الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

37/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:-الشرط المتأخر للمأمور به ( أي الواجب ) - مقدّمة الواجب.
الصياغة الثانية:- إنّ الأمر الغيري توصلّي ومادام توصلّياً فمن أين تنشأ عبادية الطهارات الثلاث بعد الالتفات إلى أنّ الأمر المتعلّق بها هو أمرٌ غيري، إنها لا يمكن أن تنشأ من نفس الأمر الغيري لكونه توصلّياً ؟
والجواب قد اتضح من خلال ما سبق:- حيث يمكن أن نقول إنّ عبادية الطهارات الثلاث لم تنشأ من الأمر الغيري حتى يقال بأنّ الأمر الغيري هو توصلّي، وإنما نشأت من جهة أن المطلوب بذلك الأمر الغيري هو الطهارات الثلاث بإضافة قصد التقرّب، فالعبادية نشأت من كون متعلّق الأمر الغيري هو الطهارات بإضافة قصد القربة ولم تنشأ من نفس الأمر اليغيري، فلا مشكلة حينئذٍ، والمفرض أن المكلّف يمكن أن يأتي بالطهارات الثلاث بقصد العباديّة والقربة باعتبار أنّ الله عزّ وجلّ مادام يريد الطهارات ولو بالأمر الغيري فبالتالي يمكن أن يقصد المكلف القربة فيأتي بالطهارات الثلاث امتثالاً لأمره تعالى، فتحصل العباديّة، فتكون متعلّقة للأمر الغيري ولا محذور في ذلك.
الصياغة الثالثة:- هي أنّ المقدّمة للصلاة في باب الطهارات ليس هو ذات الغسلات والمسحات، وإنما المقدّمة هي الغسلات والمسحات القربيّة، وإذا قبلنا بهذا فيلزم من ذلك الدور لأنّ تعلّق الأمر الغيري بالطهارات الثلاث فرع أن تكون قربيّة لأنّ المقدّمة هي الطهارات القربيّة لا ذات الطهارات كغسلاتٍ ومسحاتٍ، فالأمر الغيري فرع أن تكون الطهارات عبادة، وكونها عبادة فرع تعلّق الأمر الغيري، فلزم من ذلك الدور ؟
وجوابه قد اتضح أيضاً من خلال ما سبق حيث يقال:- نحن نسلّم المقدّمة الأولى - يعني أن الأمر الغيري متعلّق بالطهارات الثلاث القربية - ولكن ننكر المقدّمة الثانية - وهي أن نقول أنّ قربية الطهارات الثلاث فرع تعلّق الأمر الغيري بها - فإنّ قربية الطهارات الثلاث لا تتوقّف على تعلّق الأمر الغيري بها، بل يكفي أن تكون هي صالحة في حدّ ذاتها للتقرّب بها، بمعنى أنّ المكلّف يقول هكذا:- ( أأتي بالطهارات الثلاث لأنها محبوبة ومرادة لله عزّ وجلّ )، وكلّ شيءٍ مراد ومحبوب للمولى فهو يمكن التقرّب به، فصلاحية التقرّب موجودةٌ فيها، وهذه الصلاحية ليست متوقّفة على تعلّق الأمر الغيري الفعلي بها الآن، فإنه حتى لو افترضنا أنّه لم يتعلّق الأمر الغيري بها بالفعل لكنها صالحة لأنّ يتقرّب بها، وقلنا كلّ شيء من الأشياء مادام محبوباً ومراداً للمولى فالكلّف يمكن أن يتقرّب به، وهذا المعنى موجودٌ في الطهارات الثلاث، فالصلاحية موجودةٌ ولا تتوقّف على الأمر الغيري  فإذا قصدت بها التقرّب من باب أنها مرادة ومحبوبة للمولى كانت مصداقاً لمتعلّق الأمر الغيري ولامشكلة ولا دور في البين، إنما يلزم الدور فيما لو فرض أنّ صلاحيتها متوقّفة على تعلّق الأمر الغيري بها بالفعل والحال أنّ الصلاحية ليست فرع تعلّق الأمر الغيري، بل هي فرع أن يكون الشيء محبوباً للمولى والمحبوبية موجودة، ومادامت محبوبة ومرادة للمولى وإن لم يكن هناك أمرٌ غيري بها فهذا يكفي للإتيان بها بقصد القربة، فيرتفع آنذاك محذور الدور.