الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
39/02/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- مبحث القطع والأمارات والأصول العملية
وفيه:- إنه(قده) تصور أنَّ غير المجتهد يعني الرجل السوقي العامي مثل والدي كبير السن الفلاح أو والدتي ربة البيت ، فهو تصوّر أنَّ غير المجتهد ينحصر بأمثال هؤلاء كبار السنّ من الفلاحين أو من غيرهم ، ولكن لماذا هذا الحصر فإنَّ طلبة العلم هم من غير المجتهدين ولكنهم ليسوا كالفلاح وغيره فيمكن أن يحصل لهم العلم ، فإن غير المجتهد يمكن أن يحصل له القطع ، فيحصل لك القطع بأنَّ مخالفة النظام لا تجوز لأنه يلزم منها الهرج والمرج والفوضى ولو لكلام الاستاذ أو غير ذلك ولكن بالتالي حصل لك قطع ، فإذا حصل لك القطع بأنَّ هذا اخلال بالنظام والاخلال بالنظام لا يجوز ، وهذا قطع يمكن تصوّر حصوله ، أو تعذيب الحيوان كالقطة مثلاً فهل يجوز تعذيبها ؟ ومن الواضح أنه من الجانب العاطفي والانساني هذا مؤذٍ لها فيكون غير مقبول وهو تعذيب فربما يحصل لك القطع بأنَّ هذا منافٍ لخلق الاسلام وأنَّ الاسلام لا يرضى بذلك ، فيمكن أن يحصل لك القطع بذلك أما أني لا أوافقك فهذه قضية ثانية ، أو إذا قال المذيع في التلفاز ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) فهل يلزم ردّ السلام عليه ؟ فقد يقول قائل: نعم يلزم رد السلام عليه لأنه يصدق عليه ﴿ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردّوها ﴾ فيلزم ردّ السلام عليه ، فإذن يمكن تصوّر صول القطع ، وعلى هذا المنوال الكثير من الأمثلة ولكني لا أتصور الشخص مثل ما تصوّر الشيخ النائيني(قده) فإنَّه تصوّر غير المجتهد كالفلاح أو البقال ، ونحن نقول: قد يكون غير المجتهد طالباً للعلم فهنا يمكن حصول القطع له في بعض الموارد ، وحينما حصل له قطع فتحصل له الحجية بالقطع لأنه يقول أنا قطعت ومادام قد قطعت فهذا القطع حجة ، إذ لو لم يكن القطع حجة فالحجة فما هو الحجة إذن ؟!! فإنه لا يمكن أن يكون القطع ليس حجّة وإلا يلزم أن لا تثبت لنا أيّ حجة فإنَّ حجية الحجة تكون بالقطع ، وهذا قد حصل له قطع بحجية القطع ، فالقطع بالحكم قد حصل ، وحصل له بأنَّ هذا الدليل وهو القطع حجّة جزماً ، ولا محذور في أن يشمله محذور الحجة حينئذٍ.
وأما بالنسبة إلى الظن فالأمر كذلك ، فيمكن أن يفترض أنه يحصل له الظن المعتبر كما إذا فرض أنه حصل له من فتوى المرجع الذي يرجع إليه في التقليد ظن بهذا الحكم الشرعي ، فهو قد حصل له الظن وهذا الظن معتبر لأنه مستند إلى فتوى المجتهد ، فإذن يمكن أن نتصوّر حصول الظن له ، وإذا نشأ هذا الظن من فتوى فحيث إنه نشأ من فتوى المرجع فحينئذٍ يكون حجة ، فإذن يمكن أن نتصوّر حصول الظن في حق المكلف في غير المجتهد ونتصوّر أنَّ هذا الظن حجة من باب أنه استند إلى المجتهد.
وأما الشك فأيضاً يمكن تصوّره ، كما إذا طرأت عليك مسألة ولا يوجد من تسأله عنها وحصل لك الشك في حكمها ، من قبيل ما إذا كنت في بلاد الغرب وأرد أن تشتري من بائع الخمور علبة جبن فهل يجوز شراءها منه أو لا ؟ ثم بعد ذلك تذكرت معلوماتك التي درستها فاستقل عقلك بالبراءة ، فإنه لا دليل عل الحرمة فإنَّ الحرام هو شراء الخمر أما مجرّد كونه يبيع الخمر فشراء الجبن منه لا ربط له بالحرمة ، فاستقل عقلك بالبراء - أو استقل بالاشتغال - ، إنه يمكن أن نفترض هكذا ، فحصل إذن شكٌّ والدليل موجود إلى جنبه حيث استقل عقلك بالحكم وأنَّ الحكم هو البراءة ، وحينما نقول استقلّ عقلك يعني حصل لك القطع بالبراءة أو الاشتغال.
إذن اتضح أنه بالإمكان تصوّر الحالات الثلاث في حقّ المراهق للاجتهاد أو ما قبله ودليل الحجية يمكن أن يشمل هذا لشخص الذي حصل له من قطع أو ظن أو شك.
فالصحيح هو أنَّ هذه الأقسام الثلاثة تعم غير المجتهد أيضاً وما ذكره الشيخ النائيني(قده) يندفع بما أشرنا إليه.