الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

37/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حكم ارتفاع العذر بعد انتهاء الوقت - أي حكم القضاء - مبحث الإجـــزاء.

وفيه:-

أما بالنسبة إلى ما ذكره في الأحكام الوضعيّة:- فنحن نسلّم كلّ ما أفاده من المقدّمات - فنحن نسلّم الحكم الوضعي هو اعتبار مثل اعتبار المكلية ، ونسلّم أن المصلحة قائمة بنفس الاعتبار ، ونسلم أنّ الاعتبار في مورده يكون ثبوته حقيقياً لقيام المصلحة به ، ونسلّم أنّ المكلف لم تفته المصلحة لأنّ المصلحة ليست في المتعلّق حتى تفوته بل هي موجودة في نفس الاعتبار فإذا تحقق الاعتبار تحققت المصلحة - ، ولكن لا نسلّم النتيجة - التي هي الإجزءا ، لأنه من قال إنّ الاعتبار ثابتٌ من البداية ؟

إنّ المفروض أنّ الاجتهاد الثاني يقول إنَّ ذلك الاعتبار ليس بثابت ، فالمعاطاة لا تفيد الملكية ولا يوجد اعتبار شرعي للملكية ، فإذن كيف نقول بالإجزاء ؟!! فكلّ ما أفاده تامٌّ وصحيح لكنه يتوقّف على أنّه يثبت لدينا بحجّةٍ شرعيّةٍ غير معارضةٍ أنّ الاعتبار ثابتٌ ، أمّا بعد أن تبدّل التقليد وصارت الحجّة الأولى معارضة بالحجّة الثانية فالاعتبار لا نحرز تحقّقه ، فلا يأتي ما أفاده من الإجزاء ، فإنّ الإجزاء فرع ثبوت الاعتبار والاعتبار ليس واضح الثبوت ، نعم نحتمل ثبوته ، ولا نريد أن ندذعي بأنّه ليس بثابت جزماً ، بل لا يوجد مثبتٌ له ، وهذه قضيّة واضحة.

إذن ما أفاده واضح الإشكال لما ذكرنا.

وأما ما أفاده في الوجه الثاني[1] :- فقد أشرنا إليه فيما سبق وأجبنا عنه وقلنا:- نحن نسلّم أنّ التقليد الأوّل هو حجّة في وقته، وأن الحجّة الثانية تبتدئ حجّيتها من حين التقليد الثاني ، ولكن توجد مقدّمة وهي أنّ المكلف إذا أدّى عملاً يلزم أن تكون له حجّة على صحته وأنّه مفرّغ للذمّة ، والحجّة لابد وأن تكون حين العمل وبعده إلى أخر حياة المكلف ، أمّا إذا ارتفعت تلك الحجّة قبل موته فحينئذٍ تأتي قاعدة الاشتغال اليقيني - أي حكم العقل - وتقول له الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني وأنت ليس عندك يقينٌ بالفراغ فلابد وأن تأتي بالعمل من جديد بالشكل الذي تتيقن بأنّ ذمتك قد فرغت.

وإذا قبلنا بهذه المقدّمة فنقول:- لإنَّ التقليد الأوّل وإن كان حجّة ولكنّه حجّة على صحّة العمل إلى حين التقليد الثاني ومن حين التقليد الثاني زالت حجّته ، فالتقليد الأوّل لا يصطحب الملكف إلى آخر حياته ، يعني لا يمكن للمكلف أن يقول عندي حجّة إلى آخر حياتي فإنّ تلك الحجّة قد زالت قبلاً وإلا لو لم تزل وكانت باقيةً فلماذا لم تتّبع رأي الأوّل في الأعمال الجديدة ؟!! فعدم جواز اتباعه كاشفٌ عن زوال الحجيّة.

إذن لابد وأن تكون عند المكلف حجّة تصطحبه إلى آخر حياته وهي التقليد الثاني أما الرأي الأوّل فلا يمكن يكون هو الحجة لأنّه قد انتهت حجّيته من حين التقليد الثاني ولذلك لا يجوز الإتيان بالأعمال على طبقه ، وهذه نكتة ظيفة ينبغي الالتفات إليها.


[1] يعني أنّ حجية التقليد الثاني تبتدئ من حين حصول التقليد الثاني وليس من البداية فتبقى تلك الحجة الأولى على حالها هي حجّة.