الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
38/08/20
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- استصحاب العدم الأزلي.
رأي الشيخ العراقي(قده):- اختلفت كلمات الشيخ العراقي(قده) ، ففي بعضها والتي أشرنا إليها سابقاً ذهب إلى أنه لا يجري ، وفي بعضها الآخر ذهب إلى التفصيل في المسألة.
أما رأيه الأوّل[1] فحاصله:- إنَّ المخصِّص لا يعنون العام بعنوان آخر بل يبقى موضوع العام كما هو سابقاً والمخصِّص الذي أخرج بعض الأفراد هو بمثابة موت تلك الأفراد ، وكما أنَّ موت أفراد الخاص بأجمعهم لا يوجب تخصيصاً وتغيّراً في موضوع العام كذلك التخصيص - ونحن ناقشناه فيما سبق- وبناءً على هذا لا يجري استصحاب العدم الأزلي ، لأنَّ موضوع العام في مثال المرأة بعد التخصيص هو المرأة من دون تضيّق ومن دون تقيّد فإنه لا يوجد شكٌّ حتى يجري استصحاب العدم الأزلي لأنَّ المرأة هي امرأة بالوجدان وأما الخاص فموضوعه هو ( القرشيّة تتحيّض إلى ستين ) فجريان استصحاب العدم الأزلي ممكن وننفي بذلك أنها قرشيّة ، ولكن الوظيفة المطلوبة من استصحاب العدم الأزلي هي تنقيح موضوع العام لا نفي حكم الخاص ، فهذه ليست هي الوظيفة المرجوّة من استصحاب العدم الأزلي وهنا فقط أنت نفيت حكم الخاص وهذه ليست هي الوظيفة المرجوّة.
اللهم إلا أن تقول:- إذا نفينا حكم الخاص باستصحاب العدم الأزلي يعني نفينا أنها قرشيّة تتحيّض إلى ستين فجزماً ثبت أنها تتحيّض إلى خمسين لأنها ليست قرشيّة ولكن هذا أصل مثبت وهو لا يجري.
إذن النتيجة عند الشيخ العراقي(قده) كما نقلنا سابقاً أنه لا يجري استصحاب العدم الأزلي في موضوع العام لأنَّ موضوع العام لم يتغير وهو المرأة فهو جزمي ، وأما في موضوع الخاص فهو يجري ولكن ليست هي الوظيفة المرجوّة منه فإنَّ الوظيفة المرجوّة من استصحاب العدم الأزلي هي اثبات موضوع العام لا نفي موضوع الخاص وحكمه.
وإذا قلت:- إنه عندما ننفي حكم الخاص فقد ثبت حكم العام.
أجبنا:- بأنَّ هذا مبنيّ على الأصل المثبت.
ويوجد عنده رأي آخر ذكره في نهاية الأفكار أيضاً في باب الاستصحاب[2] بعد أن أدخل الفلسفة في علم الأصول حيث أدخل المعقول في المنقول[3] :- وحاصل ما ذكره:- هو التفصيل حيث قال ، إنَّ المولى في عالم الجعل تارةً يأخذ وصف القرشيّة في طول المرأة الموجودة ، يعني يقول في عالم الجعل ( المرأة الموجودة إذا كانت قرشية أو لو فرض أنها قرشية ) فلوحظ وصف القرشيّة بعد فرض أنها موجودة فهذا يقال عنه بأنَّ وصف القرشيّة اخذ في طول المرأة الموجودة ، وأخرى يؤخذ في رتبتها ومعها و ي عرضها فيقول ( المرأة القرشيّة أو إذا كانت قرشيّة تتحيض إلى ستين ) فيأخذ وصف القرشيّة في رتبة ذات المرأة لا في طول المرأة الموجودة بل في مرتبة وعرض ذات المرأة.
أما إذا أخذت بالنحو الأوّل:- فسوف يكون النقيض أيضاً متأخراً عن المرأة الموجودة وعلى هذا الأساس لا يمكن أن نجري استصحاب العدم الأزلي ، لأنَّ ذاك العدم الأزلي للقرشيّة هو قبل وجود المرأة فرتبته تكون أسبق فلا يكون نقيضاً لوصف القرشيّة لأنَّ وصف القرشية أخذ في طول المرأة الموجودة والنقيض لا يكون نقيضاً إلا إذا كان في رتبة نقيضه وهنا عدم القرشيّة لوحظ قبل وجود المرأة فلا يكون نقيضاً لوصف القرشيّة لأنَّ هذا العدم الأزلي رتبته أسبق من المرأة الموجودة والنقيض يلزم اتحاده في الرتبة مع نقيضه والمفروض أنَّ وصف القرشيّة أخذ متأخراً عن المرأة الموجودة فما استصحبناه - وهو عدم القرشية الأزلي - ليس نقيضاً لوصف القرشيّة لأنه لا يتّحد في الرتبة مع وصف القرشيّة ، فهنا لا يجري استصحاب العدم الأزلي.
وأما إذا أخذ بالنحو الثاني:- فهنا لا بأس باستصحاب عدم القرشيّة ، لأنَّ عدم القرشيّة ليست رتبته متقدّمة على وصف القرشيّة لأنه في رتبة ذات المرأة والمفروض أنَّ وصف القرشيّة أخذ في رتبة ذات المرأة أيضاً لا في طول وجودها فيصدق عنوان النقيض على ذلك العدم الأزلي فيجري.