الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
38/08/06
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- استصحاب العدم الأزلي.
وقد يقول قائل:- إنَّ ما ذكرناه تام في الاطلاق فنقول الاطلاق عبارة عن رفض القيود فحينما أقول ( جئني بماء ) أصب الحكم على الطبيعة أنظر إلى شيءٍ أزيد من الطبيعة أما في العام فرب مقالة الشيخ الخراساني(قده) تتم فإنَّ العام يمكن أن يقال هو الجمع بين القيود.
والجواب:- إنه حتى العام ليس فيه جمع بين القيود فحينما يقال ( كل امرأة تحيض إلى خمسين ) ليس المقصود كل امرأة عربية كانت أو غير عربية طويلة أو قصيرة ومن هذه العشيرة أو من تلك العشيرة .... الخ فلا ابقى أنظر إلى هذه العناوين ، بل كل امرأة يعني يصدق عليها طبيعة المرأة فالقيود لا ألاحظها ، فكما لا ألاحظها في باب الاطلاق لا ألاحظها في باب العموم ، فمن هذه الناحية لا فرق بين العموم والاطلاق والوجدان قاضٍ بذلك.
وبعد ذلك وجّهنا كلام الشيخ الخراساني(قده) وقلنا لعل مقصوده هو أنَّ الحكم منصبٌّ على الطبيعة ولكن قوله ( كل العناوين باقية تحت العام ) هو سبق لساني أو ليس مقصوداً بل مقصوده أنَّ الحكم منصبٌ على الطبيعة ولم يخرج إلا من أخرجه المخصص ، فإذا كان مقصوده هو هذا فله وجاهة.
لكن قلنا دعنا نتعرّض إلى دليل الشيخ النائيني(قده) الذي هو يمثل اتجاه عدم جريان استصحاب العدم الأزلي ، وتوجد عدّة أدلة قد تذكر في هذا المجال أهمها دليل الشيخ النائيني(قده) الذي ذكره في أجود التقريرات[1] حيث قال لا يجري استصحاب العدم الأزلي لمقدماتٍ ثلاث:-
الأولى:- إنَّ العام حينما يطرأ عليه المخصّص سوف لا يبقى موضوع الحكم العام على حاله بل سوف يتقيد فالموضوع هو المرأة ولكن مع قيد وهو عدم القرشية ولا يمكن أن يبقى على عمومه وهذا من الواضحات.
الثانية:- بعد أن عرفنا أنَّ موضوع العام لا يبقى على عمومه بل يتغير ويصير هو المرأة ولكن مع قيد عدم القرشية ، والسؤال هذا القيد كيف يؤخذ فهل يؤخذ بنحو العدم النعتي أو يؤخذ بنحو العدم المحمولي ؟ والصحيح هو أنَّ موضوع العام يصير مقيداً بالعدم النعتي فإنه كلما كان الموضوع مركّباً من جوهر وعرضه فيكون الوجود النعتي هو المأخوذ والمعتبر في الموضوع وإذا كان الموضوع هو المركب من جوهر وعدم عَرَضِه - ومحل كلامنا هو هذا فإن الموضوع مركّب من جوهر وهو المرأة وعدم عَرَضِه يعني عدم القرشية - يكون مأخوذاً بنحو العدم النعتي.
الثالثة:- وإذا صار موضوع حكم العام هو المرأة المتصفة بعدم القرشية - أي المتصفة بالعدم النعتي - فاستصحاب العدم الأولي لا يجري لأنَّ الثابت سابقاً في الأزل عدمٌ محمولي وليس عدماً نعتياً فإنَّ العدم النعتي فرع وجود الموضوع والمفروض لا موضوع فالعدم السابق محمولي فإنَّ العدم الأزلي دائماً وأبداً هو عدم محمولي لأنه لا يوجد موضوع حتى يتّصف بالعدم ، فالعدم السابق أزلي واستصحاب العدم الأولي لإثبات العدم النعتي أصلٌ مثبت.