الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

38/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- المخصص المجمل مفهوماً أو مصداقاً – مبحث العام والخاص.

وفيه:-

أوّلاً:- هو نفسه(قده) اعترف بأنه لو كان المخصص متصلاً فلا يجوز حينئذٍ التمسك بالعموم ، كما لو قال الدليل الأوّل ( اغسل ثوبك من البول في الحيوان الذي لا يؤكل لحمه ) فهنا لا ينعقد ظهور في أنه أحرز حال البوال وأنَّ كل البول من حيوان لا يؤكل لحمه شرعاً هو نجس بل ، أوكل القضية لك ، فأنت أيها المكلّف عليك أن تثبت ذلك من الخارج ، لأنه هو الذي ذكر القيد فمن ناحيته لا يظهر أنه هو قد تصدّى للإحراز بل أوكل القضية للناس ، لأنه قيّد وقال ( اغسل ثوبك من البول إذا كان مما لا يؤكل لحمه ) أما أيّ حيوانٍ يؤكل لحمه وأيّ حيوان لا يؤكل لحمه ؟ فهذا لم يحرزه هو .

واعترفَ أيضاً:- بأنه إذا كان المقيِّد منفصلاً فهذا المنفصِل بالتالي يقيّد الجعل أيضاًً ، فصار الدليل الأوّل - الجعل الأوّل - مقيَّداً واقعاً ، فالمخصّص وإن كان منفصلاًً لكن بالتالي المنفصل من هذه الناحية في حكم المتصل ، فصار الجعل الأوّل مقيَّداً ، يعني ( اغسل ثوبك من الأبوال في الحيوان الذي لا يؤكل لحمه ).

إذن ما ذكره السيد الشهيد(قده) سوف لا ننتفع منه في المقيِّد المتصل ولا في المقيِّد المنفصل ، إنما ننتفع منه - وهذا ما ذكره هو(قده) - في حالة ما إذا فرض أنَّ الدليل الثاني لم يكن بصيغة المقيِّد وإنما النسبة بينه وبين الأوّل هي العموم من وجه وقُدِّم من باب الأظهرية مثلاً فهنا تظهر ثمرة هذا التفصيل.

ونحن هنا نقول:- إذا قُدِّم هذا ولو من باب الأظهرية فبالتالي سوف يتقيَّد الجعل الأوّل غايته أنَّ المقيِّد ليس بلسان المقيِّد المتصل أو بلسان لمقيِّد المنفصل لكن بالتالي حينما قدّمناه هل بقي الجعل الأوّل في الدليل الأوّل مطلقاً أو أنه تقيَّد ؟ لابد أن تقول قد تقيد ، فإذا تقيَّد صار حاله حال المقيِّد المتصل ، فكما أنه لا ظهور آنذاك في أنَّ المولى أحرز حال الأفراد فهنا أيضاًً نقول ذلك ، فلا يبقى مجال لهذا التفصيل الذي ذكر(قده) بعدما كان حكم هذا - يعني حالة العموم من وجه التي يقدَّم فيها الدليل الثاني للأظهرية - حال المقيِّد المتصل والمنفصل في أنه يزيل ظهور الدليل في أنَّ المولى أحرز حال الأفراد ، بل سوف يصير الكل لا فرق بينها من هذه الناحية.

ثانياً:- إنه قال إنه يشترط في هذا التفصيل أن يكون الدليل الأوّل ثابتاً بنحو العموم لا بنحو الاطلاق ، لأنَّ العموم ناظر إلى الأفراد فنتمكن أن نقول إنَّ المولى أحرز حال الأفراد ، بخلاف الاطلاق فإنه ناظر إلى الطبيعة دون الأفراد .

ونحن نقول:- إنه لا فرق من هذه الناحية ، والوجه في ذلك: هو أنَّ مقدّمات الحكمة حينما تجري تصير نتيجتها بمثابة قول المولى ، وكأن المولى يتكلّم ويقول ( أيها الناس إنَّ الحكم ثابت للطبيعة من دون خصوصية للأفراد ) ، فإذا كان يُصرِّح هكذا فسوف يصير بمثابة العموم ولا فرق من هذه الناحية ، فإذا كان العموم فيه ظهوراً في أنه أحرز حال الأفراد فالإطلاق أيضاً يصير فيه ظهور في أنه لا توجد خصوصية للأفراد بل الحكم ثابت للطبيعة السارية في كلّ أفرادها وبالتالي لا يوجد امتياز لفردٍ على فرد ، فهذا يصير بمثابة التعميم العام ولا فرق بينهما ، كما لو صرّح وقال ( الحكم ثابت لطبيعةٍ من دون مدخلية أي خصوصية ) ، فإذا صرَّح وقال هكذا فحينئذٍ سوف ينعقد ظهور في أنه عنده هذه الطبيعة في أيّ فردٍ سرت - يعني أحرز ذلك - فهذا الحكم ثابت ، فلا فرق حينئذٍ بين أن يكون ذلك الظهور ثابتاً في الدليل الأوّل بنحو العموم أو كان ثابتاً بنحو الاطلاق.