الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
38/11/23
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- الاطلاق ومقدمات الحكمة.
وهو(قده) قد ذكر هذه الدعوى - أعني أنَّ الاطلاق لازم ذاتي للماهيات وأسماء الأجناس موضوعة للماهيات التي لازمها الذاتي للإطلاق - ولم يذكر عليها دليلاً ، نعم هو قد نقض على الأعلام بعد سلطان العلماء الذين قالوا بأنَّ أسماء الأجناس موضوعة للماهية المهملة بثلاثة نقوض وهذه النقوض ربما يمكن جعلها أدلة له ولكنه لم يسقها مساق الأدلة بل ساقها مساق النقض على القوم ، وهي:-
الدليل الأوّل:- إنَّ كلمة كتاب مثلاً لا يمكن وضعها لماهية الكتاب المهملة التي لا يلحظ فيها الاطلاق ولا التقييد فإنَّ الوضع حكمٌ والحكم لا يمكن أن يتعلّق بالمهمل ، فحينئذٍ هذا شيء غير ممكن.
الدليل الثاني:- إنه يلزم عدم إمكان شمول أسماء الأجناس لجميع الأفراد ، فمثلاً قوله تعالى ﴿ أحلّ الله البيع ﴾[1] فكلمة البيع اسم جنس هو شامل لكل البيع وعلى رأيكم أيها الأعلام يلزم أن يكون هذا غير ممكن لأننا قرأنا في المنطق المهملة في قوة الجزئية فكيف يثبت الحكم لجميع أفراد البيع والحال أنَّ كلمة البيع هي مهملة في قوة الجزئية ، فيحصل تناقض بين كون كلمة البيع في قوّة الجزئية وبين شمولها لجميع الأفراد.
الوجه الثالث:- إذا لم يكن اسم الجنس دالاً على الاطلاق بنحو اللازم الذاتي فلا يمكن اثبات الاطلاق أبداً ، لأنَّ الاطلاق إنما يثبته الأعلام بعد زمان سلطان العلماء يثبتونه عند عدم التقييد فإذا لم يذكر القيد يقولون إذن هو مطلق ، فكلمة بيع في قوله تعالى ﴿ أحلّ الله البيع ﴾ حيث إنها ليست مقيدة فهي مطلقة ، ونحن نقول: إذا فرض أنّ كلمة بيع لم يكن لازمها الذاتي هو الاطلاق فثبوت الاطلاق ليس بأرجح من ثبوت التقييد بل كلاهما يصير محتملاً مادمنا قد قلنا إن الاطلاق ليس لازماً ذاتياً في كلمة بيع ، إنه إذا لم يكن لازماً ذاتياً فعند عدم ذكر البيع - يعني حينما يقال ﴿ أحلّ الله البيع ﴾ - هنا اثبات الاطلاق ودعوى الاطلاق ليس بأولى من دعوى ارادة المقيّد ، ولا مرجّح للإطلاق على ارادة المقيّد ، إذ المفروض أنه ليس لازماً ذاتياً حتى يكون الرجحان له ، بل كلٍّ من الاحتمالين وجيه ، فلا مثبت للإطلاق في مقابل التقييد.