا إليه خلافاً للشيخ الاعظم والشيخ الخراساني والشيخ النائيني.