الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

38/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التنبيه الأوّل - تنبيهات - المفاهيم.

ومن خلال هذا يتضح أنَّ ما انتهينا إليه – يعني إنه حتى لو كان العموم في الجزاء استغراقياً على مستوى اللفظ والدليل والجعل لا يكون المفهوم موجبة كلّية بل يبقى موجبة جزئية مادام التعليق واحداً – يتطابق مع ما عليه المناطقة ، فإنهم قالوا إنَّ نقيض السالبة الكلّية موجبة جزئية وليس موجبة كلّية ، ولكن نحن صرنا إلى هذه النتيجة لا لأجل أنَّ المناطقة ذكروا أن نقيض السالبة الكلّية موجبة جزئية وليس موجبة كلّية ، وإنما أنا أتماشى مع الظواهر ، لأنَّ قضية الشرط قضية ظهور فأنا أتماشى مع الظهور ، فأنا أشعر بوجداني أنه حتى لو تعدد الجزاء وكان العموم فيه استغراقياً على مستوى اللفظ والدليل فمادام التعليق واحداً فأنا أشعر بوجداني أنَّ المفهوم موجبة جزئية وليست موجبة كلّية ، فأنا استندت إلى الوجدان وإلى الظهور وليس إلى ما ذكره علماء المنطلق ، فالمستند ليس هو علم المنطق وإنما المستند هو الوجدان والظهور فالتفت إلى هذه القضية.

ثم إنَّ السيد الروحاني(قده)[1] له كلام مع الشيخ النائيني والسيد الخوئي حيث قال:- إن الجزاء في مثال ( إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء ) ليس هو العموم الاستغراقي وليس هو العموم المجموعي خلافاً للشيخ النائيني حيث قال غن العموم استغراقي وخلافاً للسيد الخوئي حيث قال إن العموم مجموعي وغنما هو على مستوى اللب استغراقي واما على مستوى اللفظ فهو مجموعي ، فهو يقول أنا لا أوافقهما معاً فهنا اصلاً لا يوجد عموم استغراقي ولا عموم مجموعي وإنما القصود هو شيء آخر وهو بيان المرتبة العليا أو الفرد الأعلى نظير ان تقول ( هذا المحموم لا ينفعه دواء ) فإن المقصود هو أنه أي مرتبة من مراتب الدواء لا تنفع هذه الحمّى فالمقصود هو أن المرتبة العالية من الدواء لا تنفع وبالأولى المرتبة الدانية لا تنفع ن فالمقصود ليس العموم الاستغراقي وليس العموم المجموعي وغنما هي ناظرة إلى نفي المرتبة العالية يعني ان المرتبة العالية لا تنفع فضلاً عن المراتب الدانية فإذن سوف يصير مثال ( إذا بلغ الماء قدر كر لا ينجسه شيء ) العموم فيه ليس استغراقياً ولا مجموعياً فيكون خارجاً عن محل الكلام وذكره في محل الكلام اشتباه ولا يوجد مثال آخر لهذا التنبيه ألا هذا وحيث إن هذا المثال باطل لأن الجزاء ليس عموماً استغراقياً ولا مجموعياً فهذا البحث سوف يكون بلا فائدة.

وفيه:-

أوّلاً:- ماذا تقصد من أنه يريد أن يبيّن أنَّ المرتبة العالية لا تنفع ولا تجدي فهل المقصود أنَّ هذا الكلام ليس له مفهوم أبداً أو تسلّم أنَّ له مفهوم ؟ فإن قلت إنّه لا مفهوم له أبداً فهذا خلاف الوجدان فإنه حتى في مثال المحموم نستفيد من ذلك المفهوم ، لا أنه نستفيد المفهوم أي بهذه الحمّى أما في غير المحموم بهذه الحمّى أو غير المحموم وإنما كان ابتلاءه بشكلٍ ثانٍ ينفعه فنستفيد المفهوم ، لا أنه لا يوجد مفهوم فإنَّ هذا خلاف الوجدان ، وإذا قلت يوجد مفهوم فيأتي الكلام وهو أنَّ مفهومه ما هو فهل هو موجبة جزئية أو موجبة كلّية ؟ ولنترك مصطلح أنَّ العموم في الجزاء استغراقي كما قال النائيني(قده) أو مجموعي كما قال الخوئي(قده) فإنَّ هذا ليس مهم لي ، والمهم أنك هل تسلّم أنَّ له مفهوم أو لا مفهوم له ؟ فإن قلت لا مفهوم له فإنَّ هذا خلاف الوجدان ، وإذا قلت له مفهوم فنسأل ونقول: هل مفهومه موجبة كلّية أو موجبة جزئية ؟ ولابد وأن نختار أحدهما ولا نستطيع أن نقول لا هذا ولا ذاك ، فإذن سلّمنا أنَّ له مفهوم ، نعم إذا قلت لا مفهوم له فهذا خلاف الوجدان حتى لو كان ناظرا ًإلى نفي المرتبة العالية من الدواء.

ثانياً:- لو سلّمنا أنَّ هذا المثال باطل لكن ليس أصل البحث لا ثمرة له ، بل يوجد مثال ثانٍ وهو قضية المرأة وأنه هل يجب عليها أن تستر رجلها في الصلاة أو لا في الرواية المتقدّمة ؟ فإنَّ ذاك مثال جميل للبحث ، ولعلّ شخص يجد مثالاً آخر لبحثنا.


[1] منتقى الأصول، السيد عبد الصاحب الحكيم، ج3، ص244.