الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

37/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الواجب المعلق والواجب المنجّز- تقسيمات الواجب - مقدمة الواجب.

الاشكال الرابع:- إنّ الوجوب[1] - أي وجوب الصوم مثلاً الذي يجعل من حين رؤية الهلال - هو حكم مجعول بداعي التحريك - أي أنّ الهدف منه تحريك المكلف - وإمكان التحريك فرع إمكان التحرّك ، وحيث لا يمكن التحرّك نحو الصوم من حين رؤية الهلال - يعني قبل طلوع الفجر - فلا يمكن جعل التحريك آنذاك ، وبالتالي لا يمكن جعل الوجوب.

وفي المقام حيث إنّ تحرّك المكلف نحو الصوم من حين رؤية الهلال وقبل طلوع الفجر شيء غير ممكن فتحريك المولى للعبد نحو الصوم من حين رؤية الهلال يصير ليس ممكناً أيضاً ، وإذا لم يمكن تحريكه نحو الصوم من حين رؤية الهلال فهذا معناه أنه لا يمكن جعل الوجوب من حين رؤية الهلال.

وفيه:-

أوّلاً:- نحن نسلّم إمكان أنّ الوجوب حكم مجعول بداعي التحريك ، ولكن نسأل هل هو مجعولٌ بداعي التحريك بشرط أن يمكن التحرّك في جميع فترة جعل الوجوب أو يكفي إمكان التحرك ولو في بعضها ؟

والصحيح أنه يكفي إمكان التحرّك في بعضها ولا يلزم أن يكون ثابتاً طيلة الفترة ، وفي مقامنا يمكن للمكلف أن يتحرك في بعض الفترة - أي يتحرك عند طلوع الفجر وإن لم يمكن أن يتحرك من حين رؤية الهلال - فيكفي إمكان التحرّك في بعض الفترة ولا يلزم إمكان التحرّك في جميع فترة التحريك.

إن قلت:- إنه يلزم محذور اللغوية ، فإنّ جعل التحريك من البداية - أي من حين رؤية الهلال - وإن كان شيئاً ممكناً حيث يمكن التحرّك ولو في بعض الفترة ولكن جعل التحريك قبل زمان الواجب يكون لغواً حيث لا يمكن تحرّك المكلف ؟!

قلت:- هذا محذورٌ آخر ، ونحن ناظرون في هذا الاشكال إلى محذور الإمكان وعدم الإمكان ، يعني كان يقال إنّ إمكان التحريك فرع إمكان التحرّك وحيث لا يمكن التحرّك من زمان الوجوب - يعني من زمان رؤية الهلال - فلا يمكن التحريك من زمانه ، ونحن اكتفينا بإمكان التحريك بإمكان التحرّك ولو في بعض الفترة ، فالقضيّة كانت قضية إمكان واستحالة.

وأما قضية اللغوية فهي محذور آخر قد ذكرناه سابقاً وذكرنا الاجابة عليه حيث قلنا إنّ محذور اللغوية مندفعٌ فإنّ جعل الوجوب قبل زمان الواجب له بعض الفوائد من قبيل أن يهيئ المكلف نفسه وذلك بأن يقوم بإعداد المقدّمات وما شاكل ذلك ، فمحذور اللغوية شيءٌ ، ومحذور عدم الإمكان شيء آخر ، ومحذور اللغوية قد تقدّم في الإشكال السابق وقد دفعناه.

الثاني:- أن يقال:- إنّ تحرّك المكلّف من حين رؤية الهلال شيءٌ ممكنٌ لا أن تحريكه يتوقّف على طلوع الفجر ، بل التحريك نحو الواجب يمكن حتى من حين رؤية الهلال ، وكيف ذلك ؟

نقول:- إنَّ التحرك نحو الواجب له مصداقان ، مصداق أن أتحرّك إلى نفس الوجب - أي إلى نفس الصوم - ، ومصداق أن أتحرّك نحو المقدّمات ، فإنّ من تحرك إلى المقدمات فقد تحرك نحو الواجب ، فهو تحرك نحو الواجب بشكلٍ من الاشكال ، فتهيئة بطاقة الطائرة وجواز السفر هو تحرّك نحو الوجب.

فإذن يمكن التحرّك نحو الواجب قبل زمان الواجب وذلك بأن يتحرك نحو المقدّمات ، وهكذا بالنسبة إلى الصوم ن فنشتغل من حين رؤية الهلال بتهيئة المقدّمات كتهيئة السحور لأجل الصوم ما شاكل ذلك.

إذن التحرّك نحو الواجب ممكنٌ قبل زمان الواجب أيضاً فإنّ التحرك نحو مقدّمات الواجب هو تحرّكٌ نحو الواجب أيضاً.


[1] ونحن أخذنا الوجوب كمثال وإلا فهذا يأتي أيضاً في الحرمة والكراهة.