الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
38/06/16
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- العام والخاص.
يبقى تساؤل:- وهو أنَّ هذا العام بعد أن خصص هل هو مستعمل في العموم أو هو مستعمل في الدائرة الأضيق يعني في الباقي ؟ وكلاهما باطل ، أما الأول - يعني أنه مستعمل في العموم - فهذا تهافت وتناقض ، فكيف هو قد استعمل في العموم وقد أريد واقعاً الخصوص دون العموم لأنه قد أُخرِج قسم من العام فالعام ليس بمرادٍ فكيف يكون مستعملاً في العموم ؟!! ، وكذلك الثاني باطل - وهو أن يكون مستعملاً في الباقي - لأنه إذا كان مستعملاً في الباقي فهل هو مستعمل في مفهوم الباقي أو واقع الباقي ؟ وكلاهما باطل ، أما استعماله في مفهوم الباقي باطل لأنه يلزم مرادفة حينئذٍ بين العام وبين مفهوم الباقي ، لأنه سوف يصير مستعملاً في مفهوم الباقي وهذه المرادفة ليست موجودة جزماً ، فإذا قيل ( أكرم العالم ) ثم جاء المخصص وأخرج شريحة من العلماء مثلاً فحينئذٍ هذا العام لا يكون مستعملاً في الباقي ، وكذلك الاحتمال الآخر باطل - وهو أنه مستعمل في واقع الباقي - لأنَّ واقع الباقي ليس واحداً بل يختلف فمرّة الباقي يكون تسعين ومرّة يكون واقع الباقي ثمانين ومرّة يكون أقل ، فليس له حدّ معيّن ، فكيف يكون موضوعاً ومستعملاً في واقع الباقي ؟!!
وكلامنا في ما إذا كان المخصّص منفصلاً لا ما إذا كان متصلاً ، لأنه إذا كان متصلاً فمن الأوّل ينعقد ظهوره في تمام الباقي ، فالكلام كلّ الكلام إذا كان المخصص منفصلاً ، وأيضاً أسلّم لك أنّ السيرة منعقدة بتمام الباقي لكن هذه شبهة علمية وهي أنه هل العام بعد التخصيص مستعملٌ في العموم بعدُ ؟ إنَّ هذا لا يمكن الالتزام به فإنه كيف يكون مستعملاً في العموم والمراد الواقعي هو الخصوص وليس العموم فإنَّ هذا تناقض ، فهل هو مستعمل في العموم ؟ وهذا لا يمكن ، أو هو مستعمل في الباقي ؟ فأسأل هل المراد من الباقي مفهوم الباقي فيلزم أن تكون هناك مرادفة بين هذا العام بعد التخصيص وبين مفهوم الباقي وهذا مخالف للوجدان ، أو يكون مستعملاً في واقع الباقي وواقع الباقي ليس محدّداً فلا يمكن أن يكون موضوعاً لواقع الباقي بعد فرض أنَّ واقع الباقي مردّداً وغير منضبط ، هذه شبهة علمية.
وقد يجاب عنها بأجوبة:-
الجواب الأوّل:- ما ذكره الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية[1] والشيخ النائيني(قده) في أجود التقريرات[2] ، حيث أجاب العلمان بأنَّ الاستعمال هو حقيقي وليس مجازياً ، والوجه في ذلك:- هو أن َّكلمة ( كل ) التي هي من أدوات العموم موضوعة للعموم ولكن أي عموم ؟ إنه عموم ما يراد من المدخول ، فحينما أقول ( أكرم كل عالم ) فكلمة كل ليست موضوعة لاستيعاب كل ما يصلح أن تنطبق عليه كلمة ( عالم ) بل ما يراد فإذا كان المراد خصوص العدول مثلاً فكلمة ( كل ) تكون موضوعة لاستيعاب العدول فإذا استعملت في استيعاب ما يراد من المدخول كان استعمالها في العموم الذي وضعت له لأنها وضعت لاستيعاب ما يراد من المدخول وقد استعملت في ذلك من دون لزوم مجازية في فيها لأنها استعملت في معناها وهو استيعاب ما يراد من المدخول ، يبقى المدخول وهو لفظ ( عالم ) فإنه موضوع لطبيعة العالم وحينئذٍ لابد من تشخيص ما يراد من المدخول بواسطة قرينة الحكمة ، فإذا شخّصنا أنَّ المدخول لكلمة ( كل ) - يعني ( عالم ) - يكون المراد به العالم العادل فقد استعملت كلمة ( عادل ) في معناها ولو كان إذا التشخيص بواسطة القرينة المتفصلة فضلاً عن المتصلة فإن هذا يكفي ظ فلمة ( عالم ) تكون مستعملة حينئذٍ في الطبيعة غايته الطبيعة سوف يتضيق أفرادها لكن هي بعد مستعملة في الطبيعة لكن ذات الجائرة الأضيق ، فإنَّ الطبيعة تصدق على الدائرة الوسيعة وتصدق على الدائرة الضيقة فإذن لا مجازية لا في كلمة ( كل ) لأنها موضوعة لاستيعاب ما يراد من المدخول والمفروض أنها استعملت في ذلك ، ولا مجازية أيضاً بلحاظ المدخول لأنَّ المدخول هو لفظ ( عالم ) وهو موضوع للطبيعة وقد استعمل في الطبيعة غاية الأمر الطبيعة ذات الدائرة الأضيق بقرينة الحكمة واستعمالها في الدائرة الأضيق لا يعني أنه لم تستعمل في الطبيعة ، بل هي بعدُ مستعملة في الطبيعة لكن الطبيعة صادق على المساحة الأضيق ، فبالتالي المدخول هو مستعملٌ في الطبيعة ، فلا مجازية لا في كلمة ( كل ) حيث استعملت في معناها الحقيقي وهو استيعاب ما يراد من المدخول ، ولا في كلمة ( عالم ) يعني المدخول لأنه موضوعٌ للطبيعة وقد استعمل في الطبيعة غاية الأمر الطبيعة ذات الدائرة الضيّقة ، فلا مجازية إذن ولا إشكال من الأساس.