الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

38/08/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- استصحاب العدم الأزلي.

بيانان آخران لعدم حجية استصحاب العدم الأزلي:-

البيان الأوّل:- ما ذكره الشيخ عبد الكريم الحائري(قده)[1] وهكذا السيد البروجردي(قده)[2] وهكذا السيد الخميني(قده)[3] وحاصله: إنَّ استصحاب العدم الأزلي لا يجري والوجه في ذلك أن عدم القرشيّة الذي يراد اثباته هو عدم القرشيّة لهذي المرأة والهذيَّة فرع الوجود والاشارة فصار المطلوب اثباته هو عدم القرشيّة للمرأة الموجودة ، وهذا بخلاف العدم السابق فإنه عدم القرشيّة لذات المرأة وليس للمرأة الموجودة وأحدهما غير الآخر فلا يمكن باستصحاب ذاك لإثبات هذا.

وفيه:- إنَّ العدم واحدٌ غايته المقارنات مختلفة واختلاف المقارنات لا توجب اختلاف العدم ، فالمقارن لعدم القرشيّة قبلاً هو ذات المرأة والمقارن له الآن هو المرأة الموجودة ولا يختلف العدم باختلاف مقارناته وهذا ينبغي أن يكون واضحاً ، اللهم إلا أن يقصدوا أنَّ العدم الذي يراد اثباته هو عدم القرشيّة بنحوٍ يكون صفة للمرأة وقد اتصفت به ولوحظت المرأة متّصفة بالعدم ، فإذا كانوا يقصدون هذا فهذا عين ما أفاده الشيخ النائيني(قده) من كون العدم الذي هو محل الأثر هو العدم النعتي وهذا رجوع إلى كلام الشيخ النائيني(قده) وليس كلاماً جديداً.

البيان الثاني:- ما أفاده السيد البجنوردي(قده)[4] ، ولعل ما ذكره ليس بياناً وإثباتاً لعدم جريان استصحاب العدم الأزلي بل هو اشكال على بيان الشيخ النائيني(قده) لا أكثر ، وحاصله: إنَّ استصحاب العدم الأزلي لا يجري على ما ذكر الشيخ النائيني(قده) لثلاث مقدمات المقدمة الأولى إنه بعد مجيء المخصّص سوف يتضيّق موضوع العام ولا يبقى الموضوع هو المرأة بل الموضوع هو المرأة مع إضافة وهي عدم القرشية مثلاً ، والمقدمة الثانية إنَّ هذا العدم يلزم أن يكون مأخوذاً بنحو النعتية لا بنحو المحمولية لكلامٍ ذكره ، والمقدّمة الثالثة إنَّ استصحاب العدم المحمولي لإثبات العدم النعتي أصل مثبت ، والسيد البجنوردي(قده) يقول: إنَّ المقدمة الأولى تكيفنا بلا حاجة إلى مقدّمة ثانية ، يعني أنَّ المقدمة الأولي هي تثبت لنا أنَّ العدم عدمٌ نعتي بلا حاجة إلى ضمّ المقدّمة الثانية والحال نحن قلنا إنَّ الأساس هو المقدّمة الثانية ولكنه يقول إنَّ المقدّمة الأولى تتضمن المقدّمة الثانية ببيان أنه إذا فرض أنَّ المرأة لوحظ معها عدم الاتصاف وصار الموضوع مقيداً فبالتالي صار عدم القرشية وصفاً لها فصار نعتياً ، فلا نحتاج إذن إلى المقدّمة الثانية.

فإذن هذا ليس بياناً مستقلاً لعدم جريان استصحاب العدم الأزلي وإنما هو بيان أخصر لأنه سوف يصير موضوع الحكم بمقدّمة واحدة وهو العدم النعتي وحيث إنَّ العدم السابق الأولي هو محمولي فيصير المورد من الأصل المثبت فإنَّ استصحاب العدم المحمولي لإثبات العدم النعتي هو أصل مثبت فلا يجري الاستصحاب ، فهذا البيان هو اصلاح لبيان الشيخ النائيني(قده) ، فهو يريد أن يقول له لا تذكر مقدّمات ثلاث بل اذكر مقدمتان فاجعل الأولى والثانية مقدمة واحدة فيقال إن موضوع العام بعد ورود المخصّص إذا تضيّق وصار هو المرأة زائداً عدم الاتصاف فجزماً صار المعتبر في الموضوع هو المرأة المتصفة بعدم القرشيّة بلا حاجة إلى التطويل الذي ذكره الشيخ النائيني(قده) في المقدّمة الثانية فإن المقدّمة الأولى تستبطن المقدّمة الثانية.

وفيه:- إنَّ النظر إذا كان إلى عالم التكوين فالحق مع السيد البجنوردي(قده) ، فإنَّ عدم الاتّصاف بالقرشيّة إذا كان ثابتاً إلى جنب المرأة فهي إذن متّصفة بالعدم شئت أم أبيت فإنه ليست هناك اثنينية بل توجد وحدانية ، فأنا الآن إلى جنبي يوجد عدم الانتساب إلى هاشم فيوجد إلى جنبي عدم الاتصاف ، فإذا كان عدم الاتصاف موجود إلى جنبي فحتماً أنا متّصفٌ بعدم الانتساب إلى هاشم شئت أم أبيت ولا كلام في ذلك ، فإذا كان النظر في عالم التكوين فالأمر كما ذكرت ، ولكن المولى في عالم التشريع يمكن أن ينظر إلى العدم بما هو محمولي من دون أن يرجع إلى العدم النعتي فمرّة يلحظ المرأة زائداً عدم الاتصاف ومرّة يلحظ المرأة زائداً اتصافها بعدم القرشيّة فإنَّ كلاهما ممكن ، فأخذ عدم الاتصاف القرشيّة إلى جنب المرأة لا يلزم من ذلك أخذ الاتّصاف بالعدم وإنما هذا يصحّ بلحاظ عالم الخارج فإنه لا يوجد تعدّد بين عدم الاتصاف بالقرشيّة والاتصاف بالعدم أما بلحاظ عالم التشريع يمكن أن يلحظ العدم مرّة بهذا الشكل ومرّة بذاك الشكل.

هذه مجموعة بيانات وكلام للأعلام في استصحاب العدم الأزلي.


[1] درر الفوائد، الشيخ عبد الكريم الحائري، ج1، ص217.
[2] نهاية الأصول، البروجردي، ص302.
[3] تهذيب الأصول، السيد الخميني، ج3، ص32.
[4] منتهى الأصول، السيد البجنوردي، ج1، ص452.