الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
38/04/05
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: التنبيه السابع (الاضطرار بسوء الاختيار، ولا بسوء الاختيار )- تنبيهات مسألة اجتماع الأمر والنهي.
البيان الثاني:- وهو ما ذكره الشيخ الأصفهاني(قده)[1] وحاصله:- إنَّ الخروج مع البقاء في الغصب ضدّان وقد قرأنا في مسألة الضدّ أنَّ وجود أحد الضدّين لا يكون مقدّمة لعدم الضدّ الآخر ، وبناءً على هذا لا يمكن أن يكون الخروج مقدّمة لعدم البقاء ، فأنت تريده مقدّمة لعدم البقاء في الغصب - وللتخلّص من البقاء - وحيث إنَّ الخروج مع البقاء ضدّان وهما متضادّان فلا يمكن أن يكون الخروج مقدّمة لعدم البقاء.
ويردّه:-
أوّلاً:- صحيحٌ أنَّ الخروج ضدّ للبقاء ولكن أيّ بقاء ؟ إنه البقاء في فترة الخروج ، فلو فرضنا أنَّ الخروج يقع في الدقيقة الأولى فضدّه هو البقاء في الدقيقة الأولى وليس الضدّ هو البقاء في الدقيقة الثاني والثالثة ما بعدهما.
إذن الخروج صحيح هو ضدّ البقاء لكن إذا كان الخروج في الدقيقة الأولى فهو ضدّ للبقاء في الدقيقة الأولى ، وحينئذٍ نقول:- نحن ندّعي أنَّ الخروج مقدّمة لعدم البقاء ولكن أيّ عدم بقاء ؟ إنه عدم البقاء في الدقيقة الثانية ، فبخروجي ليس المقصود أني لا أبقى في الدقيقة الأولى وإنما المقصود هو أني سوف لا أبقى في الدقيقة الثانية والثالثة والمفروض أنَّ الضدّية هي بين الخروج في الدقيقة الأولى والبقاء في الدقيقة الأولى وليس هناك ضدّية بين الخروج في الدقيقة الأولى والبقاء في الدقيقة الثانية والثالثة وهكذا ، فهذه المناقشة لا تنفعنا.
ثانياً:- إنَّ الشيخ الأصفهاني(قده) استعان بمصطلح عدم البقاء وجعل الخروج مقدّمة لعدم البقاء وبالتالي أورد إشكاله من أنَّ البقاء ضدّ للخروج ولا يكون وجود الضدّ مقدّمة لعدم ضدّه ، ونحن نقول:- دع هذا المصطلح جانباً ، فنحن لا نريد أن نجعل الخروج مقدّمة لعدم البقاء وإنما نريد أن نجعله مقدّمة لترك الغصب فإنَّ المفروض هو هكذا ، نعم ترك الغصب يتّحد مصداقاً مع ترك البقاء لكن الواجب هو ليس ترك البقاء ، ولا نريد أن نجعل الخروج مقدّمة لعدم البقاء وإنما الواجب حسب الفرض هو عدم الغصب والخروج نريد أن نجعله مقدّمة لترك الغصب ، فليس بين الخروج والغصب ضدّية حتى تقول لا يكون أحدهما مقدّمة لعدم الآخر - من باب أنَّ الضدّ لا يكون مقدّمة لعدم الضدّ الآخر - .
إذن اقحام مصطلح عدم البقاء في غير محلّه.
والخلاصة من كل هذا:- إنه قد يناقش على نفي مقدمية الخروج لترك الغصب بالبيانين المذكورين واتضح التأمل في كلا البيانين ، ونتيجة هذا سوف تصير أنه لا محذور في أن يكون الخروج مقدّمة لترك الغصب فمقتضي الوجوب الغيري بالتالي يكون ثابتاً فيه لولا أنه تواجهنا مشكلة واحدة قد أشرنا إليها سابقاً وهي أنَّ ترك الغصب ليس من الواجبات في الاسلام إنما الغصب حرام أما ترك الغصب فليس بواجب ، فالمشكلة نواجهها من هذه الناحية ، يعني بعبارة أخرى المشكلة ليست عقلية كما حاول البيانان بيانها وإنما المشكلة من ناحية أنَّ ترك الغصب ليس من الواجبات وإنما الغصب حرام لا أنه تركه واجب إضافةً إلى حرمة الغصب.
أجل يمكن أن يقال:- إنَّ ترك الغصب وإن لم يكن واجباً في الاسلام إلا أنه واجب عقلاً لا شرعاً.
فإذا التزمنا بهذا فيصير حينئذ الخروج مقدّمة للواجب العقل دون الواجب الشرعي ، فإذن فيه ملاك لوجوب الغيري ولكن بهذا المعني أي أنه مقدّمة للواجب العقلي دون الواجب الشرعي.
فإذا أريد هذا فهو شيءٌ وجيه ، وأما إذا قصد أنه مقدّمة للواجب الشرعي فقد اتضح أنَّ ترك الغصب ليس من الواجبات الشرعية.
هذا كلّه بالنسبة إلى مقتضي الوجوب الغيري وقد اتضح أنه ثابت.